لماذا وإلى أين ؟

“قرآن بورغواطة” يجر اتهامات بـ”التصهين والعمالة” على كلاب والأخير يتحدى ويحمان

عبر المرصد المغربي لمناهضة التطبيع عن “قلقه الشديد واستنكاره” لما تم تداوله في حلقة بعنوان (قرآن بورغواطة.. حقيقة تاريخية)، بثت عبر منصة رقمية مغربية استضافت الباحث محمد المسيح بإدارة الإعلامي عبد الخالق كلاب.

وأشار البلاغ، الذي اطلعت عليه جريدة “آشكاين”، إلى أن الحلقة تضمنت تصريحات خطيرة تمس جوهر العقيدة الإسلامية وتعتدي على ثوابت الدين الرسمي للمغاربة، من قبيل الادعاء بوجود “قرآنات متعددة” و”أنبياء بعد النبي محمد”، وادعاء أن “للأمازيغ قرآن خاص مكون من ثمانين سورة”.

ووصف البلاغ الحلقة بأنها “مشروع تخريبي متكامل يستهدف العقيدة والهوية والوحدة الوطنية للمغرب، تحت شعارات الحرية الأكاديمية والبحث التاريخي والتعدد الثقافي، ويموله ويشرف عليه شبكات أجنبية وصهيونية”.

وشدد المرصد على أن “هذه السلوكيات تأتي ضمن محاولات أوسع لتفكيك الهوية الجامعة وضرب الإسلام والعروبة في العمق، مؤكداً أن الأمازيغ الأحرار براء من هذه الادعاءات وأدواتها”.

ودعا البلاغ إلى “فتح تحقيق عاجل في ظروف بث البرنامج ومصادر تمويله وصلاته بشبكات أجنبية، وتحريك المتابعات القانونية ضد من يروج لأفكار تخريبية تهدد العقيدة والوحدة الوطنية، وتعبئة العلماء والمفكرين والإعلاميين الوطنيين لمواجهة الانحراف، وإيقاف التمادي في منح المنابر الرسمية والإعلامية لمن يخدم أجندة التطبيع والصهينة الثقافية”.

وقد أثارت هاته الحلقة جدلا واسعا في الأوساط الدينية والفكرية والإعلامية، إذ اُعتبر “أن الحديث عن نصوص دينية بديلة يشكل تحاملا على القرآن الكريم، ويمثل محاولة لتفكيك المرجعية الإسلامية الموحدة في المجتمع المغربي”.

وفي مثل هاته القضايا المثيرة للجدل، يظل هناك جانب مسكوت عنه غالبا في النقاش العام، وهو الصراع بين الحفاظ على الثوابت الدينية من جهة، وبين الدعوة إلى فتح النقاش حول السرديات الدينية وعدم اعتبارها من الطابوهات من جهة أخرى.

فبينما ترى فئة من المجتمع ضرورة صون العقيدة وحماية الثوابت الدينية من أي محاولة لتفكيكها أو تشويهها، تعتبر شريحة أخرى أن النقاش العلمي والتاريخي حول النصوص والموروث الديني ضروري لفهم أعمق للهوية الثقافية والدين، وللتأكد من أن الدين لا يُستغل في التضييق على حرية الفكر والمعرفة.

هذا التوتر بين القداسة والثوابت من جهة، والحرية الأكاديمية والبحث التاريخي من جهة أخرى، يخلق مساحة شائكة تخلق الكثير من الحساسيات.

جريدة “آشكاين” استقت رأي الباحث في التاريخ عبد الخالق كلاب الذي اعتبر أن “الجدل الذي رافق حلقة برنامجه الأخير حول موضوع قرآن بورغواطة كان اتهاما له بالتصهين والعمالة” وهو ما يرفضه “معتزا بإسلامه وبانتمائه للوطن والدين”.

وأوضح كلاب في حديث لجريدة “آشكاين” أنه “باعتباره باحثا في التاريخ، قدم في الحلقة ما توصلت إليه المصادر التاريخية التي تشير إلى وجود نص يُسمّى قرآن بورغواطة، مكون من نحو ثمانين سورة، منها ما ورد في كتابات صالح بن طريف”.

وقال الباحث إنه “ترك المجال لضيفه محمد المسيح، المتخصص في علم المخطوطات، لتقديم وجهة نظره العلمية، حيث أكد الأخير من منطلق اختصاصه أن ما بين أيدينا لا يتعلق بكتاب عادي، بل بنص أطلق عليه القدماء اسم قرآن، وعدد فيه مواضيع تشبه ما ورد في القرآن الكريم، وهو ما تؤكده بعض المصادر التاريخية”.

وشرح المصدر أن من بين هذه المصادر كتاب “صورة الأرض لابن حوقل الذي عاش في القرن الرابع الهجري، والذي كتب عن قرآن برغواطة قائلا إن أتباع هذه الفرقة يقرؤون القرآن الكريم باحترام، لكن يؤولون آياته لتوافق كتابهم”.

وتابع المتحدث موضحا: “من منطلق تخصصي في التاريخ، تساءلت إن كان ما ورد في هذه المصادر وحيا أو ترجمة للقرآن الكريم، أم هو نص آخر استخدم في سياق معتقدات خاصة، ولم يكن الغرض أبداً استهداف الدين الإسلامي”.

واستحضر المتحدث ضيفه محمد المسيح، “الذي أوضح أن الفترات الممتدة من القرن الخامس إلى العاشر الميلادي شهدت ظهور عدد من النصوص التي أُطلق عليها اسم قرآن، وكان من بينها نص صالح بن طريف البرغواطي”.

وأكد المُصرح أن الهدف من الحلقة “لم يكن الإساءة إلى الدين أو التشكيك في العقيدة الإسلامية، بل طرح مادة تاريخية للنقاش الأكاديمي”، وقال: “بدل تخوين الناس واتهامهم بأنهم أعداء الإسلام أو صهاينة، يجب الرد عليهم بعلم ومنهج علمي منظم”.

وأورد صاحب كتاب “أوتان السلفية التاريخية” أن “أحمد وايحمان الذي اتهمه بالعمالة والتصهين (في إشارة لبلاغ المرصد) مدعو للنقاش حول الموضوع” بدل إطلاق الاتهامات مشددا على أنه ربما مؤمن أكثر منه، غير أنه لا ينبذ الآخر ويجالس المسلم واللا ديني وغيره.”

وشدد كلاب على أنه ينتظر قبول وايحمان مناظرة علمية تجمع بينه وبين محمد المسيح، موضحا أنه لا تهمه الاتهامات الشخصية بقدر ما يهمه النقاش والأفكار متفاديا كل الاتهامات حول علاقته بمستشار الملك أندير أزولاي.

في هذا السياق قال الباحث إنه “كثيرا ما تلقى اتهامات بالعمل لصالح أودري أزولاي، مديرة منظمة اليونسكو وابنة المستشار الملكي أندري أزولاي”، معتبرا أنها اتهامات تمس شخصه”.

وكشف كلاب لأول مرة في هذا الصدد “أنه كان يشتغل مستشارا فرديا لليونسكو سنة 2013 في مشروع علمي على الصعيد الإفريقي، أي قبل تولي أودري أزولاي منصبها الحالي بسنوات”.

واسترسل المتحدث أنه “خلال تلك الفترة قدم خدمات علمية كبيرة لوطنه، خاصة في ما يتعلق بملف الصحراء المغربية. حيث دافع عن الرواية المغربية التاريخية أمام خبراء اليونسكو وقدمت حججا علمية تثبت أن هذا المجال جزء من التاريخ المغربي”.

وأشار كلاب إلى أنه “رفض المشاركة في مؤتمر بالخرطوم حينها، لأن المغرب كان خارج منظمة الوحدة الإفريقية، وكان يخشى أن يُستغل حضوره من قبل البوليساريو والجزائر”، مؤكدا أن موقفه “كان وطنيا ومسؤولا”.

ونبه المتحدث إلى “الاتهامات الدائمة التي تطاله مشيرا إلى أن مهمة الباحث في التاريخ هي النحت في السرديات والكشف عنها وإظهار الآراء حولها”. مؤكدا أنه “ليس بالضرورة تبني طرح على حساب آخر فالبحث التاريخي يتطلب الجدة عوض الاتهام بالعمالة أو التحامل على الدين الإسلامي والقيم الدينية.”
وختم المتحدث بالقول “هدفنا هو أن يعرف المجتمع الحقيقة، وألا يبقى ضحية للتأويلات والأيديولوجيات”. مضيفا أن الضامن للأمن الروحي والديني والساهر عليه هو الملك ولا أحد له الحق في الحديث عن تدين الآخرين”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

2 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
ابو زيد
المعلق(ة)
6 نوفمبر 2025 22:40

تقسيم وجود فئة و وجود شريحة!!
كم عدد ” شريحة” اخرى؟؟؟
و هل نحن فعلا دولة اسلامية ؟؟ لان هذا السؤال اصبح مطروحا عند الفئة العريضة؟؟؟
و اين وزير الخطبة الموحدة و ما دوره؟؟
و لماذا لا يقوم بدوره في حماية عقيدة الدولة؟؟

لوسيور
المعلق(ة)
6 نوفمبر 2025 21:36

وبحمان وباقي الطبالة للقومجية الاعرابية او اتباع التيارات الاسلاماوية صد كل ما هو امازيغي او من يدافع عن هوية الارض انه من المستلبين يداغع عن فلسطين وغزة ولم نر ولو تظاهرة واحدة للمطالبة بسبتة ومليلية والصحراءالسرقية انه امعة تابع لاسياده بالشرق .نتنياهو هنأ المغرب وعباس اصيب بالوجوم.ارى انه حان الوقت للتصالح مع البهود فلم نر منهم الا الخير

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x