لماذا وإلى أين ؟

نفق المغرب–إسبانيا يدخل مرحلته الحاسمة نحو التنفيذ

في خطوة جديدة نحو تحقيق واحد من أضخم مشاريع الربط بين إفريقيا وأوروبا، دخل مشروع إنشاء نفق سككي بين المغرب وإسبانيا مرحلة حاسمة بعد نصف قرن من الدراسات الأولية. 

وجاء هذا التطور وفق مصادر إعلامية إسبانية عقب تأكيد شركة “Herrenknecht” الألمانية للجدوى التقنية خلال الصيف الماضي، ليتبعه الآن تحرك رسمي داخل الحكومة الإسبانية بقيادة بيدرو سانشيز لإعطاء دفعة قوية للمبادرة المشتركة. وتم تكليف شركة “Ineco” العمومية بإسبانيا، بتاريخ 3 نونبر 2025، باستكمال تحديث التصور الهندسي للمشروع بتمويل يتجاوز 960 ألف يورو من خطط الإنعاش الأوروبية.

ويُنتظر أن تقدّم الشركة الهندسية التقرير النهائي المحدث في غشت 2026، وفق خارطة طريق دقيقة تشمل إعادة صياغة التصميمات الأساسية المتعلقة بالمسار، والجيولوجيا، والجيوتقنية، والسلامة، والبنى التحتية المرتبطة بالنفق. ويعتبر تصميم النفق الاستكشافي، وهو نفق تجريبي يربط بين “Punta Paloma” في إسبانيا ومنطقة مالاباطا بطنجة، محور هذه المرحلة، إذ سيحدد بشكل نهائي مدى قابلية تنفيذ النفق السككي العابر لمضيق جبل طارق، خاصة في المناطق ذات المخاطر الجيولوجية العالية.

ولا يقتصر دور النفق الاستكشافي على الاختبارات التقنية فقط، إذ تشير الوثائق الرسمية إلى إمكانية دمجه مستقبلاً كجزء من البنية النهائية للمشروع، سواء كمسار للصيانة أو كمسار أمان أو حتى كحامل لشبكات البنية التحتية مثل الألياف البصرية والكهرباء. كما تشمل التحديثات الكبرى مراجعة مواقع المحطات على الجانب الإسباني، وعلى رأسها تحديد موقع المحطة الشمالية قرب Vejer de la Frontera وربطها بخط قطار Cádiz–Sevilla، إلى جانب تحديث شامل للخرائط الجيولوجية والبحرية وإعادة تقييم للخصائص الزلزالية للمنطقة.

وتفرض خطة العمل آجالاً صارمة تنتهي في يونيو 2026 بالنسبة للتصميم النهائي للنفق الاستكشافي، وفي غشت من العام نفسه لتسليم النسخة الكاملة من “anteproyecto”، دون أي إمكانية للتمديد بسبب ارتباط المشروع بتمويلات “NextGeneration” الأوروبية. ويتطلب هذا العمل ما يقارب 15 ألف ساعة تقنية، إضافة إلى فريق متعدد التخصصات من المهندسين والخبراء، في سياق دعم متزايد من الحكومتين المغربية والإسبانية، خاصة بعد الزيارة المشتركة لوفود البلدين للنفق النرويجي “Rogfast” باعتباره مرجعاً عالمياً في مجال الأنفاق الكبرى.

وترى الحكومة الإسبانية أن هذه الخطوة تمثل الانتقال من مرحلة التصور إلى مرحلة ما قبل التنفيذ، تمهيداً لإطلاق أولى الصفقات المتعلقة بحفر النفق الاستكشافي ابتداءً من 2027. وتشير التقديرات الأولية إلى أن الأشغال الميدانية قد تنطلق فعلياً في أفق 2030، بينما قد يتراوح تاريخ إنهاء النفق بين 2035 و2040، بميزانية تتجاوز 8.5 مليار يورو في الجانب الإسباني وحده، وتشمل النفق الرئيسي، والنفق الاستكشافي، والمحطة، والتجهيزات التقنية.

ويأتي هذا الزخم الهندسي والسياسي بالتزامن مع تقارب مغربي-إسباني متسارع منذ 2023، أثمر تعاوناً أقوى في المشاريع الاستراتيجية العابرة للمتوسط. وللمرة الأولى منذ عقود، يبدو نفق الربط القاري أقرب إلى الواقع منه إلى الخيال، رغم التحديات الجيولوجية والمالية الهائلة، ليظل المشروع مرشحاً ليكون حجر زاوية في مستقبل الربط الاقتصادي واللوجيستي بين القارتين.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x