2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
عبارة “مجلس العرش”: زلة لغوية أم مؤشر على اختراق أجنبي لمطالب جيلZ؟

في خضم النقاش العمومي الذي أثاره البيان المطلبي الأخير لحركة “جيل Z” والموجه إلى جلالة الملك، مرت على الكثيرين عبارة بدت عادية في ظاهرها، لكنها حملت في طياتها دلالات مقلقة، قد تكشف عن أكثر من مجرد خطأ لغوي أو خلل في الصياغة.
العبارة وردت في مستهل البيان ونصها:“بأن مجلس العرش سيظل وسيطا لأمن الوطن واستقرار شعبه وضمانا لكرامته.”من منظور دستوري صرف، لا وجود لمؤسسة تدعى “مجلس العرش” في النظام المغربي، فالدستور واضح في تراتبيته واختصاصاته: الملك، بصفته أمير المؤمنين ورئيس الدولة، يمارس صلاحياته السيادية مباشرة، دون وساطة من أي هيئة أخرى.
حتى “مجلس الوصاية” الذي يرد نظريا في حالة شغور العرش، لم يعد له أي دور عملي بعد بلوغ ولي العهد سن الرشد القانونية. الخطأ لم يثر الانتباه في البداية، إلى أن فطن له الإعلامي والمحلل السياسي محمد التيجيني، الذي كان أول من أطلق تحذيرا علنيا بشأنه.
التيجيني لم يكتف بالإشارة إلى وجود خلل، بل قدم تفسيرا مركبا: ظهور هذه العبارة لا يبدو عفويا، بل قد يكون نتاج الاستعانة غير المدققة بأدوات الذكاء الاصطناعي، مثل ChatGPT، في صياغة البيان، وهو ما قد يفسر تسلل عبارة مستوردة من تجارب ملكية أجنبية أو من بقايا المصطلحات الاستعمارية، مثل “Conseil du Trône” الذي أنشأته سلطات الحماية الفرنسية في عام 1955 لتولي سلطات شكلية خلال نفي السلطان محمد الخامس، ثم اختفى مع عودته الشرعية.
هذا الربط بين المصطلح، وأصله التاريخي، وأداة إنتاجه، كان بمثابة المفتاح التحليلي الذي قاد إلى طرح سؤال أكثر خطورة: ماذا لو لم يكن كاتب البيان مغربيا أصلًا؟ أو على الأقل: هل من الممكن أن تكون بعض منصات الحركة قد تعرضت لاختراق، أو لتوجيه غير مباشر، عبر أدوات رقمية تخفي هوية المتدخلين وتسمح بتمرير مضامين لا تعكس المرجعية الوطنية؟ فالوقوع في هذا النوع من الأخطاء ليس تفصيلا.
لا يتصور أن شابا مغربيا على دراية بأسس النظام السياسي لبلاده يمكن أن يقحم “مجلس العرش” في رسالة رسمية موجهة إلى الملك. الخطأ إذن ليس فقط لغويا، بل مفاهيميا سياسيًا، وقد يكون مؤشراً على فجوة في التدقيق، وربما اختراق في القرار، ما يعزز هذه الفرضية هو ما يتردد بشأن استخدام الحركة لتطبيقات مشفرة مثل “DISCORD” في التنسيق، وهي منصات تتيح للمستخدمين العمل تحت أسماء مستعارة، وتصعب معرفة الهوية الحقيقية لمن يحرر أو يوجه أو يصادق على البيانات.
وفي هذا السياق، يصبح من المشروع تماما التساؤل: من يحرر فعليا هذه الوثائق؟ هل تتوفر ضمانات كافية تمنع اختراقها أو توظيفها من خارج البلاد؟وهل يملك أعضاء الحركة سيطرة حقيقية على خطابهم، أم أن هناك عناصر مجهولة تندس في الخلفية، وتوجه الخطاب عن سوء نية؟
وبينما ترفع “جيل Z” شعارات الشفافية والحكامة والديمقراطية، فإن الغموض الذي يلف هياكلها التنظيمية يضعها في مواجهة تساؤلات جوهرية: من يمثل من؟ ومن يقرر ماذا؟ ومن يضمن أن هذه المطالب وطنية خالصة وغير موجهة أو مطعمة بخطاب غير سيادي؟
العبارة التي مرت عرضا على الكثيرين كانت، بالنسبة للبعض، مجرد سهو في التعبير. لكنها بالنسبة للمحللين اليقظين، كانت ناقوس خطر.خطأ صغير، لكنه يفتح نافذة على سؤال أكبر:هل نحن أمام زلة تقنية.. أم أمام اختراق ناعم؟ما فعله التيجيني في هذه الحالة لم يكن مجرد تصحيح لغوي، بل كشف لمسار.
قراءة صغيرة لعبارة واحدة قادته إلى تسليط الضوء على ضرورة حماية الحركات الشبابية من التوجيه الغامض، وعلى أهمية أن يكون أي خطاب موجه إلى رأس الدولة نابعا من عمق السيادة الوطنية، لا من واجهات رقمية مجهولة المصدر.
جيل Z، بكل طاقته وحماسه، يمتلك مشروعية الطرح، لكنه مدعو اليوم، أكثر من أي وقت مضى، إلى ضمان نظافة مساره، ووضوح خطابه، واستقلاليته التامة عن أي تأثير خارجي، فحين يترك الخطاب السياسي مفتوحا على المجهول، تصبح السيادة الوطنية معرضة للاختراق.
عندما طرح التيجاني هذه النقطة قلت في حينها انها ليست زلة لسان بل هناك خلفية وراءها وأنها مقصودة ويجب التعامل معها بجدية دون اضفاء التبريرات الخاوية…….
ملاحظة لا بمكن ان ينتبه اليها الا صحافي متمرس وعلى دراية بالتاريخ واللغة وبنية نظام الحكم..وفوق هذا وذاك بالتكنولوجيات الرقمية والذكاء الاصطناعي تحديدا…برافوو التيجيني
ولماذا لم تتخذ السلطات المغربية قرارا بحضر هذا الموقع في المغرب بصفة نهائية ويمكنهم فعل ذلك لو كانت لديهم الإرادة السياسية للحفاظ على استقرار البلاد