لماذا وإلى أين ؟

انعقاد اللجنة المشتركة المغربية الموريتانية بنواكشوط يمكن قراءتها على ثلاثة مستويات أساسية (صبري)

أعلن وزير الخارجية ناصر بوريطة عن عقد الدورة التاسعة للجنة العليا المشتركة المغربية الموريتانية في نواكشوط نهاية دجنبر، مُطلقا دينامية دبلوماسية جديدة تعكس حرص الرباط ونواكشوط على تعزيز مصالحهما المتبادلة في لحظة إقليمية ودولية دقيقة.

وتأتي هذه الدورة في سياق تحولات متسارعة يشهدها الملف الإقليمي، وفي ظل زخم دولي متنام لصالح المقترح المغربي، ما يمنح هذا اللقاء طابعاً سياسياً أعمق يتجاوز البعد التقني للتعاون الثنائي بين البلدين.

عبد النبي صبري، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس والمحلل السياسي، يرى”أن الإعلان عن عقد الدورة التاسعة للجنة العليا المشتركة المغربية الموريتانية بنواكشوط نهاية الشهر المقبل “يمكن قراءته على ثلاثة مستويات أساسية”.

وأوضح صبري في تصريح لجريدة “آشكاين” أن “المستوى الأول هو البعد التاريخي حيث تربط المغرب بموريتانيا علاقات تاريخية قوية وروابط دينية متجذرة، لا يمكن الفصل بينها بحكم وحدة العادات والتقاليد، لاسيما في الأقاليم الجنوبية”.

وأضاف أن “العلاقات بين الشعبين تقوم على المصاهرة والوشائج الروحية، وأن الحضارة المغربية امتدت جذورها إلى موريتانيا، بلد المليون شاعر، المتقاطع في هويته مع المغرب الذي يقرأ فيه حزب قبل طلوع الشمس وحزب بعد غروبها”.

وأشار الباحث إلى أن “المستوى الثاني هو البعد الجيوسياسي والاستراتيجي، فالمغرب وموريتانيا يشكلان جسرين لا حاجزين في المنطقة، وأن الرباط ساعدت نواكشوط في مراحل سابقة وتعي جيدا أهمية التوازن الإقليمي في ظل التحديات المتزايدة عبر حدودها”.

وأوضح أن المغرب “يمثل صمام أمان استراتيجيا لموريتانيا، سواء على المستوى الإقليمي أو الأمني”، مشيرا إلى أن “الشراكة بين البلدين تترسخ من خلال زيارة الرئيس الموريتاني للرباط ولقائه الملك محمد السادس، وما نتج عنها من تأكيد للتوجهات الاستراتيجية المشتركة”.

وأضاف المتحدث أن “اللجنة العليا المشتركة تُترجم الإرادة السياسية للبلدين، من خلال تحويل الشراكات والاتفاقيات والزيارات رفيعة المستوى إلى مشاريع عملية وملموسة يستفيد منها المواطنان المغربي والموريتاني”.

ولفت إلى “وجود مشاريع كبرى مهيكلة، من بينها خط أنبوب الغاز نيجيريا المغرب الذي سيمر عبر موريتانيا، والمبادرة الأطلسية التي ستُمكن دول الساحل، بما فيها موريتانيا، من ولوج البنيات اللوجستيكية البحرية المتقدمة”.

وأوضح الخبير أن “الاستثمارات المغربية في موريتانيا تشمل مجالات حيوية وبنيات تحتية مهمة، إلى جانب اتفاقيات للتعاون الاقتصادي والتبادل الثقافي والعلمي، مؤكداً أن العلاقات بين البلدين مقبلة على تحولات لافتة في ظل السياق الدولي الجديد”.

واعتبر صبري أن “قرار مجلس الأمن قلب المعادلات الإقليمية رأسا على عقب، من خلال تثبيت سيادة المغرب على أراضيه برا وبحرا وجوا، وإنهاء الهرطقات التي استمرت عقودا”.

وقال إن “موريتانيا، التي كانت تعتمد الحياد الإيجابي لدواعٍ جيوسياسية، تتجه اليوم تدريجياً نحو وضوح أكبر في ضوء الاعتراف الدولي المتزايد بالمبادرة المغربية للحكم الذاتي تحت السيادة المغربية”.

وشدد أستاذ العلاقات الدولية على أن “موريتانيا ستكون من بين المستفيدين من نهاية النزاع المفتعل”، خاصة في ظل التحديات الأمنية والعسكرية المرتبطة بمنطقة الساحل والصحراء”.

وحسب المتحدث فإن “الرباط ونواكشوط تربطهما علاقات تنسيق أمني وعسكري رفيع، تتجلى في التعاون داخل مناورات الأسد الإفريقي وفي حماية السواحل والحدود”. مذكرا أن “المغرب أصبح مدرسة في الاحترافية الأمنية والعسكرية” طوال العقود الماضية”.

وأورد صبري أن “الدورة المقبلة للجنة العليا المشتركة ستكون بطعم خاص، بالنظر إلى التطورات التي عرفتها القضية الوطنية، بما يتيح لموريتانيا التخفيف من أعباء وضغوط كثيرة كانت مفروضة عليها، خاصة مع تراجع نشاط الجماعات المسلحة في الممرات الحيوية المشتركة بين البلدين”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x