2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
في خطوة أثارت موجة من الجدل والانتقادات الحادة على وسائل التواصل الاجتماعي، أعلنت وزارة الشباب والثقافة والتواصل – قطاع الثقافة – عن نتائج مباراة توظيف أستاذ محاضر من الدرجة “أ” في تخصص “الدراسات السينمائية” بالمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي (ISADAC). الاسم الوحيد الذي توجت به اللائحة الرسمية هو “لطيفة الحرار”، والتي أكدت مصادر موثوقة لجريدة “آشكاين” – بعد مراجعة الوثائق الرسمية والبلاغات الحكومية – أنها تعود إلى الفنانة والمخرجة المعروفة فنيا باسم لطيفة أحرار، والتي تشغل حاليا منصب مديرة المعهد نفسه منذ ديسمبر 2022.
هذا الإعلان، الذي جاء بتاريخ 23 أكتوبر 2025، لم يكن مجرد نتيجة إدارية روتينية، بل أشعل شرارة تساؤلات عميقة حول نزاهة المساطر التنافسية داخل الوزارة الوصية، خاصة في ظل غياب أي إعلان رسمي مسبق عن فتح باب الترشيحات أو نشر لوائح المقبولين لاجتيازها. فكيف يمكن لمديرة مؤسسة أن تنجح في مباراة توظيف داخلها، دون أن يثير ذلك شبهات تضارب المصالح؟ وما دور الجهاز الرقابي في وزارة الشباب والثقافة والتواصل في ضمان الشفافية؟
مسيرة أحرار: من الخشبة إلى الإدارة.. استحقاق أم تسهيلات؟
لطيفة أحرار، المولودة في 12 نوفمبر 1971 بمكناس، ليست غريبة عن عالم الفنون المسرحية. تخرجت من المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي عام 1995، وحصلت على ماجستير في إخراج الأفلام الوثائقية من جامعة تطوان، تتألقت في أدوار مسرحية وسينمائية نالت جوائز وطنية ودولية، مثل مسرحية، تولت تدريس المسرح في المعهد نفسه لسنوات، ثم عُينت مديرة له في 8 ديسمبر 2022، بموجب مصادقة مجلس الحكومة على اقتراح من الوزير المهدي بنسعيد، خلفًا لرشيد منتصر الذي شغل المنصب منذ 2018. هذا التعيين أثار ارتياحا في الأوساط الفنية، معتبرين إياه تتويجا لكفاءتها في تطوير التكوين الاحترافي بالمعهد، الذي يشرف عليه قطاع الثقافة ويُخَرِّج أطرا في التمثيل، الإخراج، والتنشيط الثقافي.
لكن النجاح في مباراة التوظيف الأخيرة – كأستاذة محاضرة في “الدراسات السينمائية”، وهو المنصب الوحيد المتاح – يضع هذه المسيرة تحت المجهر. أحرار، التي نالت شهادة الدكتوراه قبل فترة قصيرة، ستجمع بين الإدارة والتدريس، مما يثير تساؤلات حول كيفية تنفيذ المهام دون تضارب. وفي غياب تفاصيل عن عدد المتقدمين أو معايير التقييم، يبدو الأمر كـ”مباراة مصممة على مقاس واحد”، كما وصفها بعض النشطاء على منصات التواصل.
غياب الإعلان الرسمي: ثغرة في الرقابة الوزارية
المشكلة الأبرز تكمن في عدم نشر الوزارة لأي إعلان رسمي عن المباراة، خلافا لما يحدث في مسابقات أخرى داخل مؤسساتها التابعة، مثل مباريات التوظيف في المعهد الملكي للتكوين في الإدارة الثقافية أو بالوكالات الإقليمية للثقافة. القانون الإطار رقم 51.18 المتعلق بالتوظيف العمومي يفرض الشفافية في إعلان الترشيحات ونشر اللوائح، لضمان تكافؤ الفرص. هنا، يبدو أن الوزارة – كجهة وصية – تخلت عن دورها الرقابي، مما يفتح الباب للتساؤلات: هل تم الإشراف المباشر على المساطر، أم أن الإدارة الداخلية للمعهد لعبت دورا أكبر مما ينبغي؟
مسؤولية الوزير بنسعيد: أخلاقية أم إدارية؟
يترتب على الوزير المهدي بنسعيد، بصفته مسؤولا مباشرا عن قطاع الثقافة، مسؤولية أخلاقية كبيرة في هذا السياق. هو من اقترح تعيين أحرار مديرة في 2022، وهو المكلف قانونا بضمان نزاهة المباريات داخل الجهات التابعة له. في ظل التوترات الإقليمية والحاجة إلى تعزيز الثقة في المؤسسات الثقافية، يُعتبر هذا الغموض خطوة رجعية. الرأي العام يطالب بتوضيح: هل كانت المباراة مفتوحة فعلاً؟ وكيف يمكن للوزارة أن تمنع تضارب المصالح في المستقبل؟ عدم الرد الرسمي حتى الآن يعمق الشعور بالسخط، ويذكر بفضائح سابقة في التوظيف العمومي.
موجة السخط: صرخة الشارع الثقافي
انتشرت التعليقات الساخرة والغاضبة على فيسبوك وإكس (تويتر سابقًا)، مع هاشتاغات مثل #تعيين-لنفسها و#شفافية-الثقافة، تصف الأمر بـ”مسرحية هزلية” أو “تسهيلات للنجوم”. مهتمون بالشأن الثاقفي يرون فيه “انتهاكًا لتكافؤ الفرص”، خاصة لشباب الدراسات السينمائية الذين ينتظرون فرصا حقيقية. حتى الأوساط الفنية، التي رحبت بتعيينها مديرة، تعبر عن قلقها من تأثير ذلك على سمعة المعهد، الذي أنتج أجيالاً من الفنانين منذ تأسيسه عام 1985.
حان وقت الإصلاح
هذه الحادثة ليست مجرد قصة فردية، بل إشارة إلى حاجة ماسة لإصلاحات في آليات التوظيف بالقطاع الثقافي. الوزير بنسعيد مدعو للخروج عن صمته، أما أحرار، فكفاءتها الفنية لا يُشكك فيها، لكن الشكوك حول الإجراءات قد تُضعف إنجازاتها. فالثقافة تبني على الثقة، لا على الشبهات.
.. ياابن آدم، إذا لم تستح فافعل ما شئت!
اذا لم تعلن المباراة المباراة فهذا يعني عدم قانونية التصديق على نجاحها