لماذا وإلى أين ؟

“جيل زد” يُحيي معركة الفساد.. والغلوسي: الحكومة لا تملك إرادة لمحاربة “لوبي تغوَّل على الدولة”

آشكاين/الطوبي محمد

استطاعت الدينامية التي خلقها “جيل زيد” من خلال رفعه لمطلب محاربة الفساد، ضمن مطالبه الثلاث الأولى، إعادة النقاش العمومي حول واحدة من القضايا الرئيسية التي تحتاج إلى الوقوف عندها، والتي تناولها محمد بشير الراشدي، الرئيس السابق للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، والذي أقرَّ أن كلفته تقارب 50 مليار درهم سنويًا، أي أكثر بـ18 مليار من ميزانية الصحة وأكثر من نصف ميزانية التعليم.

ومعلوم أن الحكومة التي يقودها عزيز أخنوش كانت دائمًا متهمة بـ“التساهل مع الفساد”، بل هناك من يعتبر أنها “تحميه وتوفر له بيئة مناسبة”، الأمر الذي ساهم في تغذية الغضب الشعبي ضدها ورفع منسوب الاحتقان في الشارع المغربي وفق الكثير من المتتبعين.

وحصل المغرب، وفقًا لتقرير منظمة الشفافية الدولية لسنة 2024، على 37 نقطة من أصل 100 في مؤشر مدركات الفساد. كما أصدرت الهيئة الوطنية للنزاهة تقريرًا سنويًا في 2023، أشارت فيه إلى أن المغرب شهد تراجعًا في مؤشر مدركات الفساد على مدى السنوات الخمس السابقة، حيث انتقل من المرتبة 73 عالميًا في 2018 إلى المرتبة 97 في 2023، مع انخفاض في النقاط من 43 إلى 38.

في تعليق على هذا الوضع، وإدراج مطلب محاربة الفساد ضمن المطالب الرئيسية لـ”جيل زد”، قال محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، إن “معركة محاربة الفساد لم تُحسَم بعد ولم يتم التجاوب معها” موضحًا أن “إسقاط الفساد ومحاسبته ومحاكمة لصوص المال العام والمفسدين ظلت من المطالب الرئيسية للمجتمع بأطيافه المختلفة وعبر دينامياته المتعددة”.

وأضاف الغلوسي، ضمن تصريح لجريدة “أشكاين” الإخبارية، أن “جيل زد هي دينامية أخرى من نفس السيرورة، الحاملة لنفس المطالب ونفس الشعارات، بما يفيد أن هناك غياب للإرادة السياسية الحقيقية لمواجهة ظاهرة الفساد ويُعرِّي عن كون الدولة تتعاطى مع موضوع محاربة الفساد بتعامل ظرفي تكتيكي”.

وتابع الغلوسي قائلًا: “اليوم نعتقد أنه لم يعد هناك أي مجال للرهان على الوقت وإطلاق نوايا وشعارات لامتصاص السخط والتذمر الاجتماعي، والأمر بحاجة إلى جرأة وقرارات مفصلية ذات مضمون اقتصادي واجتماعي قادرة على التجاوب مع انتظارات المجتمع من جهة ومع السياق الحالي المتسم بالاختناق على كافة المستويات”.

وحول العلاقة بين محاربة الفساد وإصلاح التعليم والصحة، أكد الناشط الحقوقي والمحامي بهيئة مراكش، أن “هناك علاقة أكيدة”، موضحًا، “مثلاً لقد تم تخصيص 48 مليار درهم للبرنامج الاستعجالي لإصلاح التعليم، تبخرت الأموال لكن دون نتيجة ودون أي إصلاح، وبعد عشر سنوات لازلنا نرفع نفس الشعار”.

وأضاف، بخصوص تأثير الفساد على قطاع الصحة، “المستشفيات اليوم تدفع تكلفة الفساد باعتبار أن كل الميزانيات والبرامج المخصصة لذلك تعرضت للهدر والتبديد بسبب سيادة الفساد واستغلال موقع المسؤولية وتفويت الصفقات بطرق احتيالية”.

واستطرد الغلوسي قائلًا: “أصل كل المشاكل، سواء تعلق الأمر بالتعليم أو الصحة أو غيرها من البرامج الأخرى، هو سيادة الفساد الذي يشكل معضلة حقيقية،” مشددًا على أنه “آن الأوان اليوم لوضع حد لنزيف الفساد ووقف سياسة الإفلات من العقاب”.

وعن استعداد الحكومة لمحاربة الفساد، قال الغلوسي إن “كل المؤشرات تؤكد أن هذه الحكومة، التي يمكن تسميتها بحكومة تضارب المصالح وحكومة زواج السلطة بالمال، لا نية لها في ذلك، ولم تباشر ورش مكافحة الفساد رغم مرور أربع سنوات على تنصيبها”.

وذكَّر الناشط الحقوقي بأن “هذه الحكومة سحبت قانون الإثراء غير المشروع، وفشلت في إعادة النظر في قانون التصريح الإجباري بالممتلكات، والاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد التي لم يتم تنزيلها على أرض الواقع، واللجنة الوطنية لمكافحة الفساد”.

ويرى الغلوسي أن “لوبي الفساد تغوَّل على الدولة والمجتمع”، موضحًا أن هذا اللوبي “تطاول على القضاء وقزَّم صلاحيات النيابة العامة في تحريك الأبحاث في مواجهة لصوص المال العام، وعزل المجتمع عن هذه المعركة، وهو ما تجسده بشكل واضح المادة 3 و7 من قانون المسطرة الجنائية”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
0
أضف تعليقكx
()
x