لماذا وإلى أين ؟

شادي البراق عبد السلام: كينيا تتحول من دعم البوليساريو إلى الشراكة الاقتصادية بالعيون

قامت السفيرة الكينية المعتمدة بالرباط، جيسيكا موثوني جاكينيا، بزيارة أولى من نوعها إلى مدينة العيون على رأس وفد اقتصادي، في خطوة تعكس اعترافا ضمنيا بالسيادة الاقتصادية للمغرب على الأقاليم الجنوبية وتعزز التعاون الاستثماري بين البلدين.

تفاعلا مع الزيارة، أكد الخبير في إدارة الأزمات وتدبير المخاطر وتحليل الصراع، البراق شادي عبد السلام، أن “الدينامية الإيجابية التي يعرفها المغرب، وتزايد الاعتراف الدولي والإفريقي بالموقف المغربي، لا يمكن فصلها عن الرؤية الملكية المتبصرة التي أرساها الملك محمد السادس للسياسة الإفريقية”.

وأوضح المتحدث في تصريح لجريدة “آشكاين” أن هذه السياسة، “قائمة على مبادئ التعاون جنوب جنوب والتنمية المشتركة والتضامن الفعلي، نجحت في تحويل الأقاليم الجنوبية من منطقة نزاع إلى بؤرة إشعاع اقتصادي وجسر للاستثمار يربط المغرب بعمقه القاري”.

وكشف أن “الرؤية الاستباقية التي أعادت صياغة الأولويات الدبلوماسية نحو الشراكة البراغماتية والمصالح المتبادلة مكنت المغرب من توظيف الدبلوماسية التنموية بفعالية فائقة”. ولفت إلى أن “زيارة الوفد الكيني، وغيرها من الدول التي سبقته، تمثل تجسيدا عمليا لنجاح هذه الاستراتيجية التي وضعت التنمية الشاملة كأداة رئيسية لتثبيت الأمر الواقع وآلية لإنهاء النزاع الإقليمي المفتعل”.

وأشار المصدر إلى أن “زيارة السفيرة الكينية المعتمدة لدى الرباط، جيسيكا موتوني غاكينا، على رأس وفد اقتصادي نوعي إلى مدينة العيون، تمثل خطوة استراتيجية قصوى، مؤكدة على الدينامية الإيجابية المتسارعة التي يشهدها ملف الوحدة الترابية”.

وشرح أن “هذه الزيارة، كونها الأولى من نوعها لمسؤول كيني بهذا المستوى إلى الأقاليم الجنوبية، تتجاوز الأبعاد البروتوكولية لتشكل تجسيدا عمليا للتحول الواضح في الموقف الكيني الداعم لمبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، باعتبارها الإطار الواقعي والعملي لتسوية النزاع الإقليمي المفتعل”.

ولفت الخبير إلى أن “تزامن هذه الخطوة مع القرارات الأخيرة لمجلس الأمن الدولي، التي تجدد التأكيد على وجاهة المقترح المغربي، يمنح الزيارة ثقلا دبلوماسيا إضافيا ويعكس الانسجام التام بين التحرك الثنائي للمملكة والدينامية الأممية”.

وأضاف أن “الهدف من الزيارة يتعدى البعد السياسي ليؤسس لشراكة استراتيجية جديدة عابرة للقارات، حيث يُشير الوفد الاقتصادي المرافق للسفيرة إلى النية الواضحة في توسيع قاعدة التعاون الثنائي وربط المصالح المشتركة”.

واسترسل المُصرج أن “تركيز أجندة الوفد الكيني على زيارات ميدانية للمشاريع الكبرى في مجالات حيوية مثل اللوجستيك والطاقات المتجددة والصناعات البحرية، يؤكد أن نيروبي تنظر إلى الأقاليم الجنوبية كبوابة استثمارية ومركز إقليمي صاعد للتنمية، وليس مجرد منطقة نزاع”.

وأكد أن “هذا الاهتمام البراغماتي يفتح الباب أمام انخراط كيني فعلي في الأوراش التنموية التي يشهدها الجنوب المغربي، ما يعزز موقع العيون كقطب اقتصادي إفريقي يربط المغرب بعمقه القاري”. موردا أن “هذه الخطوة تمثل رسالة استراتيجية قوية إلى المحيط الإقليمي والدولي، وتحديدا دول الاتحاد الإفريقي، مفادها أن هناك تيارا متناميا ومؤثرا داخل القارة يتبنى الرؤية البراغماتية المغربية للحل”.

كما كشف أن “انضمام كينيا، كدولة ذات ثقل ونفوذ في شرق إفريقيا، إلى قائمة الدول التي تدعم الحل المغربي يرسخ الاعتراف الدولي المتزايد بوجاهة الحكم الذاتي ويعزز من الشرعية الإفريقية للموقف المغربي”. فالزيارة بحسبه “ترسخ مفهوم التحول الجذري الذي طرأ على ملف الوحدة الترابية، حيث نجح المغرب في نقل الملف من مرحلة إدارة الصراع إلى مرحلة تثبيت الأمر الواقع بالتنمية الشاملة وجذب الاستثمارات”.

ووٍفق الباحث فإن “الخطوة الكينية تدعم الرؤية المغربية القائمة على أن التنمية الاقتصادية والشراكات المستدامة هي المدخل الفعال لإنهاء النزاع الإقليمي المفتعل، وتثبت أن الأقاليم الجنوبية أصبحت منطقة جاذبة لرؤوس الأموال والخبرات الدولية، بدلا من كونها جزءًا من حالة اللايقين الإقليمي والدولي”.

وأضاف أن “هذا التوجه البراغماتي يفسر تزايد عدد الدول التي تفتح قنصلياتها وتُرسل وفودها الاستثمارية للجنوب المغربي”. مسترسلا أن “الزيارة تمثل نجاحا دبلوماسيا واقتصاديا مضاعفا للمملكة المغربية. كما أنها لا تقتصر على تأمين دعم سياسي هام من دولة إفريقية مؤثرة ذات وزن دبلوماسي وسياسي، بل تعمل أيضا على بناء شراكة استثمارية صلبة تخدم المصالح العليا للبلدين”.

وأكد أن “هذه الخطوة توضح بجلاء أن الأقاليم الجنوبية أصبحت قاطرة للتنمية والاستثمار ومحورا استراتيجيا لا يمكن تجاوزه في تعميق التعاون بين شمال وجنوب الصحراء الكبرى، وتبعث رسالة واضحة عن تآكل المواقف غير المسؤولة وغير المنطقية في الساحة الإفريقية والدولية.”

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x