لماذا وإلى أين ؟

بروكسل: مغربية من بين المتوجات خلال الدورة السابعة للمنتدى الدولي للنساء الرائدات (EWILA)

‎في إنجازٍ جد مشرف للمرأة المغربية على الساحة الدولية، حصلت المهندسة المغربية خديجة بندام اليوم، الثالث من نونبر 2025، على الجائزة الأوروبية الدولية للقيادة النسائية في دورتها السابعة، التي يمنحها المنتدى الدولي لتعزيز الريادة النسائية ومقره العاصمة الأوروبية بروكسيل. ويأتي هذا التتويج تقديراً لمسارها المهني المتميز وإسهاماتها الرائدة في تطوير قطاع الطاقة النووية وتعزيز حضور المرأة في مجالات العلوم الدقيقة والهندسة.

وقالت في كلمتها “بتسلمي هذه الجائزة الأوروبية المرموقة، أُدرك تمامًا البعد الرمزي العميق لهذا التكريم بالنسبة لبلدي، المملكة المغربية. فبفضل الرؤية المتبصّرة لسيدي صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، جعلت المملكة من النهوض بحقوق المرأة أولوية وطنية راسخة في الدستور، حيث ينصّ الفصل التاسع عشر على المساواة بين النساء والرجال في الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

لقد أكّد جلالته دائمًا أن الحداثة والتقدم لا يمكن أن يتحققا إلا بمشاركة جميع مكوّنات المجتمع، وأن المرأة المغربية توجد في صميم هذا المسار التنموي. إن هذا التكريم هو قبل كل شيء إشادة بتلك الرؤية الملكية الحكيمة، وبمغرب يسير بثبات نحو المستقبل، منفتح على العالم، فخور بنسائه وبريادتهن في المجالات العلمية والاقتصادية والاجتماعية والدبلوماسية.

أتسلّم هذه الجائزة اليوم بكل فخر، ولكن أيضًا بكل وعي — وعي بالمسؤولية التي تترتب عن هذا التشريف، وهي مسؤولية الاستمرار في الإلهام والتأطير ودعم النساء الأخريات، وخاصة الشابات منهن، حتى يؤمنّ بقدراتهن وبقوة أحلامهن. فليس الكأس أو الدرع هو الأهم، بل ما يرمز إليه: رسالة أمل، ومصدر إلهام، ونور يضيء الطريق أمام الأجيال القادمة.

في هذا اليوم المفعم بفرح وطني عميق، يمتزج سروري الشخصي بفخر الوطن كله. إن تسلمي لهذه الجائزة في اليوم نفسه الذي يسطّر فيه المغرب صفحة جديدة في تاريخه، يمنح هذه اللحظة بعدًا رمزيًا وعاطفيًا خاصًا. وكأن فخر وطني والعرفان بهذا التكريم قد التقيا في لحظة واحدة من التأثر والاعتزاز.

ففي 31 أكتوبر 2025، اعتمد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القرار رقم 2797، الذي كرّس مبادرة الحكم الذاتي المغربية، معترفًا بسيادة المغرب على صحرائه. وفي خطابه السامي، أكّد صاحب الجلالة الملك محمد السادس، حفظه الله ورعاه، أن هذا القرار هو ثمرة خمسين عامًا من التضحيات والإصرار الجماعي. إنه يوم يؤرخ لبداية عهد جديد في مسيرة المملكة، عهد الوحدة والسلام والدبلوماسية. كما شدّد جلالته على أن هناك اليوم ما قبل وما بعد 31 أكتوبر 2025 — محطة مفصلية في تاريخ المغرب، تعكس قوته وسيادته وتطلعه الواثق نحو المستقبل.

أهدي هذه الجائزة إلى جميع نساء المغرب والعالم، إلى كل امرأة تناضل من أجل الوجود، تبتكر، تشارك، ترفع الوعي، وتغيّر العالم بشجاعتها وإنسانيتها.”

‎من هي خديجة بندام؟

‎خديجة بندام مهندسة مغربية متخصّصة في مجال الطاقة النووية والسلامة الإشعاعية. تخرّجت من المدرسة المحمدية للمهندسين عام 1998، قبل أن تواصل دراستها العليا في الفيزياء النووية والحماية من الإشعاع، لتصبح لاحقاً من أبرز الخبيرات في هذا المجال على الصعيد الوطني والدولي.

‎بدأت مسيرتها المهنية في المركز الوطني للطاقة والعلوم والتقنيات النووية بالمغرب (CNESTEN)، حيث تولّت مناصب متعددة في ميدان تدقيق السلامة والأمن النووي والإشعاعي، كما ساهمت في إعداد وتنفيذ برامج تتعلّق بالاستعداد للطوارئ النووية والإشعاعية.

‎على الصعيد الدولي، تميّزت بندام بتولّيها مناصب قيادية بارزة، من بينها:
‎رئيسة منظمة المرأة في المجال النووي بالمغرب (WiN Morocco).
‎عضوة في المجلس التنفيذي لمنظمة المرأة في المجال النووي العالمية والإفريقية.
‎نائبة أولى لرئيس المجلس الدولي للجمعيات النووية (INSC) بداية سنة 2025، قبل أن تُنتخب لاحقاً رئيسة للمجلس في سبتمبر من السنة نفسها، لتصبح بذلك أول امرأة في العالم تتولى هذا المنصب.

‎أهمية هذا التكريم

‎يمثل هذا الفوز اعترافاً دولياً بمسار خديجة بندام، وبما قدمته من جهود في تعزيز مكانة المرأة في مجالات الهندسة والعلوم النووية، وهو مجال لا يزال إلى اليوم محدود التمثيل النسائي. كما يعكس التكريم التقدير العالمي للكفاءات المغربية التي استطاعت الجمع بين التفوق العلمي والقيادة المهنية على أعلى المستويات.

‎يكتسب هذا التتويج أهمية إضافية لكونه يأتي في وقتٍ يشهد العالم تحولات متسارعة في مجال الطاقة النظيفة والتقنيات النووية الآمنة، حيث تبرز الحاجة إلى قيادات مؤهلة تمتلك رؤية علمية ومسؤولية إنسانية في آنٍ واحد، وهي القيم التي تجسدها بندام في مسيرتها.

‎رؤيتها المستقبلية

‎تعتبر خديجة بندام أن هذا التتويج ليس نهاية مسار، بل بداية مرحلة جديدة من الالتزام والعمل. فهي ترى أن تمكين المرأة في المجالات التقنية والعلمية لا يتحقق فقط عبر الاعتراف الدولي، بل أيضاً من خلال دعم الفتيات الصاعدات وتشجيعهن على دخول تخصصات العلوم والهندسة.

‎كما تضع ضمن أولوياتها المستقبلية:
‎تعزيز التعاون الدولي في مجال السلامة النووية ونشر ثقافة الأمن الإشعاعي.
‎ربط البحث العلمي بالتطبيق العملي لضمان استخدام آمن ومسؤول للتكنولوجيا النووية.
‎توسيع مشاركة النساء والشباب في صناعة القرار التقني والعلمي، سواء في إفريقيا أو على المستوى العالمي.

‎يمثل فوز خديجة بندام اليوم بالجائزة الأوروبية الدولية للقيادة النسائية تتويجاً لمسار مهني استثنائي يجمع بين الكفاءة والالتزام، ويؤكد أن المرأة المغربية قادرة على الوصول إلى أرفع المناصب في مجالات تتطلب دقةً علمية ومسؤولية عالية.

إنها قصة نجاح تلهم الأجيال القادمة وتُعيد رسم صورة المرأة العربية على الساحة الدولية قائدة، عالمة، وصانعة للتغيير.

من جانبه، صرّح رضوان بشيري، الرئيس المؤسس لجائزة EWILA، بأن هذه المبادرة، التي تدخل عامها السابع، تهدف إلى “تكريم النساء اللواتي تميّزن في مختلف المجالات، وتقديرهنّ، وتشجيعهنّ، من خلال إحداث تغيير مستدام في مجتمعاتهنّ”، مشيرًا إلى أن هذه الجائزة تحتفي بالمثابرة والالتزام والقيادة النسائية بجميع أشكالها. وأضاف أن هذه الجائزة الأوروبية المرموقة تُكرّم سنويًا النساء اللواتي يمتلكن مسارات مهنية استثنائية، ملتزمات بتغيير مجتمعاتهنّ، والنهوض بتخصصاتهنّ عالميًا.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x