2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

لا يزال النقاش حول إصلاح منظومة التقاعد محاطا بالكثير من الضبابية، بعد تعثر الاجتماعات بين اللجنة التقنية لإصلاح التقاعد والمركزيات النقابية والتي كان من المنتظر أن تنطلق يوم 18 شتنبر بعد شروع نادية فتاح العلوي، وزيرة الاقتصاد والمالية بالاتصال بالمركزيات النقابية.
وقد جرى تأجيل النقاش دون موعد محدد، ليعرف المغرب بعدها بداية موجة احتجاجات جيل Z. لتبقى الأسئلة معلقة ما إن كانت الاحتجاجات التي عرفتها شوارع المملكة طيلة أسبوعين سببا في تعثر لقاء لجنة إصلاح التقاعد، أم أن الحكومة الحالية تؤخر الملف لاعتبارات أخرى.
في هذا السياق قالت النقابية رجاء كساب عضوة المكتب الوطني للكونفدرالية الديمقراطية للشغل أن التجربة أظهرت صعوبة تأثر الحكومة المغربية بالاحتجاجات، أي أنه من الصعب الحديث عن تعثر الاجتماع بسبب الاحتجاجات.
وأضافت كساب في تصريح لجريدة “آشكاين” أن “الرأي العام المغربي تابع كيف تم تمرير المراسيم التطبيقية للقوانين الصحية رغم الاحتجاجات، وهو ما سيؤدي مستقبلا إلى تسليع الخدمات الصحية وضرب الحق في العلاج، وهنا نفهم أن توقف الاجتماعات لا يرتبط بحركة أو احتجاج”.
وشددت النقابية على أن “الحكومة الحالية تفتقر إلى الوضوح في تسيير ورش إصلاح التقاعد، مؤكدة أن الكونفدرالية كانت دائما منفتحة على الحوار والتفاعل مع جميع الدعوات الرسمية، لكنها لم تلمس جدية حقيقية أو إرادة سياسية واضحة لمعالجة الملف بشكل عادل ومتوازن”.
وعلاقة باحتجاجات جيل z قالت المتحدثة إن “الأولوية اليوم هي الاستماع لصوت الشارع ونبض الاحتجاجات، موضحة أن هاته المطالب تحتل مكانة أكبر وهي مطالب آنية يجب الاستماع لها في الوقت المناسب”.
وعن مسار إصلاح التقاعد قالت كساب إن هذا الملف انخرطت فيه النقابة منذ سنوات، موضحة أن الكونفدرالية شاركت في جميع اللجان المعنية منذ ما قبل حكومة عبد الإله بنكيران، التي جاءت بعد لجنة تقنية أنجزت عملا كبيرا، وخرجت بخلاصات وتوصيات مهمة.
وأضافت المتحدثة أن حكومة بنكيران، عند توليها المسؤولية، اختارت ما سمته “إصلاحا قياسيا” انصب فقط على الصندوق المغربي للتقاعد الخاص بموظفي القطاع العام، وتم في المقابل إقبار نتائج اللجنة السابقة، التي كانت تدعو إلى اعتماد نظام مزدوج يقوم على قطب للقطاع العام وآخر للقطاع الخاص، مع توحيد المعايير وآليات الاشتغال.
بالعودة للحكومة الحالية، قالت كساب أن “السيديتي واصلت انخراطها في هذا الملف مع حكومة عزيز أخنوش بعد توقيع اتفاق 30 أبريل 2022، حيث تم إنشاء لجنة جديدة، وعينت النقابة ممثليها من ذوي الخبرة في صناديق التقاعد المختلفة لضمان نقاش مثمر”.
غير أن الاجتماعات التي عقدتها الحكومة، حسب المتحدثة، “لم تفض إلى نتائج ملموسة، بعدما عرضت الحكومة خلاصات دراسة أنجزها مكتب مختص تضمنت التشخيص والتصور العام، وهو ما رفضه ممثلو الكونفدرالية بشكل قاطع، مؤكدين ضرورة إشراكهم في كل مراحل النقاش، بما في ذلك مرحلة التشخيص، باعتبارهم يتوفرون على معطيات دقيقة من داخل الصناديق نفسها”.
وأشارت النقابية إلى أن “الكونفدرالية كانت قد طالبت بتمكينها من كل البيانات والمعطيات الضرورية من أجل إعداد تشخيص مشترك يُفضي إلى حلول ناجعة ومستدامة لا تمس مكتسبات المغاربة، خاصة أن أنظمة التقاعد لم تعد تهم الأجراء فقط، بل تشمل المهنيين المستقلين وفئات واسعة من المجتمع”.
وأكدت المصرحة أن النقاش توقف في مرحلة لاحقة رغم تأكيد الحكومة حينها أن المقترحات المقدمة تعود لمكتب الدراسات وليست نهائية. كما طلبت الحكومة فرض سرية على النقاشات وعلى وثائق الدراسة، وهو ما رفضته الكونفدرالية رفضا تاما، معتبرة أن هذا ملف وطني يهم جميع المغاربة، ولا يمكن مناقشته في غرف مغلقة.
وانتقدت كساب ما أسمته “غياب الوضوح في تصريحات الحكومة” معتبرة أنه يزيد الغموض منبهة إلى أن الصندوق المغربي للتقاعد، الذي يعتبر من أكثر الصناديق تأثرا، كان متوقعا أن يعاني من عجز يبلغ 28 مليار درهم، لكن بفضل الزيادات الأخيرة في الأجور تراجع العجز إلى نحو 30 مليارا، مع احتمال ارتفاعه في المستقبل.
وختمت كساب بالقول أن الظرفية الحالية لا تجعل من التقاعد أولوية، في ظل الأزمات الاجتماعية التي يعيشها المغرب، مشيرة إلى أن الأولوية يجب أن تكون لمطالب الشعب المغربي في الديمقراطية ومحاربة الفساد وتحسين الخدمات الاجتماعية، وعلى رأسها التعليم والصحة.