لماذا وإلى أين ؟

كيف يتصور الصحراويون الحكم الذاتي؟

يشكل تحيين مبادرة الحكم الذاتي، بتعليمات من الملك محمد السادس، محطة مفصلية في مسار تسوية النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، إذ من المؤكد ان رأي الفاعل الصحراوي في هذا المشروع بات مطلوبا أكثر من أي وقت مضى، سواء على اعتبار أنه المعني الأول بهذا النموذج الذي سيدبر شؤونه، أو لأنه الأقرب إلى فهم خصوصية المنطقة وتقاطباتها ومطالب سكانها سواء الحاليين أو الذي يجب إقناعهم بالعودة.

ودَخَل ملف الصحراء، بعد صدور قرار مجلس الأمن رقم 2797، وما حمله من إشادة واضحة بالمقترح المغربي واعتباره أساسا جديا وواقعيا للتفاوض، مرحلة جديدة عنوانها التفصيل والتجويد في إطار السيادة الوطنية والمقاربة التشاركية.

في هذا السياق، انعقد بالديوان الملكي اجتماع ترأسه مستشارو الملك، حضره زعماء الأحزاب السياسية الوطنية، إلى جانب وزيري الداخلية والخارجية، خُصص لموضوع تحيين وتفصيل مبادرة الحكم الذاتي.

وخلال الاجتماع، الذي عقد بداية الأسبوع الجاري، دعا مستشارو الملك الأحزاب إلى تقديم تصوراتها ومذكراتها حول الصيغة المحدثة للمبادرة، تأكيدا على أن هذا الورش يهم جميع المغاربة، وأن الرؤية الملكية تقوم على التشاور الشامل بشأن القضايا المصيرية.

من جهة أخرى، وفي تكامل مع رأي الفاعل الحزبي المؤسساتي، يرى الفاعلون الصحراويون أن مشروع الحكم الذاتي “لا يمكن أن يكون مجرد صيغة إدارية، بل هو مشروع لبناء وحدة إنسانية ومجتمعية”. وفي هذا السياق، يقول المستشار بجماعة العيون محمد سالم بداد: “مشروع الحكم الذاتي نتصور أنه يجب أن يشمل الإقليم المعني دون إهمال باقي الأقاليم، فنحن بحاجة لتعديل دستوري يسمح بتحقيق نموذج جديد لمملكة الجهات”.

وأضاف بداد، ضمن تصريح لجريدة “آشكاين” الإخبارية، “نموذج الحكم الذاتي المغربي يجب أن يكون من ضمن أرقى النماذج المعمول بها على مستوى العالم، لكن في نفس الوقت يجب أن يراعي الخصوصية المغربية المرتبطة بتاريخنا وثقافتنا والأهداف التي نبتغيها”.

محمد سالم بداد

ويرى بداد أن التجارب المقارنة مفيدة لكنها غير قابلة للاستنساخ، قائلا: “لا يمكن أن نستورد التجارب المقارنة كما هي، ومن حقنا أن نبدع تجربتنا الخاصة”، منبها إلى أن “الشكل ليس هو المهم، بقدر ما تهم المردودية والأثر على المواطن وقدرته على تجاوز تعقيدات الملف”.

وشدد المستشار بجماعة العيون على أنه “من بين الأشياء التي يجب أن نركز عليها هو العمل من أجل بناء مصالحة وطنية شاملة تضمن الوحدة، كما قال جلالة الملك، سواء مصالحة للعائدين مع المغرب أو مصالحتهم مع أبناء عمومتهم الصحراويين”.

ووقف بداد كثيرا عند الحاجة إلى “وحدة إنسانية ومجتمعية أكثر منها وحدة إدارية”، معتبرا أن “المشروع يجب أن يضمن المساواة بين الجميع، سكان الصحراء الحاليين والعائدين”.

أما إبراهيم بلالي اسويح، المحلل السياسي وعضو المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، فيعتبر أن المقترح المغربي للحكم الذاتي دخل اليوم مرحلة النضج السياسي والدبلوماسي.

ويرى اسويح، ضمن تصريح لجريدة “آشكاين” الإخبارية، أن “المبادرة المغربية للحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب سنة 2007 كان تأثيرها كبيرا من حيث استمرار تشبث مجلس الأمن الدولي بثوابت الحل السياسي، وبذلك كانت دائما تحظى بالإشادة بكونها ذات مصداقية وجدية، لكن القرار الأخير اعتبرها الأساس التفاوضي ذو الجدوى”.

واستطرد الفاعل الصحراوي قائلا: “المرحلة الحالية بعد صدور قرار مجلس الأمن 2797 لها ما بعدها، بحيث أن منطوق القرار يدعو الأطراف إلى التعاون مع الوسيط الأممي لبدء المفاوضات على قاعدة المقترح المغربي”. ويرى أن “هذا المقترح الذي أشار إليه جلالة الملك بعد صدور القرار الأخير سيتم تحيينه وتفصيله، دون أن يمس جوهر المسودة الأولى التي ركزت على المحددات الكبرى دون الدخول في التفاصيل”.

ابراهيم بلالي اسويح

وأوضح اسويح أن “المسودة الجديدة لمقترح الحكم الذاتي التي ستسلم للأمم المتحدة قد تتجاوز الفقرات السابقة، حسب المشاورات الجارية، لكنها ستبقى وفية للجوهر الذي رسمه جلالة الملك في خطابه بمناسبة القرار التاريخي الأخير”.

وحول سؤال الملامح الكبرى للمشروع، أجاب اسويح: “من المؤكد أنه لن يخرج في اعتقادي عن التقسيم السابق الذي ورد في المسودة الأصلية، لأنه يراعي خصوصية النزاع، بحيث إن القسم الأول تكلم عن التزام المملكة بالعمل على إيجاد تسوية توافقية ونهائية، وكذلك السياق العام الدولي والوطني. ثم في القسم الثاني العلاقات بين المركز والجهة، وهنا طبيعة الاختصاصات والأجهزة قد يكون فيها مجموعة من التعديلات، وكذلك الأمر في المقتضيات المستمدة من ميثاق الأمم المتحدة أو دساتير دول قريبة جغرافيا وثقافيا من المغرب قد يطالها التحيين، والتفصيل أكثر في هيئات الحكم الذاتي وتوزيعها”.

وزاد الخبير السياسي قائلا: “أما القسم الثالث فهو مرهون بطبيعة المفاوضات، لأنه يتحدث عن مسار التوافق وكذا مراحل تنزيل هذا المقترح، ومن الطبيعي ألا تبقى فقرات هذا المقترح محددة في 35، وربما قد تتجاوز ذلك حسب المشاورات الجارية حاليا حول المسودة الجديدة لمقترح الحكم الذاتي التي ستسلم للأمم المتحدة، كما جاء في خطاب جلالة الملك بمناسبة صدور هذا القرار التاريخي”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x