2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
كشف تقرير حديث أن القطاع الصحي الخاص بالمغرب يشهد نموا متسارعا مستفيدا من التغطية الواسعة للتأمين الإجباري على المرض “أمو تضامن”، فيما يعاني القطاع العمومي من تدهور مستمر في الخدمات والبنية التحتية.
وأظهر التحليل المالي، الصادر عن مركز أبحاث “بي إم سي إي كابيتال غلوبال ريسرش”، أن حوالي ثلثي مداخيل شركة “أكديطال” الرائدة في القطاع الصحي متأتية من صناديق الضمان الاجتماعي، مما يعكس تزايد هيمنة القطاع الخاص على الموارد الصحية، وهو ما يدعم أرقام سبق أن كشفت عنها مؤسسة المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.
وتعليقا على هذا التقرير، أكد علي لطفي، رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة، أن “تطور المنظومة الصحية ببلادنا اليوم ينحو في اتجاه دعم القطاع الخاص بشكل كبير، حيث تسارعت في الفترة الأخير استثماراته، في الوقت الذي تعيش فيه المستشفيات العمومية انهيارا وتدهورا متواصلين”.
وأوضح لطفي، ضمن تصريح لجريدة “آشكاين” الإخبارية، أن “الازدياد الكبير لعدد المصحات الخاصة يُفسر بكون أن 80 في المائة من النفقات الإجمالية لصناديق التأمين في المغرب، وليس 67 فقط، وهو الرقم الذي سبق أن أعلن عنه المجلس الاقتصادي والاجتماعي، تذهب للمصحات الخاصة، وهو رقم مخيف جدا”.
وقال لطفي: “اليوم المنظومة الصحية ببلادنا تسير بسرعتين، قطاع خاص سريع النمو ومتقدم ويخدم فئات واسعة في المجتمع، مقابل قطاع عام بطئ وأقل جودة ويخدم الآن فئات محدودة”.
وأشار لطفي إلى أن “القطاع الخاص يحقق اليوم أرباحا بالملايير، تفوق 2 مليار درهم سنويا، ولدينا 39 مستشفى تابع لأكديطال في مدة قصيرة، وفي 2026/2027 سيتجاوز عددها 50 مستشفى خاص موزعة على مختلف مناطق المغرب”، موضحا أن “44 في المائة من حاملي بطاقة امو تضامن يتوجهون للمستشفيات الخاصة”.
وأكد لطفي، ضمن تحليله لواقع المنظومة الصحية ببلادنا، أن “المستشفيات العمومية لا تتوفر على إمكانيات ولا تقدم خدمة ذات جودة، وهو ما يجعل المصحات الخاصة أكثر جاذبية وتستفيد بشكل أكبر من المبالغ المخصصة للدعم الصحي”، مضيفا “نحن أمام وضعية خطيرة جدا”.
وشدد رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة، على أن المستشفيات العمومية “تعاني بشكل كبير جدا، سواء في ظروف العمل القاسية للأطر أو في التجهيزات”، مشيرا إلى أن الحكومة “رفعت ميزانية قطاع الصحة من 19 مليار درهم سنة 2021 إلى 42 مليار درهم سنة 2026، وهو امر إيجابي، لكن السؤال الجوهري الذي يجب طرحه هو هل توجه هذه المخصصات للمستشفيات العمومية والعلاجات الأولية؟”.

ويشير التقرير الصادر حديثا إلى أن التوسع السريع لشركة “أكديطال” الرائدة في الميدان الصحي يعتمد على التغطية الواسعة للتأمين الإجباري على المرض، ما سمح لها بزيادة عدد المصحات إلى 39 مصحة في 23 مدينة بطاقة استعابية تبلغ 4419 سريرا حتى شتنبر 2025، مقارنة مع 3706 سرير سنة 2024.
ويحذر الخبراء من أن اعتماد الشركات الكبرى على أنظمة الضمان الاجتماعي يمثل سيفا ذا حدين، إذ أن أي إصلاحات مستقبلية في التعويضات أو التسعير قد تؤثر بشكل مباشر على الأرباح، في المقابل، تبقى آجال الانتظار الطويلة بالمستشفيات العمومية والتمركز الجهوي للمستشفيات الجامعية عاملا يتيح للقطاع الخاص ميزة تنافسية، خصوصا في المدن المتوسطة والنائية.