لماذا وإلى أين ؟

مغرب 2025: من مجد الشباب إلى وحدة التراب

محمد الشاطئ

المملكة المغربية من أقدم الممالك في التاريخ، يمتد عمرها إلى حوالي 1237 سنة، لذلك تفردت عن غيرها وتميّزت بالكثير من الإنجازات في ميادين مختلفة ومتنوعة، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:

في ميدان التعليم، أُسست أول جامعة في التاريخ، وهي جامعة القرويين بمدينة فاس المغربية سنة 859 م على يد فاطمة الفهرية.

في ميدان السياسة، سجّل التاريخ أن أول من اعترف بالولايات المتحدة الأمريكية هي المملكة المغربية سنة 1777 م.

أما في الميدان الرياضي، يُعتبر المنتخب المغربي أول منتخب إفريقي وعربي يصل إلى نصف نهائي كأس العالم لكرة القدم في التاريخ، وذلك سنة 2022 م بدولة قطر.

وتتمة لما سبق، شهدت المملكة المغربية، والعالم معها، على مشارف نهاية سنة 2025 م، حدثين تاريخيين في ميدانين مختلفين نصّبا نفسيهما على رأس الأحداث التي سيحفظها التاريخ ويُبنى عليها المستقبل.

  • الملحمة الكروية التاريخية

يتمثل الحدث الأول، والذي يمكن وصفه بالملحمة الكروية التاريخية، في تتويج المنتخب الوطني للشباب بكأس العالم (U20) بدولة الشيلي، وهو أول فوز لمنتخب مغربي وعربي بلقب كأس العالم أو بلقب تحت لواء الفيفا.

هذا التتويج جاء بعد أن تفوق المنتخب المغربي على أعتى المدارس الكروية في العالم، أهمها إسبانيا والبرازيل وفرنسا والأرجنتين، وقدم أداء فنيا ومهاريا وتكتيكيا أذهل المتابعين، و ألحقه في مصاف الدول الكبرى في الرياضة الأكثر شعبية ومتابعة في العالم، ألا وهي كرة القدم.

وعلى ضوء هذا الإنجاز، الذي حفر به المغرب اسمه من ذهب بين أباطرة كرة القدم العالمية، بزغ العمل الجبار الذي قامت به الدولة المغربية عن طريق أكاديمية محمد السادس لكرة القدم، التي أشرف على تأسيسها الملك محمد السادس بنفسه سنة 2007 م، ولعبت دورًا محوريًا في تبنّي المواهب الشابة، وتطوير الفئات السنية، والرفع من جودة اللاعب المغربي عامة.

بالإضافة إلى ذلك، ساهم وصول المنتخب المغربي إلى نصف نهائي كأس العالم 2022 م بقطر في تشجيع أميز المواهب مزدوجي الجنسية على اختيار تمثيل المنتخب المغربي دون تردد، بسبب الإشعاع العالمي الذي أصبحت تتمتع به الكرة المغربية.

نتيجة لذلك، ضرب المغرب عصفورين بحجر واحد: الأول يتمثل في فوزه بلقب عالمي تاريخي، والثاني يتجلى في تكوين منتخب متعوّد على الألقاب، يمكن أن يُعوَّل عليه في المستقبل للمنافسة على لقب كأس العالم للكبار سنة 2030م، والذي من المنتظر أن تنظمه المملكة المغربية بالمشاركة مع نظيرتيها إسبانيا والبرتغال.

  • القرار الأممي: انتصار للوحدة والسيادة

أما الحدث التاريخي الثاني، وهو الأعظم في تاريخ المغرب الحديث، فيتمثل في القرار رقم 2797 الصادر عن الأمم المتحدة، والذي عبّر بصراحة عن أن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو الأساس الوحيد للتفاوض مع جبهة البوليساريو والدول الرافضة لسيادة المغرب على صحرائه في المستقبل.

هذا القرار التاريخي، كان نتيجة خمسين سنة من العمل الجاد والدؤوب الذي قامت به المملكة المغربية عبر كل مؤسساتها الدبلوماسية والسياسية في أروقة الأمم المتحدة، ضد بعض الجهات في كل بقاع العالم، الذين حاولوا الحد من أي نمو أو تقدم أو ازدهار للمملكة المغربية عبر ابتزازها في قضيتها الأولى، وهي الصحراء المغربية، ووضع هذا المشكل المفتعل كحجر عثرة في طريقها من خلال التهديد بدعم الانفصاليين عند كل خلاف أو خطوة ناجحة نحو الازدهار السياسي أو الاقتصادي.

لقد حمل يوم 31 أكتوبر 2025 م الخبر السار لشعب المغربي قاطبة ولكل مناصري الحق والعدل في العالم، إذ كوفئ المغرب على عمله المتميز في بناء وتطوير البنية التحتية، والديمغرافية، والاقتصادية للأقاليم الصحراوية، وأُعطي الشرعية السياسية التي يستحقها بميزان الإنصاف والتاريخ، واستنادًا إلى البيعة التاريخية بين القبائل الصحراوية و سلاطين المغرب منذ الأزل.

بالتالي تكاملت الشرعية الأممية (القرار 2797: الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كأساس وحيد للتفاوض في المستقبل) مع السيادة العسكرية التي يمتلكها المغرب على الأرض، بالإضافة إلى الشراكات والعلاقات الثنائية المتوافقة والبناءة مع معظم دول العالم واعترافها بمغربية الصحراء على غرار الولايات المتحدة الأمريكية وأغلبية دول الاتحاد الأوروبي ودول الخليج.

  • 31 أكتوبر… عيد الوحدة

خلاصة لما سبق، يمكننا القول إن الدبلوماسية المغربية نجحت في طيّ هذا الملف بفعالية واقتدار وبشكل شبه كامل في انتظار إتمام بعض الشكليات القانونية، كما فاجأ الملك محمد السادس كل المغاربة والعالم، و توج بحكمته وفطنته المعهودتين، هذا النجاح وهذا النصر الدبلوماسي والسياسي بإعلان وترسيم يوم 31 أكتوبر عيدًا وطنيًا تحت اسم “عيد الوحدة”.

  • من النصر إلى البناء

في الختام، وبعد أن بصم المغرب في الربع الأخير من سنة 2025 م على إنجازين سيخلدان في تاريخه، ويُضافان إلى باقي إنجازاته السابقة، ويتغنى بهما أجيال المستقبل لسنين عديدة، ويُكتبان بحروف من ذهب في أرشيف التاريخ العالمي، فإنه على مكونات المجتمع المغربي بكل أطيافه ألا تكتفي بالاعتزاز والافتخار والتهليل بهذا النجاح الرياضي والسياسي، بل عليها أن تبني عليه لتحقيق التفوق والنجاح في باقي المجالات واستثماره على الشكل التالي:

استغلال صدى وإشعاع فوز المنتخب المغربي للشباب بكأس العالم للترويج إعلاميًا لكأس العالم 2030 م، المنظم في المغرب بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال لإنجاح المحفل الكروي العالمي المعول عليه لإحداث طفرة اقتصادية في المملكة، خاصة في مجالي السياحة والخدمات.

الاستفادة من القرار الأممي الإيجابي حول الصحراء الغربية لجلب الاستثمارات الخارجية وعقد شراكات اقتصادية جديدة ومثمرة، والترويج للسياحة الصحراوية،  بهدف الدفع بعجلة الاقتصاد الوطني والحد من البطالة، وبناء مستقبل أفضل ومستدام يرقى لانتظارات المواطن المغربي ويُساهم في رفاهيته.

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين و إنما تعبر عن رأي صاحبها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x