2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
لغة الوزراء لا يفهمها جيل Z والتواصل ليس مجرد الظهور في الإعلام (امنزو)

بعد حوالي أسبوعين من أول خرجة لـ”جيل زيد” يوم 27 شتنبر الماضي، استطاعت “الحركة” التي تحولت إلى الرقم الأهم في المشهد السياسي المغربي، ودفعت، بعد أيام من “التجاهل”، الحكومة المغربية، للخروج بشكل دائم على القنوات العمومية بل وحتى في برامج “البودكاست”، لشرح وجهة نظرها بعد أن عاب عليها الكثيرون عدم تفاعلها وهروبها نحو الصمت.
وزراء حكومة عزيز أخنوش كانوا دائما، وعلى امتداد أربع سنوات، متهمين بـ”الهروب” من الإعلام، وفي أسبوع واحد، أي بعد نهج الحكومة خيار التواصل والخروج للإعلام، ربما تجاوزت عدد خرجات الحكومة تلك التي قام بها وزراؤها لمدة أربع سنوات كاملة، الأمر الذي يحسب لنشطاء “جيل زيد” الذين استطاعوا فك عقدة لسان الحكومة، و”إرغامها على التفاعل والتواصل”.
وزير الشباب والثقافة والتواصل محمد المهدي بنسعيد شدد على استعداد الحكومة لمقابلة الشباب ومناقشة مطالبهم في التعليم والصحة، مؤكدا على “ضرورة وجود ممثلين فعليين للحركة لتسهيل الحوار”.
واعتبر بنسعيد، في احدى خرجاته الإعلامية، أن المشاكل التي يطرحها الشباب تراكمت عبر سنوات من السياسات الحكومية السابقة، وأن “الحكومة مستعدة للاستماع واقتراح حلول عملية على أي منصة كانت”.
من جهته أكد وزير التجهيز والماء نزار بركة ركز على مساءلة الأداء الحكومي، على ضرورة تقديم حصيلة الوزارات ومساءلة الوزراء، مشددا على أن حزبه لن يصمت أمام الاختلالات والتجاوزات داخل الأغلبية الحكومية.
أما الوزير التجمعي كريم زيدان فقد أشار إلى أن الحكومة لم “ترتكب فضائح كبيرة تستدعي حلها”، معتبرا أن “مطالب الشباب معقولة” وأن الحكومة مستعدة للحوار معهم، مشيرا إلى التحركات الوزارية في عدد من المدن لتقريب الجمهور من قرارات الحكومة والاستماع للشباب.
أما وزير الإدماج الاقتصادي يونس السكوري فقد ركز على “التفاعل الاستراتيجي” مع مطالب الشباب، مؤكدا فهم الحكومة للرسائل الشبابية واستعدادها لإطلاق حوار جاد ومنظم وشفاف. وأضاف أن الحكومة تميز بين التعبير السلمي والتخريب، وأنها تعمل على إعادة ترتيب الأولويات لتلبية مطالب المجتمع ضمن أفق زمني محدد.
الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس شدد على جاهزية الحكومة لـ”الحوار المباشر” مع الشباب، مع الاعتراف بالتأخر في قطاعات التعليم والصحة، ودعا الشباب إلى تقديم مقترحات عملية بدل الشعارات، مؤكدا أن التواصل ضرورة لإيجاد حلول فعلية.
وأشار كاتب الدولة المكلف بالإدماج الاجتماعي عبد الجبار الراشدي، خلال مروره على القناة الثانية، إلى أن الحكومة مستعدة لنقل النقاش من الشارع إلى المؤسسات الرسمية، ووضع أجندة محددة لتنفيذ الالتزامات، مع التشديد على الحق في التعبير السلمي ورفض التخريب، مؤكدا الحاجة إلى التعجيل بالخطوات وضمان شفافية الحوار.
تعليقا على هذه الخرجات اعتبر الدكتور في التواصل السياسي بلقاسم امنزو أن “الحكومة لم تكن موفقة في خرجاتها التي ركزت على الإعلام”، موضحا أن “التواصل ليس هو فقط الظهور في الإعلام”، وأن اللغة التي استعملها الوزراء “لا يفهمها جيل زيد”.
وأضاف امنزو، ضمن تصريح لجريدة “أشكاين” الإخبارية، أن “من أبجديات التواصل هو استعمال لغة تفهمها الجهة التي تريد توصيل الرسالة إليها”، مشيرا إلى أن خرجة وزير الصحة تهراوي، مثلا، التي أشاد بها مؤيدو الحكومة، “لم تكن موفقة”.
وأكد الخبير في التواصل السياسي أن التواصل السياسي يشمل مجالات متداخلة من اللسانيات والسيمياء والسياسة والإعلام والعلاقات الدولية، بينما ما نشاهده اليوم في كثير من الحالات “لا علاقة له بالتواصل السياسي في مفهومه العلمي”، بل يتعلق بـ”تقنيات تواصلية بسيطة ضمن أنشطة تسويقية تهدف لتلميع الصورة”.
رغم كل ذلك، يبقى أن الخروج الإعلامي المكثف للحكومة يمثل خطوة غير مسبوقة مقارنة بأربع سنوات من الصمت، ويظهر أن حركة “جيل زيد” نجحت في دفع السلطة إلى التفاعل معها، ولو بشكل جزئي، وفتح النقاش حول مطالب الشباب في التعليم والصحة والتشغيل.
وما يظهر من تصريحات الوزراء والتقييمات الأكاديمية أن الحكومة قد أدركت ضرورة الحوار، لكن الطريق نحو تواصل حقيقي ومؤثر مع الشباب لا يزال يتطلب تعديل اللغة والأسلوب، وتبني مقاربة علمية للتواصل السياسي بعيدا عن التسويق الإعلامي فقط.