لماذا وإلى أين ؟

تركيبة مجلس الأمناء.. أي انسجام مع التراتبية واستقلالية الجامعة ؟

*عبد الحق غريب

دون الدخول في تفاصيل مضامين القانون 59.24 أو إبداء موقف نقدي منه (ذلك موضوع لمقال لاحق)، نطرح هنا فقط سؤالا بخصوص منطق التراتبية في تركيبة مجلس الأمناء، كما جاء بها هذا القانون.

السؤال: هل يُعقل أن يترأس مجلس الأمناء شخصية مُعينة بمرسوم حكومي، بينما يضم المجلس في عضويته واليا يعينه الملك بظهير ؟

جدير بالذكر أن القانون 59.24، الذي أثار نقاشا واسعا وخلق توترا وقلقا في الساحة الجامعية، جاء بمقاربة جديدة للحكامة داخل الجامعة العمومية (فضلا عن قضايا أخرى مثل التعليم الخاص وتنظيم الطلبة…)، حيث نص على إحداث جهازين أساسيين : مجلس الأمناء ومجلس الجامعة (المادة 29)..

المثير في مجلس الأمناء، الذي لم يكن ينص عليه القانون 00-01، أن رئيسه يُعين بمرسوم، باقتراح من السلطة الحكومية المكلفة بالتعليم العالي (المادة 31)، بينما يضم المجلس ضمن أعضائه والي الجهة أو من ينوب عنه (المادة 30).

لنتأمل… يعتبر منصب الوالي ضمن المناصب السامية، التي يُتداول بشأنها في مجلس وزاري، وتتوج بتعيين ملكي، بموجب ظهائر.. وهو الممثل الأول للسلطة المركزية على مستوى الجهة..

بينما منصب رئيس مجلس الأمناء، يُتداول في مجلس حكومي، ويتم تعيينه من قبل رئيس الحكومة بمرسوم.

هكذا يوحي تكوين مجلس الأمناء، وفق ما جاء به القانون 59.24، بأن والي الجهة الذي يمنحه النظام الدستوري سلطة واعتبارا وازنين على المستوى الجهوي، يوجد تحت رئاسة شخص مُعين بمرسوم حكومي.. بعبارة أخرى يمكن القول أن هذا الأخير “فوق” الوالي داخل هذا الجهاز، وهو ما يتناقض مع منطق التسلسل الإداري الطبيعي، حتى وإن كانت المادة 30 تنص على إمكانية تمثيل الوالي من طرف نائب عنه.

هذا الترتيب يفتح الباب أمام تداخل غير متوازن للسلطات ويُضعف من رمزية منصب الوالي.. مع الإشارة إلى أن النقابة الوطنية للتعليم العالي والنقابة الوطنية لموظفي التعليم العالي والأحياء الجامعية والاتحاد الوطني لطلبة المغرب يرفضون رفضا قاطعا وجود الوالي في أي جهاز من أجهزة الجامعة، على اعتبار أن حضوره في تركيبة هذه الأجهزة يُعد مسا مباشرا باستقلالية الجامعة وحيادها، فضلا عن ما يخلقه من التباس في حدود الأدوار بين السلطة الأكاديمية وسلطة الداخلية.

الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي “آشكاين” وإنما عن رأي صاحبها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x