2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
تقرير برلماني يكشف “خروقات واختلالات خطيرة” في برامج محاربة الأمية بالمغرب
كشف تقرير برلماني جديد عن “خروقات قانونية واختلالات هيكلية عميقة” تضرب في صميم برامج محاربة الأمية بالمغرب، محذرا من أن عددا من الجمعيات المتعاقدة مع الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية حولت هذه البرامج إلى مشاريع ربحية، بعيدة عن أهدافها التربوية والتنموية.
وأوضح التقرير، الذي أعدته مجموعة العمل الموضوعاتية المؤقتة بمجلس النواب، أن بعض الجمعيات باتت تتعامل مع هذه البرامج باعتبارها “مصدر دخل ثابت” لا “مهمة وطنية”، وهو ما أفرغ المشروع من روحه الأصلية.
وأشار التقرير إلى أن “التلاعب بلوائح المستفيدين، وتضخيم الأرقام، وإنشاء أقسام وهمية لأغراض مالية” أصبحت ممارسات مقلقة، واصفا إياها بـ”الخروقات غير القانونية التي تقوض مصداقية الجهود الوطنية في محاربة الأمية.
وبين التقرير ذاته أن من بين الأساليب الملتوية التي رصدت “تسجيل الشخص نفسه في أكثر من برنامج لتضخيم عدد المستفيدين”، ما أدى إلى “تشويه الصورة الإحصائية للمنجزات” وإهدار موارد مالية عمومية كان يفترض أن توجه للفئات الأكثر هشاشة.
وأضاف التقرير أن هذه التجاوزات دفعت الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية إلى عدم تجديد اتفاقياتها مع عدد من الجمعيات التي أخلت بالتزاماتها التعاقدية أو أظهرت ضعفا في الجدية والانضباط المالي.
ووقف التقرير على تراجع حاد في عدد المستفيدين، إذ لم يتجاوز خلال موسم 2023-2024 نحو 385 ألفا و442 شخصا، أي بانخفاض يزيد عن 400 ألف مستفيد في ظرف ثلاث سنوات فقط.
ويرجع هذا الانكماش، حسب التقرير، إلى هشاشة البنية المؤسساتية للوكالة الوطنية لمحاربة الأمية، التي “تفتقر مديرياتها الجهوية ومندوبياتها الإقليمية إلى مقرات رسمية ثابتة”، ما يجعل المسؤولين “يدبرون أنشطتهم من مواقع مؤقتة، في ظروف تفتقر إلى الحد الأدنى من الفعالية والاستقرار”.
وأكد التقرير أن “الاعتماد المفرط على الدعم المالي العمومي دون آليات صارمة للمراقبة” جعل بعض الجمعيات تنظر إلى برامج محاربة الأمية “كفرصة تمويلية أكثر منها مبادرة تنموية”.
وقال التقرير بوضوح: “عندما تتحول هذه المبادرات إلى مصدر رئيسي للدخل، قد تلجأ بعض الجمعيات إلى أساليب تحايلية لضمان استمرار التمويل، ولو على حساب جودة المحتوى التعليمي، فيفقد البرنامج جوهره الحقيقي.
وفي المقابل، عبرت جمعيات أخرى عن استيائها من غياب شراكة فعلية مع الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية، مشيرة إلى أن “التأخر في صرف التمويلات والحصول على المقررات الدراسية والتراخيص يتسبب في تعثر انطلاق الدورات التعليمية، ويؤدي إلى ضياع أشهر كاملة من الموسم الدراسي”.
وخلص التقرير البرلماني إلى أن “جوهر الأزمة لا يكمن في نقص التمويل أو غياب الإرادة السياسية، بل في ضعف الحكامة والمراقبة وغياب التنسيق الفعلي بين المتدخلين”، مؤكدا أن استمرار هذه الاختلالات يجعل هدف القضاء على الأمية “رهين منظومة عاجزة تفتقر للنجاعة والمصداقية”.