2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
تواجه المشاركة السياسية في المغرب تحديات كبيرة، خصوصاً لدى الشباب الذين يظهرون وعياً سياسياً جديداً يبتعد عن النماذج التقليدية للحياة الحزبية، ويستعملون أدوات مختلفة عن الوسائل التقليدية، مثل “التيك توك” و”الديسكورد” و”الإنستغرام”.
هذه الفئة غالباً ما تشعر بالإحباط، وقد عبّرت عنه في أكثر من مناسبة، من أداء الأحزاب ومن طريقة إدارة المؤسسات، مما يجعلها مترددة في المشاركة في الانتخابات، ويطرح علامات استفهام حول جدوى الإصلاحات الجديدة.
وصادق المجلس الوزاري ليوم الأحد 19 أكتوبر الجاري على مشروع تعديل القانون التنظيمي المتعلق بانتخاب أعضاء مجلس النواب، الذي يهدف إلى تشجيع مشاركة الشباب وتجديد الثقة في الفعل السياسي، من خلال إجراءات غير مسبوقة مثل التحفيز المالي للمترشحين تحت سن الخامسة والثلاثين، سواء من اللوائح الحزبية أو المستقلين، وتبسيط شروط الترشح للمستقلين.
لكن السؤال يبقى: هل تكفي هذه الإجراءات لجذب جيل جديد يرفض المشاركة التقليدية؟ في هذا الصدد قال الدكتور غسان لمراني، أستاذ العلوم السياسية: “لا أعتقد أن هذه التعديلات المتعلقة بالانتخابات ومحاولة الانفتاح على الشباب وتشجيعهم على الترشح ستشجع على المشاركة الانتخابية بشكل عام وعلى مشاركة الشباب”.
وأضاف لمراني، ضمن تصريح لـ جريدة “آشكاين” الإخبارية، أن “تصور هذه الفئة التي تحتج، صحيح أنه يعكس وعياً سياسياً، لكنه ليس وعياً سياسياً تقليدياً تعودنا عليه، إنه وعي سياسي جديد رافض للأحزاب ولا يثق فيها ولا يثق في المؤسسات كالحكومة والبرلمان”.
واعتبر أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط أن الأزمة تكمن في الصورة السلبية التي يحملها الشباب عن العملية السياسية، موضحاً: “اليوم نحن أمام وضع يعتبر فيه الكثير من المغاربة، وضمنهم الشباب، أن الانتخابات لا جدوى منها وأنها تعيد إنتاج نفس الطبقة السياسية حتى وإن اختلفت الوجوه والأحزاب، وتنظر إلى أنها لا تختلف ولا تميز بين اليسار واليمين، وتعتقد أنها تعتمد على رجال الأعمال والمال وشراء الذمم”.
وتابع الدكتور لمراني، “تعديل القوانين ومحاولة إدماج الشباب أمر إيجابي“، واستدرك، “لكن هذا لن يحل المشكل، فالمسؤولية ملقاة أساساً على عاتق الأحزاب السياسية لتعمل على استرداد هذه المصداقية المفقودة”.
وأشار غسان لمراني أيضاً إلى فجوة التواصل بين السياسيين والشباب، معتبراً أن “هناك تفاوت كبير بين اللغة التي يفهمها الشباب والتي يستعملها الفاعل الحزبي”.

الدكتور غسان لمراني، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط
وشدد المحلل السياسي على أن التعديلات وحدها لا تكفي، بل تحتاج إلى إرادة سياسية حقيقية من الأحزاب لتشبيب هياكلها، وفهم عقلية هذا الجيل الجديد، حتى يتمكن من الانخراط الفعلي في العملية السياسية، وأكد: “يجب أن تكون هناك إرادة سياسية للتشبيب على الأقل داخل الحزب لإقناع هذه الفئة الخارجة عن العمل السياسي التقليدي لتنخرط فيه”.
وفي المحصلة، يبقى المشهد السياسي أمام تحد كبير: كيف يمكن الجمع بين إصلاحات القوانين وتحفيز الشباب، وبين استعادة الثقة المفقودة في الأحزاب والمؤسسات، لضمان مشاركة حقيقية وفعالة لجيل “التيك توك” في العمل السياسي عموماً والانتخابات المقبلة على وجه التحديد؟