لماذا وإلى أين ؟

هل الدولة مسؤولة عن انتشار “الشوافات”؟

أعادت واقعة تصوير مجموعة من النساء اللواتي كن يترددن على امرأة قيل إنها تعمل “شوافة”، للأذهان نقاش انتشار مظاهر السحر والشعوذة في المجتمع المغربي.

الكثير من المنتقدين عاتبوا على النساء لجوءهن إلى هذه الأساليب، بل إنه تم تحميلهم المسؤولية في ما يحصل للأشخاص الآخرين كل تعرض أحدهم لمكروه، ليتم بذلك إغفال مسؤولية الدولة في تفشي هذه الظاهرة.

إن الدولة مسؤولة بشكل مباشر على انتشار الدجل وادعاء الخوارق والكرامات والسحر والشعوذة، وذلك عبر برامجها التعليمية التي توصف بـ”التجهيلية”، في ظل غياب استراتيجية واضحة تقوم على العلم والتكنولوجيا تماشيا مع العصر، والقطع مع الأفكار المتشددة والتي أكل عليها الدهر وشرب، حيث أن الإرث الديني والثقافي لازال يعشش في عقول فئات عريضة من المجتمع المغربي.

إن الدولة المغربية مسؤولة أيضا، لكونها تملك الوسائل والسبل سواء القانونية أو الأمنية من أجل ردع دُعاة الدجل والسحر والشعوذة. ففي كل حي يوجد العديد من المقدمين والشيوخ الذين يعرفون “الشاذة والفاذة” عن الساكنة، وبالتالي إن كانت هناك إرادة للقطع مع هذه الممارسات فإن ذلك ليس على الدولة بعسير، إذ يمكن للأجهزة الأمنية أو القضائية أو السلطات المحلية أن تضع حدا لذلك في سرعة البرق.

AID L3ARCH

إن الدولة مسؤولة أيضا، مادام العديد من المسؤولين ذوو المناصب العليا يترددون أيضا على الشوافة والعرافات و”الفقهاء” من أجل جلب الحظ و”القبول”، كما يفعل بعض البرلمانيين والمنتخبين خلال حملاتهم الانتخابية، كما أن الظاهرة معروفة لدى العديد من الموظفين في الطبقات المتوسطة من المجتمع المغربي.

إن الدولة مسؤولة كذلك، نظرا للغموض الذي يكتنف طريقة دعمها للزوايا والأضرحة والغرض من ذلك، بحيث أن هذه الأماكن تعد مزارا لدُعاة الشعوذة في مختلف مناطق المغرب، إذ يتم صرف الملايين من الدراهم في كل سنة كمِنح لهذه الأضرحة التي تشهد طقوسا موسمية تمر في أجواء مثيرة للاستغراب يتخيل معها المرء بأنه في عصر الجاهلية أو ما قبلها.

إن الدولة مسؤولة، لأنها وجدت ظالتها في هذا “الجهل” المتفشي داخل المجتمع، إذ وعلى سبيل المثال، عوض أن يحتج الشاب على الحكومة من أجل إيجاد عمل قار، يضطر لزيارة “الشواف” الذي يقدم له وصفة “القُبول” تُمكنه من الحصول على عمل حسب زعم العراف، وبالتالي فإن الدولة تستطيع بمثل هذه الأمثلة أن تضمن راحة البال في ظل “التخلف”.

وبالتالي فقبل إلقاء اللوم على نساء لا حول لهن ولا قوة، لكون مستواهن التعليمي ضعيف أو شبه منعدم، وجبت الإحاطة بالموضوع من كل الجوانب، والنظر إلى حدود مسؤولية الدولة في ما يحدث.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x