لماذا وإلى أين ؟

صبري يرصد خلفيات “اتفاق السلام” المرتقب بين المغرب والجزائر

أعلن المبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، في مقابلة تلفزيونية ضمن برنامج “60 دقيقة”، أن الوساطة الأمريكية تعمل حاليا على تهدئة التوتر بين المغرب والجزائر، وتوقع الوصول إلى “اتفاق سلام” بين البلدين خلال ستين يوما.

وتأتي هذه المبادرة بعد قطيعة دبلوماسية بدأت في غشت 2021، مما يجعل التحرك الراهن علامة فارقة ربما تمهد لمرحلة جديدة في العلاقات المغاربية.

في هذا السياق، قال المحلل السياسي عبد النبي صبري، إن “الاتفاق المحتمل بين المغرب والجزائر لا يمكن فصله عن النجاحات الكبيرة التي حققتها الدبلوماسية المغربية في السنوات الأخيرة، سواء على مستوى الشراكات الاستراتيجية أو اتفاقيات التبادل الحر التي تجاوزت خمسة وخمسين اتفاقية مع مختلف دول العالم”.

وأوضح أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس، في تصريح لجريدة “آشكاين” أن “المغرب يتموقع اليوم كبلد مستقر في محيط إقليمي مضطرب، في حين أن الجزائر راكمت نكسات متتالية في محاولاتها المناوئة للمملكة”.

وأفاد صبري بأنه “يوجد حاليا مشروع قرار داخل الكونغرس الأمريكي من أجل تصنيف جبهة البوليساريو وما يدور في فلكها كجماعة إرهابية، وهو ما يرتبط بالتطورات الأمنية في منطقة الساحل والصحراء، حيث أصبحت الجزائر محاصرة بالهزائم من كل جانب”.

وأضاف المتحدث أن “التحول المرجح في العلاقات مرتبط أيضا بخطاب الملك بمناسبة عيد العرش، حين أعاد التأكيد على اليد الممدودة لحل الخلاف، مع الإشارة بدقة إلى مبدأ (لا غالب ولا مغلوب)، وهو خطاب وزن بعناية فائقة ويحمل رسالة عميقة للنظام العسكري الجزائري حول أن رهاناته التصعيدية بلغت مستويات غير مسبوقة”.

وشدد المصدر على أن “الولايات المتحدة الأمريكية، بعد اعترافها بسيادة المغرب على الصحراء بموجب المرسوم الرئاسي، لم تعد تتعامل مع الملف كمنطقة رمادية، خاصة وأنها تعتبر المملكة جار الأطلس وحليفا تاريخيا، باعتبار المغرب أول بلد اعترف باستقلال الولايات المتحدة”.

واعتبر الباحث أن “الدول الكبرى مثل السعودية، وفرنسا، وبريطانيا، وروسيا، والصين، كلها تتجه نحو تعزيز شراكات معمقة مع المغرب، الأمر الذي جعل الجزائر تدرك أن النزاع المفتعل في الصحراء لم يحقق لها سوى مزيد من الويلات رغم إنفاقها مليارات الدولارات على ميليشيات البوليساريو”.

وأبرز صبري أن “الولايات المتحدة تضغط اليوم في اتجاه إنهاء النزاع بشكل نهائي، وفتح المجال أمام بناء علاقات مترابطة بين المغرب والجزائر، بحكم الروابط الجغرافية واللغوية والعادات المشتركة، مع إعادة النظام الجزائري إلى جادة الواقعية بعد أن ورطته قوى خارجية في مسار تصعيدي غير محسوب”.

واعتبر المصدر ذاته أن “طبيعة الاتفاق المحتمل لن تخرج عن كونه مفصليا يرتبط بحسم النزاع المفتعل حول الصحراء وفتح صفحة جديدة في المنطقة، بما يجعل المغرب والجزائر ينخرطان في مرحلة تكامل بدل التنافر، وهو ما يمثل تحولا عميقا ستشهده المنطقة بأكملها إذا بلغ المسار منتهاه”.

وخلص صبري إلى أن “المرحلة القادمة قد تشهد تحولا استراتيجيا فارقا، في ضوء الدفع الأمريكي القوي باتجاه تسوية شاملة لهذا الملف، بما يعيد رسم موازين القوى في شمال إفريقيا والساحل على أسس جديدة”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x