2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
بين الصحفي والأستاذ الجامعي… كيف يتحول التبليغ عن الاختلالات إلى تهمة؟
عبد الحق غريب
ما كشفته التسريبات التي نشرها الصحافي المهداوي حول أشغال لجنة الأخلاقيات التابعة للمجلس الوطني للصحافة لا يمكن التعامل معه كواقعة عابرة أو حدث معزول..
المقاطع التي ظهرت إلى العلن عرت، في حقيقة الأمر، طريقة تفكير ومنطق اشتغال من يفترض فيهم النزاهة والحياد.. منطق ظل طويلا بعيدا عن أعين الرأي العام..
ما حدث داخل لجنة “الأخلاقيات” (حاشا أن تُسمى كذلك) بخصوص ملف المهداوي ليس استثناء ولا شذوذا عن القاعدة، بل هو صورة لخلل بنيوي يطال عددا من المؤسسات التي نادرا ما تتسرب منها الحقائق أو تظهر للعلن تفاصيل ممارساتها الداخلية..
إن مجرد خروج جزء من تلك الأشغال إلى الفضاء العام كان كافيا ليكشف عقلية تتحرك بمنطق أقرب إلى تصفية الحسابات منه إلى حماية الأخلاق المهنية وصيانة قيمها… بل يكشف تصرفات توحي بأن الضغينة أصبحت تمشي على قدمين داخل المؤسسات.
الجامعة العمومية ليست استثناء.. فالنموذج ذاته نجده داخل عدد من هياكلها، كما هو الحال، وفق ما جرى تداوله، في لجن علمية بجامعة ابن زهر، وجامعة السلطان مولاي سليمان، وجامعة شعيب الدكالي، وغيرها من الجامعات..
بدل أن تضطلع هياكل الجامعة بدورها المنوط بها (اللجنة العلمية، مجلس المؤسسة/مجلس تأديبي)، أصبح السائد فيها منطق “معاقبة من يكشف الاختلالات عوض مساءلة من يُتهمون بارتكابها”..
للأسف الشديد، في الوقت الذي يجب فيه أن تضطلع اللجن العلمية ومجالس المؤسسات بدورها في ترسيخ العدالة الأكاديمية وحماية الحقوق وضمان جودة المسار العلمي، نجد بعضها يتحول إلى مرآة تعكس اختلالات أعمق في بنيتنا المؤسسية، وإلى واجهة تخفي واقعا بئيسا من التوتر والثأر والانتقام واللامهنية..
للحديث بقية.. هناك عدد من الحالات الفاضحة والمسيئة إلى صورة وسمعة الجامعة سأعود إليها في مقال لاحق، ليس بحثا عن الإثارة، بل دفاعا عن ما تبقى من مصداقية المؤسسات وحق المجتمع في معرفة حقيقة ما يجري داخلها… وأكاد أجزم أن أي جامعة لا تخلو من خطر تحويل بعض هياكلها إلى ما يشبه آلة الانتقام والثأر من الأساتذة او الموظفين أو الطلبة.
الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي “آشكاين” وإنما عن رأي صاحبها.