لماذا وإلى أين ؟

هيئة النزاهة تدق ناقوس الخطر: وضعية الفساد في المغرب مقلقة وتحد من مناخ الاستثمار

دق الأمين العام للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، أحمد العمومري، ناقوس الخطر أمام مجلس النواب، مؤكداً أن وضعية الفساد في المغرب “مقلقة” وأن تداعياتها السلبية لا تزال تشكل عائقا رئيسيا أمام تحقيق التنمية المستدامة وتقييدا لمناخ الاستثمار، وذلك على الرغم من الإصلاحات التشريعية المنجزة.

جاء ذلك في عرض قدمه العمومري يوم الأربعاء 5 نونبر الجاري، خلال مناقشة مشروع الميزانية الفرعية للهيئة، حيث تناول بالتحليل محاور “وضعية الفساد، مؤشرات وأرقام”، مشددا على أن “كلفة الفساد يصعب تحديدها بدقة علمية” بسبب تباين المعايير الدولية لقياس الظاهرة وطبيعتها الخفية.

وأوضح العمومري أن الإطار التشريعي الوطني لمكافحة الفساد، ورغم الإشادة الدولية التي حظي بها، ما يزال يواجه صعوبات كبيرة على مستوى التنزيل والتطبيق، محذرا من استمرار الفجوة بين “النصوص القانونية” و”الممارسات الواقعية”، لأن هذه الهوة تضعف فعالية المنظومة الوطنية لمكافحة الفساد وتعيق تحقيق الأهداف المرجوة.

وأكد الأمين العام أن التحدي الحقيقي لم يعد يكمن في “سنّ القوانين أو إعداد الاستراتيجيات”، بل في ضمان فعاليتها الميدانية وتأثيرها الفعلي على سلوك الإدارات والمؤسسات، مشيرا إلى أن التحسن في المؤشرات التشريعية “لم يُواكبه تحسن نوعي في الأداء الإداري أو في مستوى ثقة المواطنين بالمؤسسات”.

كما سلطت الهيئة الضوء على أن مؤشرات الفساد، التي تعتمدها المؤسسات الدولية كالبنك الدولي، لا تزال تظهر “استمرار الوضع غير المرضي لواقع محاربة الفساد”، فبالرغم من بعض التقدم المسجل في مؤشرات محددة كـ “مؤشر TRACE لمخاطر الرشوة”، إلا أن مؤشرات أخرى كـ “مؤشر سيادة القانون” أظهرت انخفاضا طفيفا، مما يؤكد أن جهود المكافحة لم ترق بعد إلى مستوى الطموحات المعلنة.

واعتبرت الهيئة أن هذه المؤشرات ليست غاية في حد ذاتها بل هي “مرآة نقدية” لتقييم الواقع، مشددة على أن الفساد “يحد من مناخ الاستثمار”، مما يتطلب تعبئة وطنية شاملة وتنسيقا مؤسساتيا محكما لترسيخ ثقافة النزاهة وتعزيز صورة المملكة لدى شركائها الدوليين والمستثمرين الأجانب.

وذكر العمومري بأن مكافحة الفساد هي “قضية دولة ومجتمع” ومسؤولية جماعية، مؤكدا أن الهيئة تعمل حاليا على تتبع وتقييم الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد (2015-2025)، ومن المتوقع أن تعلن عن نتائج هذا التقييم في الأسابيع المقبلة، مشيرا إلى أن التقرير سجل بعض التقدم ولكنه لم يحقق الأثر المطلوب على المواطن.

كما كشف الأمين العام للهيئة أن المؤسسة تواصل العمل على ملفات حساسة تخص تضارب المصالح والإثراء غير المشروع، مشدداً على أن ضمان فعاليتها يتطلب إحداث لجان وطنية للتتبع واليقظة لتحويل الإطار الدستوري والقانوني إلى واقع ملموس يحقق الثقة المتبادلة بين المواطنين والمؤسسات.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x