لماذا وإلى أين ؟

العلام يرصد آثار استمرار الاحتجاجات على نتائج الانتخابات المقبلة

يشهد المغرب استمرار احتجاجات واسعة لشباب جيل زد، الذين خرجوا للتعبير عن مطالبهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في الشارع وعبر شبكات التواصل الاجتماعي ومنصات التعبئة الشعبية.

هذه التحركات أثارت نقاشا حول فعالية المشاركة السياسية، خصوصا في ظل دعوات مقاطعة الانتخابات كوسيلة للضغط على النخبة السياسية أو للتعبير عن الرفض أو لمواقف سياسية لأحزاب أو تنظيمات سياسية.

ويطرح هذا السياق تساؤلات حول جدوى المشاركة ودور الاحتجاجات في التأثير على السلوك الانتخابي، ومدى قدرتها على تشكيل مخرجات العملية السياسية خلال الأشهر المقبلة، في ظل استمرار الزخم الاحتجاجي وتصاعد الحملات المكثفة لدعم المطالب الشعبية.

تفاعلا مع الموضوع، قال عبد الرحيم العلام، أستاذ القانون الدستوري والفكر السياسي بجامعة القاضي عياض، “إن التنبؤ بتأثير دعوات المقاطعة على الانتخابات المقبلة في المغرب يبقى صعبا”.

وأشار في تصريح لجريدة “آشكاين” إلى أن “الفترة المتبقية قبل هذه الانتخابات تقدر بنحو عشرة أشهر، وهي فترة كافية لحدوث تغييرات قد تؤثر على المشهد الانتخابي، لكن من الناحية التحليلية، من الصعب التحديد بشكل قاطع مدى تأثير هذه الدعوات على النتائج النهائية”.

وأضاف الباحث الأكاديمي أن استمرار الاحتجاجات بنفس الزخم قد يؤدي إلى زيادة انتشار دعوات المقاطعة”. موضحا “أنه من الضروري التمييز بين 3 أشكال للتفاعل مع الانتخابات: اللامبالاة، والعزوف، والمقاطعة”.

نفهم من حديث المحلل السياسي، أن فئة اللامبالاة تشمل الأشخاص غير المهتمين بالمشاركة السياسية أو الاحتجاجات أو النقابات، وهي موجودة في جميع الدول بدرجات متفاوتة. أما العزوف، فهو نتيجة ممارسات سياسية معينة أو وعود لم تُنفذ، ويؤدي إلى انسحاب المواطنين من العملية الانتخابية.

في المقابل، المقاطعة بحسب المتحدث هي “فعل واع يرفض صاحبه المشاركة في الانتخابات لأسباب سياسية، سواء بسبب غضبه على النخبة الحاكمة أو على قواعد اللعبة السياسية نفسها، وهي بالتالي تعتبر الأكثر فاعلية من حيث التعبير عن الموقف السياسي، لكنها لا تعني بالضرورة تأثيرًا قويًا على النتائج في ظل غياب حد أدنى إلزامي لنسبة التصويت في المغرب”.

وأشار الباحث الأكاديمي إلى أن التاريخ الانتخابي في المغرب يوضح أن نسب المشاركة المنخفضة لا تعيق اعتماد نتائج الانتخابات، فحتى مع مقاطعة كبيرة أو عزوف واضح، يتم اعتماد النتائج بشكل قانوني.

واستشهد المصدر ذاته بالانتخابات التي تزامنت مع 20 فبراير، “حيث كان عدد المصوتين نحو ستة ملايين من أصل حوالي أربعة وثلاثين مليون ناخب، رغم أن نسبة كبيرة من المواطنين قاطعوا التصويت أو امتنعوا عنه، وما زالت النتائج تعتمد قانونيا”.

وأوضح العلام أن “الانتخابات ذات المشاركة المنخفضة تجعل البلاد أكثر عرضة لمخاطر سياسية، إذ تتيح مساحة أكبر للاحتجاجات والتوترات الاجتماعية، فيما المشاركة الانتخابية الواسعة تعمل على تقليل هذه الأعمال الاحتجاجية”، أو ما يسميها بـ”المشاركة السياسية الساخنة، وتجعلها أكثر تحكما وانضباطا ضمن إطار سلمي وقانوني”.

وشدد المصدر على أن “استمرار الاحتجاجات المكثفة قد يعزز دعوات المقاطعة، خاصة إذا رافقتها حملات إعلامية وتعبوية واسعة، مشيرا إلى أن السيناريوهات تتوقف على موقف الحكومة واستجابتها لهذه الضغوط”.

وشرح المتحدث أن الحكومة “إذا استمرت في مهامها دون استجابة واضحة، فإن دعوات المقاطعة قد تبقى محدودة التأثير، أما إذا أدى زخم الاحتجاجات إلى استقالة الحكومة فقد ترتفع نسبة المشاركة في الانتخابات، ويصبح لتلك الاحتجاجات تأثير مباشر على المشاركة السياسية”.

مؤكدا على أن المقاطعة، “رغم أنها قد لا تؤثر بشكل مباشر على النتائج، تشكل مؤشرا مهما على مستوى الاحتجاجات والمطالب الشعبية، وتشير إلى مدى رضى المواطنين أو استيائهم من أداء المؤسسات السياسية، كما تعكس ديناميات التفاعل بين الاحتجاج السلمي والمشاركة الرسمية في الحياة السياسية”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x