2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
دخل ملف رئيس جماعة تزروت ضواحي العرائش، أحمد الوهابي، الذي اشتهر خلال الصراع بينه من جهة وبين فاطمة الزهراء المنصوري، وزيرة إعداد التراب الوطني والإسكان، وزوجها نبيل بركة، من جهة أخرى، (دخل) مرحلة جديدة بعد أن تقدّم عامل إقليم العرائش بطلب رسمي إلى المحكمة الإدارية بطنجة لعزل الوهابي من منصبه، من خلال ملف يحمل حوالي عشرين مخالفة في مجالات عدة.
هذا التطور يأتي عقب أسابيع من التوتر السياسي الذي انتهى بطرد الوهابي من حزب الأصالة والمعاصرة، قبل أن يتعمق الخلاف بسبب نزاع قضائي بينه وبين بركة حول بنايات جماعية بمنطقة مولاي عبد السلام، فضلا عن دعاوى قضائية تتعلق بالتشهير واقتحام مسكن الغير. وبحسب عامل الإقليم، فإن الخروقات التي رصدتها المفتشية العامة للإدارة الترابية (lgat)، تجعل مسطرة العزل مستوفية لكافة الشروط القانونية وفق المادة 64 من القانون التنظيمي 113.14.
خروقات تعميرية
وحسب مصادر جيدة الاطلاع، فإن التقرير الذي أعدته لجنة المفتشية العامة، عقب زيارتها لجماعة تزروت بين 23 يونيو و11 يوليوز 2025، كشف عدداً كبيراً من المخالفات المرتبطة بتسيير ملفات التعمير. فقد سجّل المفتشون تسليم أزيد من 100 رخصة ربط بالكهرباء دون التحقق من الوضعية القانونية للبنايات أو توفرها على رخص البناء، وهي ممارسات اعتبرت “تشجيعاً مباشراً للبناء غير القانوني”. كما منح الرئيس رخصاً لبنايات موضوع محاضر مخالفة أو قائمة فوق عقارات محل نزاع، إضافة إلى إصدار شهادات غير منصوص عليها قانوناً، بينها ما يسمى “شهادة ثبوت البناء”.
وأضافت المصادر، أن المفتشية رصدت غياب تبليغ العشرات من الرخص إلى السلطات الإقليمية، وهو إجراء إلزامي بموجب قوانين التعمير والقانون التنظيمي 113.14. وتشير التقارير إلى أن 28 رخصة بناء وإصلاح و10 رخص سكن ومطابقة لم تُبلّغ، ما يُضعف الرقابة الإدارية على المشاريع العمرانية بالجماعة. وترى السلطات أن هذه الممارسات أخلّت بشكل كبير بمبادئ الشفافية واحترام المساطر، وجعلت تدبير ميدان التعمير عرضة للفوضى والاختلال.
اختلالات مالية
وفي جانب تدبير الموارد المالية، قالت المصادر ذاتها إن تقرير المفتشية كشف عن تقصير كبير في تحصيل مداخيل الجماعة، أبرزها عدم إجراء أي إحصاء لدور الإيواء السياحي الخاضعة للرسوم، واحتساب جزافي للرسم على محلات بيع المشروبات دون الاعتماد على المعطيات الحقيقية للمداخيل. كما لم تُتخذ إجراءات قانونية تجاه ملزمين لم يؤدوا مستحقاتهم، مما أدى إلى ضياع موارد مالية مهمة، إضافة إلى تقادم مستحقات أخرى كانت الجماعة قادرة على تحصيلها منذ سنوات.
وسجّل التقرير أيضاً فرض رسوم ذبح رغم غياب مجزرة جماعية، في خطوة رأت فيها السلطات تشجيعاً غير مباشر للذبيحة السرية التي تُعد خطراً صحياً. وتحدث التقرير عن تراكم الباقي استخلاصه إلى حدود يوليوز 2025 بأزيد من 863 ألف درهم، مع تأخر واضح في مباشرة دعاوى قضائية ضد المتخلفين عن أداء واجباتهم. ويرى عامل الإقليم أن هذه الاختلالات أضرت مباشرة بمالية الجماعة وبتوازناتها، مما يندرج في صلب مقتضيات المادة 64 التي تتيح العزل عند ارتكاب مخالفات تمس مصالح المرفق العمومي.
تسيير إداري مضطرب
أما بخصوص النفقات وتدبير المشتريات، أكدت مصادر “آشكاين” أن التقرير أشار إلى غياب المنافسة في عدد من سندات الطلب، وانفراد الرئيس بالإشهاد على تنفيذ الخدمات خلافاً للمساطر المنظمة، إلى جانب عدم أداء مصاريف التأمين الخاصة بأعضاء المجلس. كما رُصدت اختلالات خطيرة في إدارة حظيرة سيارات الجماعة، من عدم أداء الضرائب السنوية والفحص التقني، إلى غياب نظام فعال لتتبع استهلاك الوقود ودفاتر الإصلاحات، وهو ما جعل عمليات الصرف في هذا الباب خارج أي تأطير مضبوط.
وفي ما يتعلق بالإعانات والجمعيات، كشف التقرير عن منح دعم لجمعية يرأسها عضو بالمجلس في حالة تُعد تضارباً للمصالح، إضافة إلى غياب دفتر تحملات يؤطر توزيع الدعم. كما سجّل المفتشون غياب سجل المحتويات الخاص بأملاك الجماعة وعدم تحيينه، في مخالفة للقوانين المنظمة للأملاك العقارية الجماعية. ويعتبر عامل الإقليم أن مجموع هذه الخروقات، المتشابكة بين المالي والإداري والتدبيري، تجعل عزل الوهابي “ضرورة ملحّة” لضمان استمرارية المرفق العمومي وحماية مصالح الجماعة.
صراع الوهابي مع الوزيرة المنصوري
وعرف اسم أحمد الوهابي انتشاراً واسعاً في الساحة الوطنية خلال الأشهر الماضية، بعدما دخل في مواجهة سياسية وقضائية مع فاطمة الزهراء المنصوري، وزيرة إعداد التراب الوطني والقيادية بحزب الأصالة والمعاصرة. وقد تقدّم الوهابي بشكاية إلى النيابة العامة بالرباط يتهم فيها المنصوري بالتحريض والتشهير وترويج تصريحات اعتبرها “كاذبة ومسيئة”، تتعلق بالمساس بسمعته وبمكانته الانتخابية، خصوصاً بعد تداول اتهامات مرتبطة بخلافات مزعومة مع شرفاء قبائل الصحراء وبوجود شكاية حزبية ضده في طنجة. وتعززت هذه الشكاية برسائل تضامن من أعضاء مجلس جماعة تزروت، الذين وصفوا ما تتعرض له الجماعة ورئيسها بأنه حملة تستهدف إضعاف موقعها المحلي.
وتصاعد الخلاف بين الطرفين مع تبادل التصريحات والبلاغات، حيث نفت المنصوري صحة عدد من أقوال الوهابي مؤكدة أن إقالته من الحزب جاءت بناءً على شكايات داخلية وعلى توصية من لجنة التحكيم والأخلاقيات، بينما اعتبر الوهابي أنه ضحية “تصفيات سياسية” وأن ما نُسب إليه لا يستند إلى وقائع ثابتة. وتطور هذا النزاع ليصبح مادة مركزية في النقاش العمومي، خصوصاً بعد أن اتهم الوهابي قيادات حزبية بمحاولة الضغط عليه، في حين ردّ الحزب بتأكيد لجوئه للقضاء رداً على تصريحاته. وقد ساهم هذا التوتر المتواصل في بروز اسم الوهابي على المستوى الوطني، ووضع ملفه في دائرة الاهتمام السياسي والإعلامي.