2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
عاشت منطقة بوسكورة على وقع جدل واسع بعد تنفيذ السلطات المحلية قرار هدم مشروع سياحي ضخم معروف باسم “قصر بوسكورة” أو “الكريملين”، وهو مشروع تجاوزت كلفته 16 مليار سنتيم، حسب تصريحات صاحبه، وكان في مراحله الاخيرة قبل أن يتحول الى انقاض بدعوى غياب اختلالات قانونية.
وتسبب تنفيذ الهدم في اجراءات إدارية نتج عنها إلحاق باشا بوسكورة بالعمالة بدون مهمة، بينما تصاعدت الاسئلة حول شرعية المسطرة ودقة مراقبة السلطات للأراش التي استمرت لخمسة أعوام دون ايقاف مبكر للأشغال.
وتفاعلا مع الجدل الكبير الذي خلفه قرار الهدم والاجراء الذي اتخذ في حق المسؤولين الترابيين، أكد الخبير في التعمير والإطار في الوكالة الحضرية القنيطرة- سيدي قاسم- سيدي سليمان، مصطفى الشفك، أن “عملية الهدم في بوسكورة – من منظور قانوني – تستند إلى مسطرة مشروعة إذا كانت مقرونة بمحاضر رسمية وقرارات معللة”، منبها إلى أن “المشكل الحقيقي يكمن في تأخر التدخل، وهو ما يضع السلطات الترابية والهيئات المختصة أمام مسؤولية مراجعة أساليب المراقبة، ضمانا لعدالة تعميرية تحمي المجال العمراني وتطمئن المستثمر والمواطن في آن واحد، وهنا يطرح سؤال: لماذا تأخر التدخل بالرغم من مؤشرات المخالفة المبكرة؟”.
ومعلوم أن أي قرار بالهدم في المغرب يرتكز على الاطار القانوني المنظم للتعمير، وخاصة القانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير، والقانون 66.12 المتعلق بزجر المخالفات، حيث يلزم هذا الاطار السلطات باتباع مسطرة دقيقة قبل الوصول الى مرحلة الهدم.
وقال مصطفى الشفك، ضمن تصريح لجريدة “آشكاين” الاخبارية، إن “مسطرة الهدم بالمغرب تقوم على مراحل محددة تشمل تحرير محضر رسمي، وإشعار المعني بالمخالفة، وإصدار قرار إداري يتضمن أحد الحلول: إيقاف الاشغال، الهدم الجزئي، أو الهدم الكلي، حسب خطورة المخالفة، ثم منح صاحب المشروع مهلة لتسوية الوضع أو للهدم الذاتي، قبل تنفيذ القرار جبرا إذا رفض الامتثال”.
وفي هذا السياق، أكد الشفك أن السلطات المحلية تتحمل مسؤولية مباشرة في متابعة اوراش البناء، وتابع: “السلطة المحلية تعتبر الجهة المباشرة المكلفة بمراقبة أوراش البناء داخل نفوذها الترابي، وهي ملزمة بالتدخل الفوري عند تسجيل أي بناء بدون رخصة أو مخالف لتخصيص الأرض”.
وأشار الخبير في التعمير الى أن “الجماعة الترابية تتحمل أيضا جزءا من المسؤولية لكونها الجهة التي تسلم رخص البناء والاستغلال”.
وبخصوص دور مصالح التعمير والوكالة الحضرية، أكد الشفك أن “الوكالة الحضرية شريك أساسي في الدراسة المسبقة لمشاريع البناء، لكن دورها في المراقبة الميدانية محدود”، ومع ذلك، يضيف المتحدث ” أي اختلاف بين مخرجات الدراسة الأولى وبين الواقع المنجز يطرح سؤالا حول وضوح وشفافية المساطر، وحول التواصل بين مختلف المصالح”.

ونبه الشفك الى مسألة في غاية الاهمية والمتعلقة بالفجوة بين اتخاذ القرار وتنفيذه، موضحا أنه “قد تكون القرارات الإدارية للهدم أو الإيقاف صادرة منذ مدة، لكن تنفيذها قد يعلق بسبب طعون، أو محاولات التسوية، أو ضعف التنسيق بين الإدارات، وهي عوامل قد تؤدي الى تراكم الاشغال غير القانونية الى مستويات متقدمة، ما ينتهي بـ’هدم بعد فوات الأوان'”.
وفي سياق تحديد المسؤوليات، من أجل ضمان عدم تكرار مثل هذا السيناريو، قال الشفك: “تحديد المسؤوليات ليس هدفه البحث عن مذنب، بل تحسين الحكامة العمرانية ومنع تكرار المنشآت غير القانونية التي تهدر المال والجهد وتخلق صدامات مجتمعية”.
وزاد الخبير في التعمير أن هذه العملية تتطلب “تحقيقا إداريا وقانونيا لتحديد كل الاطراف التي قصرت في المراقبة أو التنفيذ، تعزيز الشفافية في منح الرخص وفي نشر المعلومات المتعلقة بالمشاريع الكبرى داخل المجال الترابي، تقوية أجهزة المراقبة ودعمها بالموارد البشرية والتقنية الضرورية، وربط المسؤولية بالمحاسبة وفق الدستور والقوانين الجاري بها العمل”.