لماذا وإلى أين ؟

النهج يرد على مطالبة الاتحاد بحل الأحزاب المقاطعة.. وباحث يوضح

قال عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، “إن الأحزاب التي تمتنع عن المشاركة في الانتخابات ينبغي حلها”، معتبرا أن “استمرارها خارج الاستحقاقات يفقدها مبرر وجودها”.

ووجه البرلماني خلال مناقشة مشاريع القوانين التنظيمية المرتبطة بالانتخابات داخل لجنة الداخلية “انتقادات للأحزاب التي تتبنى خيار المقاطعة”، داعيا في المقابل إلى “الرفع من الدعم العمومي المخصص للأحزاب الأساسية المنخرطة بانتظام في العملية الانتخابية”.

ويُعتبر هذا الرأي جزءا من نقاش قديم يتجدد مع كل استحقاق انتخابي، حيث يظهر جدل بين مؤيد ومعارض لمقترح حل الأحزاب غير المشاركة وفي مقدمتها حزب النهج الديمقراطي العمالي.

وبينما يرى البعض أن استمرار هذه الأحزاب في المشهد السياسي بلا مشاركة في الانتخابات يُضعف الفاعلية ويُفقد العملية الانتخابية معناها، يؤكد آخرون على أهمية إبقاء هذه الأحزاب سواء شاركت أو امتنعت، لما توفره من فضاء لتخليق النقاش والتأطير ، حتى وإن كانت تعمل من خارج المؤسسات الرسمية.

بهذا الشكل، تُسهم هذه الأحزاب في تعزيز التعددية وإتاحة مساحة للتعبير عن مختلف الرؤى والأفكار، بعيدا عن الانحصار في صناديق الاقتراع وحدها، ما يجعلها أداة مهمة في تطوير الحياة السياسية وضمان مشاركة سياسية أوسع وأكثر تنوعاً على المدى الطويل.

الاتحاد الاشتراكي: يسار ضائع ومصداقية مفقودة

في هذا السياق، قال جمال براجع، الكاتب الوطني لحزب النهج الديمقراطي العمالي، إن الاتحاد الاشتراكي “قطع منذ سنوات مع كل ما يمت بصلة لليسار والتقدمية، بعد اندماجه العميق في البنية المخزنية”، معتبرا أن “مواقفه الحالية لم تعد تعكس الإرث النضالي الذي حمله تاريخيا”.

وأورد براجع في حديث لجريدة “آشكاين” أن “هذا الموقف ليس مفاجئ بل ينسجم مع طبيعة الحزب وموقعه الحالي الذي لا يصطف إلى جانب الاحتجاجات الشعبية ولا يدافع عن حقوق الإنسان، بل يكرس جهوده للوصول إلى الامتزيازات داخل الحكومة والبرلمان”. 

وأضاف أن “إثارة فكرة حل الأحزاب الممتنعة عن المشاركة في الانتخابات ليست جديدة، بل تُعاد في كل محطة انتخابية، وأن خلفيتها الأساسية هي محاصرة خيار المقاطعة الذي يشكل، بحسب تعبيره، المعضلة التي تؤرق المخزن والأحزاب الملتفة حوله”.

وأوضح القيادي اليساري أن “الانتخابات في المغرب، صورية وشكلية، لا تؤدي إلى مؤسسات قادرة على تمثيل الإرادة الشعبية أو الاستجابة لمطالبها، بقدر ما تنتج فضاءات تُستغل من قبل فئات تسترزق من الريع الانتخابي”.

وأشار المصدر إلى أن “حزبه ظل يقاطع الانتخابات السابقة لغياب شروط المنافسة الديمقراطية”، مؤكدا أن “أي مسار انتخابي جدي يقتضي إصلاحا دستوريا حقيقيا يضمن فصل السلطات وتجسيد السيادة الشعبية، بدل استمرار تركيز السلطة في يد واحدة”.

وانتقد براجع اتجاه الحكومة نحو تجريم التشكيك في الانتخابات، معتبرا ذلك “طعنة صريحة لحرية التعبير ومحاولة لإسكات الآراء المعارضة والتيارات الداعية إلى المقاطعة”. مشددا على أن “السلطة تسعى للقضاء على العمل السياسي خارج الإطار الرسمي، في ظل خنق الحريات العامة ومنع الوصول إلى الإعلام العمومي والفضاءات العامة”.

وأكد على أن الدفاع عن الديمقراطية يمرّ عبر حماية حرية الرأي والتعبير والتنظيم، مضيفاً: “لا يمكن بناء ديمقراطية حقيقية في ظل تغييب الأصوات المخالفة ومحاصرة الحق في الاختلاف”.

إضعاف التعددية وتقويض المشاركة السياسية

في المقابل، يرى الباحث في العلوم السياسية أشرف بولمقوس أن “النقاش الدائر حول مقترح حل الأحزاب التي لا تشارك في الانتخابات يبدو في ظاهره نقاشا تقنيا بسيطا، لكنه في العمق نقاش بالغ الخطورة، لأنه يمس واحدة من الثوابت التي حسمها المغرب منذ فجر الاستقلال، وهي التعددية الحزبية وحرية التنظيم السياسي”.

وأوضح بولمقوس في تصريح لجريدة “آشكاين” أن “حصر تعريف الحزب السياسي في المشاركة الانتخابية فقط هو فهم ضيق ومبتور، لأن الحزب، بحسب الأدبيات المختلفة، ليس مجرد أداة للوصول إلى السلطة، بل هو أيضا فضاء للتأطير، والتعبير عن الأفكار، والتأثير في القرار السياسي، حتى عندما يختار عدم المشاركة أو يتخذ موقف المقاطعة، باعتبارها بدورها موقفا سياسيا مشروعا”.

وأشار الباحث إلى أن “حل هذه الأحزاب لا يخدم الديمقراطية ولا يوسع المشاركة، بل يعمق الأزمة، لأن ضعف التأطير وغياب الوسائط هي أصلاً من أبرز تحديات المشهد السياسي”.

وحسب الباحث حل الأحزاب “يعني دفع المنخرطين فيها إلى البحث عن أشكال تعبير خارج التنظيمات السياسية، وهو ما يناقض منطق المشاركة الذي تدعو إليه كل المرجعيات الدستورية والخطب الملكية وسياسات الدولة”.

كما شدد على أن “مقترح الحل يتجاهل التجارب التي عرفها المغرب وعدد من الديمقراطيات، حيث غيرت أحزاب عديدة مواقفها عبر الزمن، فانتقلت من المقاطعة إلى المشاركة أو العكس، تبعا للسياقات السياسية”.

وخلص الباحث إلى أن “ربط الوجود القانوني للحزب بمشاركته الانتخابية هو مس خطير بحرية العمل السياسي وبحق التنظيم الذي يكفله الفصل 29 من الدستور”. فيما شدد على أن “الاتجاه نحو حل الأحزاب غير المشاركة يحول العملية الانتخابية إلى تقنية إجرائية”.

كما أن منطق حل حزب لا يشارك في الانتخابات حسب المتحدث “يضرب في العمق كل السياسات التي تبناها المغرب لتوسيع قاعدة المشاركة، سواء بالنسبة للشباب أو النساء أو الفئات التي كانت خارج العملية السياسية”.

واعتبر بولمقوس أن “اتخاذ قرار من هذا النوع لا يمكن إلا أن يُضعف المشهد الديمقراطي ويُقصي أصواتا سياسية تُسهم، ولو خارج المؤسسات، في تخليق الحياة العامة وتعزيز النقاش العمومي، مشدداً على أن المقاربة المقترحة تتنافى مع فلسفة المشاركة وتناقض المسار المؤسسي للدولة في العقود الأخيرة”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

3 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
احمد
المعلق(ة)
23 نوفمبر 2025 13:34

هذه العقلية الاقصائية تجعل الانتخابات هذفا مقدسا في حد ذاته، وليست مجرد وسيلة لحسم التعدد في المشاركة السياسية، وطريقة لتحقيق التمتيلية في المؤسسات المنتخبة كشمل اوحد ووحيد، إلا ان هناك اشكال اخرى للتمتيلية والحظور في الواجهة التمتيلية يضمنها ويحميها الدستور كالحظور في الجمعيات دات الطابع الحقوقي والانساني اوالمهني، ودعوة متل هذه فيها نوع من الشوفينية وتضع نفسها خارج الدستور من اول وهلة.

ملاحظ
المعلق(ة)
22 نوفمبر 2025 23:18

كل ما يقوله اليسار كذب ويعيد عن الواقع .انهم يقاطعون لانهم يعرفون ان لا احد يصوت عليهم .وحتى يستمرون في اجتراز شعارات انتهت والحقيقة هي ان من في القيادة لايهمهم الا الاسم في الساحة للارتزاق به فقط انهم يكذبون على انفسهم وعلى يتبعهم.فالمتغيرات السياسية في العالم اليوم هربت عليهم ولا زالوا رهينة الافكار الاتحاد السوفياتي التي انتهت

مغربي
المعلق(ة)
22 نوفمبر 2025 20:39

المغرب بلد. ليبرالي مند الاستقلال يوجد أحزاب لا تشارك في الانتخابات وهدا لا يضر المغرب بلد يزيد في وضعه اكثر ليبرالي

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

3
0
أضف تعليقكx
()
x