2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
يتواصل التوتر داخل قباضات الخزينة العامة للمملكة، على خلفية تنزيل مقتضيات القانون رقم 14.25 المتعلق بجبايات الجماعات الترابية، في وقت تؤكد فيه الحكومة التزامها بصون حقوق الموظفين، مقابل تشكيك نقابي في “غياب إجراءات عملية ومكتوبة”، ما دفع النقابة الوطنية الديمقراطية للمالية إلى خوض خطوات احتجاجية والتلويح بالتصعيد.
وفي تصريح لها، عبرت عضوة فريق الاتحاد المغربي للشغل بمجلس المستشارين والقيادية في النقابة، زهرة محسن، عن استمرار حالة الغموض، مؤكدة أن “النقابة لازالت تنتظر إجراءات عملية وملموسة، من خلال مذكرة مصلحية تحدد بدقة خطة طريق تنزيل المشروع”.
وأوضحت محسن، ضمن تصريح لجريدة “آشكاين” الإخبارية، أن الإشكال لا يتعلق بالمبدأ، بل بكيفية التنفيذ، قائلة إن المطلوب هو “تحديد كيفية تدبير الموارد البشرية داخل القباضات، وكيفية تسليم السلط بين قابض الخزينة والقابض الجماعي، وكيفية تخصيص المقرات، وكيفية الحفاظ على مكتسبات القباض السابقين، وفتح الاختيار الطوعي للموظفات والموظفين بخصوص جهة العمل التي يفضلون”.
وأضافت عضوة مجلة المستشارين عن UMT أن الموظفين يعيشون حالة انتظار مقلقة، معتبرة أن “اليوم الموظف ليست لديه معلومة واضحة، ولم يجد محاورا، ولا يعرف ماذا سيفعل، هل سيعمل أو لا”، مشددة على أن “زمن إعطاء الأوامر بالهواتف انتهى، ونحن اليوم بحاجة لإدارة مؤسسات تتعامل بوثائق واضحة”.

ورغم التطمينات الحكومية، ترى القيادية النقابية أن المرحلة تتطلب قرارات مكتوبة، موضحة أن “الوزيرة حاولت طمأنة الموظفين والموظفات على مكتسباتهم، لكن الآن نحن نريد شيئا ملموسا ومكتوبا”، محذرة من أن “الموظفات والموظفين يعيشون ضغطا نفسيا رهيبا وانتظارية قاتلة”.
وفي هذا السياق، أعلنت محسن أن “البرنامج الاحتجاجي الذي أعلنا عنه في النقابة لازال قائما”، مشيرة إلى تنظيم “وقفات احتجاجية محلية بمختلف مدن المملكة صباح اليوم الأربعاء 31 دجنبر الجاري”، مع التأكيد على أنه “سنقوم بالتصعيد إذا لم يتم الاستجابة لمطالب الموظفين والموظفات”.
وشددت البرلمانية على أن “إعلان النوايا الحسنة لم يعد كافيا خصوصا امام ما حصل من افراغ بالقوة داخل مجموعة من القباضات و تغيير أقفال الأبواب”.
وأكدت زهرة محسن، ضمن ذات التصريح، على أن ما يلزم اليوم هو “إجراءات ادارية وأضحية لإعادة الأمور إلى نصابها وجبر الضرر و تنزيل القانون بشكل مؤسساتي”.
وفي وقت سابق، أكد المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية الديمقراطية للمالية، في بيان له، أنه قرر “تسطير برنامج نضالي احتجاجا على التدبير الارتجالي الذي واكب تنزيل مقتضيات القانون رقم 14.25 وتهرب الخازن العام من تحمل مسؤولياته في حماية حقوق وكرامة موظفات وموظفي القباضات”.
ويتضمن البرنامج، حسب البيان، “حمل الشارة داخل مقرات العمل”، و“تنظيم وقفات احتجاجية محلية”، إضافة إلى “وقفة احتجاجية مركزية أمام الخزينة العامة للمملكة وإضراب وطني سيتم تحديد تاريخهما لاحقا”.
ودعا المكتب التنفيذي وزيرة الاقتصاد والمالية إلى “سحب التفويض من الخازن العام في مجال تدبير الموارد البشرية”، مطالبا بتمكين الموظفين من “الانتقال إلى مصالح أخرى”، ومعلنا عزمه توجيه “مذكرة تفصيلية” للوزارة تتضمن مقترحات النقابة لتدبير المرحلة الانتقالية.
في المقابل، كانت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، قد أكدت بمجلس المستشارين، أمس الثلاثاء 30 دجنبر الجاري، أن الحفاظ على الحقوق المكتسبة لموظفي الخزينة العامة “أولوية قصوى”، مشددة على أن “الإصلاح لن يكون أبدا على حساب كرامتهم أو استقرارهم”.
وأبرزت الوزيرة أن الوزارة تعتمد “مقاربة تشاركية تضمن الاستقرار النفسي والمهني”، قائمة على “الطوعية وصون المكتسبات”، مؤكدة أنه “لا مجال لإجبار أي موظف على مغادرة وظيفته أو البقاء فيها”، وأن “الحقوق المكتسبة للموظفين خط أحمر لا يمكن المساس به”.
وأعلنت فتاح العلوي عن منح موظفي القباضات حرية الاختيار بين ثلاث وضعيات قانونية، هي “الوضع رهن الإشارة”، و“الإلحاق”، و“الإدماج”، إلى جانب اتفاق مع وزارة الداخلية يقضي ببقاء الموظفين في مقراتهم الحالية خلال مرحلة انتقالية.
وبين تطمينات حكومية ومطالب نقابية بإجراءات مكتوبة وملموسة، يبقى تنزيل القانون رقم 14.25 محط شد وجذب، في انتظار مخرجات الحوار المرتقب، وقدرة الأطراف المعنية على تفادي مزيد من التصعيد داخل أحد أكثر القطاعات حساسية في المنظومة المالية العمومية.