لماذا وإلى أين ؟

لعروسي يرصد رسائل تصريح بوريطة بخصوص الوساطة مع الجزائر

فتح تصريح وزير الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة، الذي أكد فيه أن “حل الخلافات بين المغرب والجزائر لا يحتاج إلى أي وساطات”، الباب أمام قراءات متعددة حول خلفيات الموقف المغربي ورسائله السياسية، خاصة في سياق إقليمي مشحون وتوتر دبلوماسي مستمر منذ سنة 2021.

بوريطة أوضح، في لقاء خاص على القناة الثانية، أن “المغرب والجزائر لا يحتاجان إلى وساطات بحكم القرب الجغرافي والروابط التاريخية”، مضيفا أن “ليس هناك من يعرف الجزائر أكثر من المغرب، ولا من يعرف المغرب أكثر من الجزائر، ولدينا الإمكانية لحل مشاكلنا بأنفسنا”.

وأكد أن الموقف الذي عبر عنه يعكس توجها ثابتا لدى الملك محمد السادس، الذي دعا في أكثر من مناسبة إلى “حوار مباشر وصريح بين البلدين الشقيقين لتجاوز الخلافات”، مشددا على أن “الإرادة السياسية هي المفتاح الوحيد لأي تقارب محتمل”.

القراءة الدبلوماسية لهذا التصريح لا تعني، بحسب الخبير في العلاقات الدولية وتسوية النزاعات عصام لعروسي، رفض المغرب لأي مبادرات أو وساطات بقدر ما تعكس روح الانفتاح والثقة.

وقال لعروسي، ضمن تصريح لجريدة “آشكاين” الإخبارية، إن “وزير الخارجية أشار لهذه النقطة ولكن ليس من باب رفض أي وساطات، ويجب أن نقرأ الأمور في حقيقتها”، موضحا أن “في اللغة الدبلوماسية لهذا التصريح تعني أن المغرب لا يمانع أبدا في عودة المياه إلى مجاريها وعودة العلاقات على الأقل إلى ما قبل 2021”.

ويرى أستاذ العلاقات الدولية أن “الكلمات الدبلوماسية يجب ألا تُحمّل أكثر مما تحتمل، فهي تعكس نية ورغبة المغرب في استمرار تلك اليد الممدودة التي طالما تحدث عنها العاهل المغربي”.

وذكّر لعروسي بأن “المغرب ظل يكرر على لسان جلالة الملك مطلب عودة اتحاد المغرب العربي إلى سكته الطبيعية، ما يبرز أن الخيار المغاربي لا يزال قائما”.

ويستحضر الخبير في فض النزاعات نماذج من التاريخ القريب لتأكيد قراءته، مشيرا إلى أن “عودة العلاقات بعد لحظات التوتر كانت تتم بتفاهمات مغربية جزائرية مباشرة، كما حدث بعد فتح الحدود في نهاية الثمانينات، حيث تمت التفاهمات دون وساطة”.

وأضاف لعروسي أن تصريح بوريطة “يؤكد أن المغرب أكثر من يعرف الجزائر، والجزائر أكثر من يعرف المغرب، وهو ما يعني أن الحلول لا تمر عبر أطراف ثالثة، بل عبر توفر الإرادة السياسية لدى الجارين”. وتابع قائلا: “الإرادة متوفرة لدى المغرب وقد عبر عنها عاهل البلاد في أكثر من مناسبة، لكن المطلوب اليوم هو توفرها لدى الجزائر”.

وبحسب لعروسي، فإن “العالم الآخر لم يستوعب بعد لحظة 31 أكتوبر”، في إشارة إلى قرار مجلس الأمن رقم 2797 حول قضية الصحراء، معتبرا أنها “لحظة قاسية على الكثيرين لأنها رسمت معادلة جديدة في التعاطي الدولي مع النزاع، حددت البداية والنهاية للمسار السياسي، وأكدت أن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو الحل الوحيد الواقعي”.

ويرى لعروسي أن الجزائر “أمام خيار واحد فقط، هو أن تركب قطار التسوية وأن تتعامل مع الأمر الواقع الجديد”، لكنه يستدرك متأسفا، “الجزائر مازالت تتحرك بتعنت، فقبل 31 أكتوبر كانت تتحدث عن الالتزام بالشرعية الدولية، وبعد القرار الأخير أصبحت تعتبره مجحفا”.

بهذا المعنى، فإن تصريح بوريطة لا يغلق الباب، بل يعيد تعريفه، وهو إعلان صريح بأن الرباط لا ترفض الوساطة، بل تفضل طريقا مباشرا، طريق الجارين اللذين يعرفان بعضهما أكثر من أي طرف ثالث، في لحظة سياسية دقيقة، قد تحدد شكل المنطقة المغاربية في السنوات القادمة.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x