لماذا وإلى أين ؟

قريش: تاريخ المغرب مليء بالوساطات الديبلوماسية والتحولات الدولية تُعجل بطرد الوهم الانفصالي من الاتحاد الإفريقي

وقع المغرب، أمس الجمعة ببكين، على اتفاقية إحداث المنظمة الدولية للوساطة، ممثلاً بسفيره بالصين، عبد القادر الأنصاري، خلال حفل رسمي بوزارة الخارجية الصينية. وأكد الأنصاري أن الانضمام يعكس التزام المملكة بالوساطة وحل النزاعات سلمياً، ورغبتها في لعب دور فاعل داخل هذه الهيئة الدولية، مشيراً إلى مذكرة تفاهم لتعزيز التنسيق الدبلوماسي مع الصين.

وعلاقة بالموضوع قال إدريس قريش، الأستاذ الجامعي في العلاقات الدولية والسياسة الخارجية وعضو الفدرالية العالمية لتخليق العلاقات الدولية، أن “انضمام المغرب للمنظمة يعكس رغبة المغرب في البحث عن الحلول السلمية تزامنا مع التصويت على القرار الأمريكي حول الصحراء المغربية”.

وأشار قريش في تصريح لجريدة “آشكاين” أن انضمام المغرب للمنظمة جاء من أجل العمل على تسوية النزاعات عن طريق الوساطة والتحكيم، وفق موافقة الأطراف المعنية، وهذا هو الهدف الذي تأسست من أجله المنظمة التي تعد بديلا مرنا للطرق التقليدية لتسوية النزاعات الدولية، مع التركيز على الوساطة بين الدول فيما يخص القضايا التجارية والاستثمارية وغيرها”.

وأشار الباحث إلى أن “المغرب انضم رسميا إلى هذه المنظمة بتوقيع الاتفاقية يوم أمس في بكين، وهو انضمام جاء تجسيدا للقرار الذي أعلن عنه وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، خلال زيارته للصين في شهر سبتمبر الماضي”.

وأكد الخبير في العلاقات الدولية إن “هذا الانضمام يعكس تشبث المملكة بمبادئ الانفتاح على الآخر، ومبادئ الحوار والوساطة، وكل ما يتعلق بالحلول السلمية للنزاعات، ورغبتها في التموقع والاضطلاع بدور فاعل وبناء داخل هذه الهيئة الدولية الجديدة”.

وشدد قريش على أن “التوجه المغربي نحو الحلول السلمية لم يأت من فراغ، بل له جذور تاريخية طويلة، حيث لطالما تطلع المغرب للوساطة وحل النزاعات والأزمات والحروب بين الدول”. 

وأشار المصدر “إلى الوساطات التاريخية التي قام بها السلطان إسماعيل بين روسيا وأوروبا في حرب 1756، وكذلك إلى الدور الدبلوماسي المغربي عبر التاريخ”. كما أكد “أن المسيرة الخضراء في نوفمبر 1975 شكلت محورا أساسيا في تاريخ العلاقات الدولية، مُحولة النزاعات المسلحة إلى حلول سلمية، وهو ما يعكس قدرة المغرب على تقديم نموذج فريد في إدارة الأزمات وتحويل الصراعات إلى سلام”.

في ذات السياق، أضاف قريش أن “قرار مجلس الأمن الأخير، الذي جسد سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية وأقر إطار الحكم الذاتي، يمثل تحولا نوعيا في تاريخ العلاقات الدولية، حيث يتم تثبيت السلم لأول مرة عبر آليات دولية”.

وأكد المتخصص في الشأن الدولي أن “موقف روسيا الحكيم تجاه هذا القرار يعكس الثقة والمصداقية التي يتمتع بها المغرب كدولة محورية وموثوقة”، مشيرا إلى “أن المغرب ينتهج سياسة الانفتاح على جميع الدول ويتميز ببناء علاقات صداقة حقيقية قائمة على الاحترام والثقة المتبادلة، وليس مجرد المصالح التجارية”.

وعبر المتحدث عن “ارتياحه بالنجاح الذي حققته الدبلوماسية المغربية وبالقرار الأممي الأخير الذي يعد مؤشرا قويا على بداية وضع حد نهائي للوهم الذي تمثله البوليساريو، وعلى اقتراب طرده من الاتحاد الإفريقي”.

فالمعادلات الإقليمية والدولية اليوم حسب قريش “لم تعد تسمح باستمرار هذا الكيان الوهمي، بعدما أصبح المغرب شريكا أساسيا في صناعة القرار الإفريقي، وباتت الدول الأعضاء أكثر وعيا بضرورة تصحيح هذا الخطأ التاريخي الذي شوّه مسار الاتحاد وأضعف مصداقيته”.

في سياق متصل أثنى المتحدث على “مظاهر الفرح التي تلت القرار الأممي والخطاب الملكي الأخير”. غير أنه لفت لوجود ما أسماه “محاولات من بعض الأفراد، سواء من اليسار المتطرف أو التيارات المتأسلمة، الذين لم يعبروا عن فرحتهم وانتمائهم للوطن.”

وشدد الأستاذ الجامعي على “أهمية الرجوع إلى القيم الدينية والوطنية والضمير الحقيقي، والحفاظ على مكتسبات المملكة والدفاع عنها بكل صدق وإخلاص”. موردا أن “المغرب يملك إرثا حضاريا وتاريخيا وثقافيا غنيا، يستحق التقدير والترويج على الصعيدين الوطني والدولي.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x