لماذا وإلى أين ؟

بوشطارت: إنسحاب جيل Z الأمازيغي حق مشروع ضد القومية والعروبة

أعلن بيان غير موقع منسوب إلى ما يسمى بـ”جيل زد الأمازيغي”، انسحابه من حركة “جيل زد”، معتبرين أن مسار الحركة انحرفت نحو تيارات إيديولوجية لا تمثلهم. ولم يحمل البيان توقيعا واضحا، ما يطرح تساؤلات حول صحته ومدى تمثيله للشباب الأمازيغ المشاركين في الاحتجاجات.

يأتي هذا البلاغ في سياق نقاشات واسعة حول مشاركة الشباب الأمازيغ في موجة الاحتجاجات، وسط تضارب المواقف والآراء حول الانخراط الفعلي في الحركة، والحدود بين التعبير الرقمي على منصات التواصل الاجتماعي والتواجد الميداني في المدن والساحات العامة.

مصادر مطلعة ومقربة من “الحركة الأمازيغية” أكدت لجريدة “آشكاين” صحة البلاغ الذي لم يحمل توقيعات، وأنه صادر فعلا عن شباب مقرب من الحركة الأمازيغي بتلاوينها المختلفة، من الجامعة إلى الجمعيات المدنية والمتواجدة في الشارع.

المصادر المتطابقة، أفادت أن عدم إدراج أسماء أو صفات يعود لاختيارات فردية مؤكدة تواجدها داخل نقاشات ديسكورد منذ بداية الاحتجاجات. كما أشارت إلى أنها ساهمت في تخليق النقاش غير أنها وبعض تمهل وجدت نفسها مضطرة للإنسحاب.

في هذا السياق، قال عبد الله بوشطارت، الناشط الحقوقي الأمازيغي وعضو مجموعة الوفاء للبديل الأمازيغي، “إن البيانات والنداءات التي أصدرتها حركة جيل زد لا تعبر عن تنظيم له قيادة واضحة أو هياكل معلنة، بل عن ظاهرة رقمية سيبيرانية تعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي كأداة للتعبئة والحشد، مثلها مثل حركات احتجاجية رقمية عرفها العالم في السنوات الأخيرة”.

وأوضح بوشطارت في تصريح لجريدة “آشكاين” أن غياب الأسماء عن تلك البيانات أمر طبيعي بالنظر إلى طبيعتها الافتراضية، مشيرا إلى أن هناك من يحاول أن يقدم نفسه كقيادي ميداني هنا أو هناك، لكن في الحقيقة هؤلاء الشباب ينسقون عبر المنصات الرقمية، ثم يلتقون ميدانيا في المدن والساحات العمومية، حيث تتشكل دينامية شبابية واسعة ومتعددة الاتجاهات، من ضمنها شباب ينتمون إلى الحركة الأمازيغية”.

وشرح المتحدث “أن هذا نفسه ينطبق على شباب جيل زد الأمازيغي الذي لا يمكن أن يتحدث باسمه وصفته”، متسائلا “لماذا لم يطالب أحد بالكشف عن أسماء جيل زد عند ظهورها، بينما اليوم نجد مطالب كثيرة بالكشف عن هويات جيل زد الأمازيغي الذي انسحب بعدما اتجهت الحركة نحو الانجراف في تيارات العروبة والإسلام السياسي”.

وأكد المصدر ذاته “أن الشباب الأمازيغي حاضر بقوة داخل هذه الحركة ومنذ بدايتها وساهم في تأطير الشباب في الشارع لكن ليس من موقع الهيمنة أو التنظيم، بل من موقع الانخراط الطبيعي في قضايا الحرية والكرامة.

وأضاف الناشط “أن شباب جيل زد الأمازيغي له خبرة في الميدان الحقوقي والسياسي وخبر ساحات النضال كذلك. والدافع وراء انسحابه هو النقاشات الدائرة داخل غرف التواصل الافتراضي التي تكشف وجود نزوع لفرض إيديولوجية العروبة والإسلام السياسي وإقصاء الصوت الأمازيغي”.

“واستدل بوشطارت بما وقع في إحدى الجلسات الحوارية التي نظمتها الحركة، حين طرح أحد الشباب سؤالا بالأمازيغية والدارجة على الصحافي أبو بكر الجامعي حول سبب تهميشهم للتيار الأمازيغي والتركيز فقط على اليسار والإسلاميين، فتمت مقاطعته وتهميشه، وهو ما يعبر عن الإقصاء الممنهج داخل تلك الفضاءات”، حسب قوله.

وأضاف المتحدث “أنه من غير المعقول أن تخرج احتجاجات في مدن مثل أكادير والريف والجنوب ومدن جامعية تعرف تواجدا لشباب الحركة الثقافية الأمازيغية دون أن يكون للأمازيغ حضور فيها”. وذكر بأن “الشباب الأمازيغي ساهم في قيادة مسيرات 20 فبراير في الدار البيضاء والرباط وعدد من المدن، وكان المطلب الأول وقتها هو تفعيل اللغة الأمازيغية، متسائلا: ما الذي تغير اليوم حتى يتم إقصاؤهم من هذا الحراك”؟

ويرى المصدر أن “ما يحدث اليوم هو ردة فعل طبيعية من الشباب الأمازيغي ضد الإقصاء ومحاولات فرض الوصاية الإيديولوجية باسم اليسار العروبي أو الإسلام السياسي”. مشددا على “بيان الشباب حقيقي ولا يجب تبخيسه لأنه فقط غير موقع باسم معين”.

وعن أسباب الانسحاب تابع موضحا “نحن نواجه اليوم نزوعا جديدا لدى بعض التيارات العروبية (يسارية وإسلامية) تسعى إلى فرض وصاية فكرية على المجتمع والشباب المغربي، تماما كما تفعل السلطة، بل ربما أشد، لأنها تريد أن تحدد للناس ما يفكرون فيه وما يطالبون به ومن يمثلهم”.

وشدد بوشطارت على أن هذه التيارات “تريد أن تصادر حق الشباب في التعبير عن هويتهم، مشيرا إلى أن اليسار العروبي اليوم يريد أن يستولي على الفضاء العام ويكمم الأفواه تحت غطاء التقدمية، بينما يمارس في العمق نوعا من الإقصاء المنهجي للأمازيغيين”.

وتحدث بوشطارت عن “وجود صراعات داخل الميدان، خاصة في مدينة أكادير، بين تيارات شبابية محسوبة على اليسار الراديكالي داخل الجامعة والشباب الأمازيغي، مشددا على أن الشباب الأمازيغي ينطلق من الثوابت والهوية لا من أفكار مشرقية أو غربية.”

وأكد المتحدث “أن من حق الشباب الأمازيغي أن يعبر عن هويته، وأن يرفض الإقصاء، حتى لو لم يعلن أسماءه خوفا من المواجهة أو العقوبات”، معتبرا أن “على الحركة الأمازيغية أن تحتضن هؤلاء الشباب فكريا وسياسيا، لأنهم جزء من رد فعل طبيعي على عقود من التهميش والإقصاء الثقافي والسياسي”.

وختم بوشطارت قائلا: “إن التيار الأمازيغي يؤمن بالتعدد والاختلاف والديمقراطية، ولا يقبل أن يختزل الحراك المغربي في ثنائية اليسار والإسلاميين. نحن أمام مشروع جديد من الشباب يعبر عن ذاته بطرق سلمية وحضارية، ويرفض أن يكون مجرد تابع لأي أجندة فكرية أو خارجية”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
احمد
المعلق(ة)
19 أكتوبر 2025 11:16

هذه احد مظاهر التفسخ والظعف التي اصبحت تعتري النخبة السياسية المسؤولة عن تاطير المجتمع و التي اصبحت غير قادرة على خلق هوية سياسية واعية بالتحديات والمخاطر وقادرة على توجيه طاقة الشباب نحو وعي وطني يساهم في ترقية المجتمع والدفع به الى بناء مستقبل مشرق يعتمد على الخلق والابداع، في ضل الوحدة والاستقرار.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x