2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
هل يغير “جيل زد” وجه السياسة في المغرب؟ .. العلام يجيب

الطوبي محمد
استطاع مجموعة من الشباب “القادمين” من منصة “ديسكورد” والذي كان عبارة عن منصة رقمية للعب، خَلق الحدث في المغرب، وخلخل المشهد السياسي برمته، إلى درجة فاجأت الكثير من المتتبعين.
“جيل زد” الذي كان ينظر له الكثيرون، قبل أيام، على أنه غير مهتم وغير مبال وسهل الانقياد، أثبت أن السياسة لم تعد حكرا على النخب ولا على أحزاب هرمت في مكاتبها المكيفة، بل إن السياسة اليوم يمكن أن تبدأ من شاشة هاتف ومنصة، لتنطلق للشارع وتغير معادلاته.
يرى الباحث في القانون الدستوري والعلوم السياسية، عبد الرحيم العلام، بأن “أي حجرة في مياه راكدة ستحدث موجات”، مؤكدا أن “كل الديناميات التي يعيشها المجتمع تترك أثرها سواء تم الإعلان عن ذلك أو لا”.
وشدد العلام، ضمن تصريح لجريدة “أشكاين” الإخبارية على أن “حراك ‘جيل زد’ يحمل ما هو استراتيجي سيظهر على المدى البعيد، والمرتبط أساسا بالوعي السياسي، ويحمل ما هو أني”.
وأضاف العلام أن هذا الجيل “الذي كان موصوما باللامبالاة والتفاهة أصبح فاعلا، وله إحساس بالانتماء لجماعة سواء كان منخرطا فعليا في الحراك أو متضامنا معه من بعيد”، مبرزا أن ما يحدث اليوم “يشبه ما وقع مع حركة 20 فبراير، التي تركت بصمتها في الوعي الجمعي والسياسي للمغرب”.
في المقابل، شدد الباحث في العلوم السياسية على أن ”جيل زد” مطالب بالانتقال من ”الشخصنة إلى المأسسة”، موضحا أن “ربط الفساد بأشخاص مثل رئيس الحكومة أو الوزراء يختزل المشكل، لأن الحل يكمن في المطالبة بسن القوانين، من قبيل تجريم الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح”، معتبرا أن “إقالة الحكومة مطلب مهم، لكنه سيفرض مستقبلا على أي حكومة أن تأخذ صوت المجتمع بعين الاعتبار”.
ويرى متتبعون أن حراك “جيل زد” يمثل بداية تحول في مفهوم المشاركة السياسية، إذ لم تعد الأحزاب أو النقابات هي الوسيلة الوحيدة للتأثير، بل أصبح الفضاء الرقمي امتداد جديد للمجتمع المدني، كما وصفه العلام: “كل شيء باستثناء الدولة، من الحزب إلى ديسكورد وتيك توك، كلها اليوم أدوات للفعل السياسي”.
وأكدت الأحداث التي يعيشها المغرب منذ نهاية شتنبر الماضي أن “جيل زد” لم يعد ينتظر إذنا من أحد لدخول المعترك السياسي للمغرب، ودخله الفعل بخطاب عفوي، وصياغة بسيطة، ووسائل تكنولوجية لا تؤمن بالتراتبية والبيروقراطية الحزبية، حيث استطاع أن يخلق نقاشا وطنيا حول قضايا لا تهمه وحده قط، بل تهم كل المغاربة وعلى رأسها الصحة والتعليم ومحاربة الفساد.
لكن يجب التنبيه إلى أن الجيل الذي تربى على “سرعة الإنترنت” لا يريد انتظار بطء الإصلاحات، والجيل الذي يرى العالم عبر شاشة هاتفه لا يقبل أن يُدار وطنه بعقلية الأرشيف الورقي.