2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
قبل 24 سنة، في مثل هذا اليوم من سنة 2001، ألقى الملك محمد السادس خطابا من بلدة أجدير بإقليم خنيفرة، أعلن فيه عن ميلاد مرحلة جديدة في مسار الاعتراف بالثقافة واللغة الأمازيغيتين، من خلال إحداث المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية.
اليوم، وبعد مرور 24 سنة على خطاب أجدير، تتجدد الأسئلة حول ما تحقق من أهداف تلك اللحظة التأسيسية، ومدى تقدم مسار تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية في التعليم والإدارة والإعلام والحياة العامة.
مناسبة تستحضر فيها دلالات الخطاب ورهانات المرحلة المقبلة، في ظل استمرار النقاش حول السياسات اللغوية والثقافية في المغرب، وحول ما إذا كانت الإرادة التي أعلنها خطاب أجدير قد وجدت طريقها الكامل إلى التطبيق.
في هذا السياق، قال الباحث في الثقافة الأمازيغية والناشط الحقوقي أحمد عصيد، أن تقييم ورش الأمازيغية بعد ربع قرن من خطاب أجدير” يكشف استمرار العقليات القديمة التي تربت في حضن الإيديولوجيا الإقصائية العروبة والإسلام، التي لم تكن تعترف بهوية وثقافة الشعب المغربي.
وأشار عصيد إلى “أن هذه العقليات لا تعترف بمرجعيات الدولة الحديثة، وتصر على ممارسة سياسة النعامة تجاه الأمازيغية. وما تزال متجذرة في الجهاز الإداري المغربي وبعض الأوساط الرسمية”.
ونبه الناشط الحقوقي إلى عامل “غياب الموارد البشرية والمالية الكافية”، موضحا أن “تعميم تدريس الأمازيغية في الابتدائي يتطلب 18 ألف أستاذ، بينما لم توفر الوزارة سوى 2200 مدرس خلال عشرين سنة، وهو ما يكشف تقاعسا واضحا عن أداء الواجب تجاه لغة رسمية للدولة”.
وأشار المتحدث إلى “عدم تفعيل القوانين التنظيمية، إذ إن القانون التنظيمي للأمازيغية الصادر في أكتوبر 2019 ما زال حبرا على ورق، ولم تحترم آجاله الزمنية، خصوصا ما يتعلق بتعميم الأمازيغية في التعليم الابتدائي خلال خمس سنوات، وهي المدة التي انتهت منذ 2024 دون تحقيق هذا الهدف، إذ لا تتجاوز نسبة التعميم 10 إلى 14%”.
وأضاف الباحث الأمازيغي أن “ميزانية الأمازيغية التي خصصتها حكومة عزيز أخنوش والمقدرة بمليار درهم، تم ربطها بشكل غريب بوزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، ما أدى إلى توجيه جزء كبير منها نحو رقمنة الإدارة بدل النهوض بالأمازيغية”، معتبرا أن ذلك “يُظهر سوء تدبير واضح لهذا الورش الوطني”.
ورغم هذه الاختلالات، يرى عصيد أن من أبرز الرهانات التي تحققت بعد مرور ربع قرن على خطاب أجدير “ترسيخ الشعور الوطني بالانتماء إلى مغرب متعدد ومتنوع، وإدراك قيمة الأمازيغية كثروة ثقافية ومعرفية تغني الهوية المغربية”.
وأشار في السياق ذاته إلى أن “المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية يمثل الجانب المضيء في هذه المسيرة من خلال إنجازاته العلمية والبيداغوجية، مثل معيرة اللغة الأمازيغية، واعتماد أبجدية تيفيناغ، وتكوين المدرسين، وتأليف الكتب المدرسية، وإعادة قراءة تاريخ المغرب في ضوء التعدد الثقافي”.
وزاد الناشط الأمازيغي بالقول “إذا كانت تجربة المعهد الملكي تمثل الوجه الإيجابي لورش الأمازيغية في الدولة، فإن المؤسسات الحكومية تمثل الوجه السلبي بسبب الإهمال والاستخفاف، إذ ما زال المسؤولون يعتبرون الأمازيغية آخر اهتماماتهم”.
ويذكر أن تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية عرف مسارا طويلا منذ دسترتها كلغة رسمية، حيث صدر القانون التنظيمي رقم 26.16 المتعلق بتحديد مراحل إدماجها وكيفيات تفعيل طابعها الرسمي في أكتوبر 2019، بعد سنوات من النقاشات التشريعية والمجتمعية. وينص القانون على إدماج الأمازيغية تدريجيًا في مجالات التعليم والإدارة والإعلام والعدالة والحياة العامة خلال فترات زمنية محددة لا تتجاوز خمس عشرة سنة.
تعميم الامازيغية لا بد ان يكون عملا مشتركا بين الدولة والمجتمع، لا ان يبقى مطلبا سياسيا تعلق كل الاعباء فيه على الدولة التي تجد صعوبة تقتية وبشرية حتى في توفير كم كاف من المدرسين في العلوم والطب والهندسة، وعى المجتمع المدني والناشطين في الامازيغية ان يفتحو مدارس خاصة ومواقع، فهناك العديد من المغاربة الذين يريدون تعلم الامازيغية ولغة تفناغ حتى في سن متقدم، وبدالك يتم تداولها وتعميمها بشكل واسع في جميع الاعمار، هذا بدلا من جعل الامازيغية مشجابا سياسيا تعلق عليه كل مشاكل البلاد والعباد.