2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
خبير يكشف رسائل بريطانيا للجزائر عبر دعم مغربية الصحراء

يمثل إعلان بريطانيا دعمها لمبادرة الحكم الذاتي التي يقدمها المغرب كحل لنزاع الصحراء، تحولاً دبلوماسياً لافتاً يعيد تشكيل المشهد الجيوسياسي لهذا الملف الشائك.
فبعد عقود من الحياد النسبي، قررت لندن دعم المقترح المغربي، في خطوة من شأنها أن تلقي بظلالها على مستقبل النزاع المفتعل وتسرّع من وتيرة البحث عن حلول واقعية.
ولا يمثل الموقف البريطاني، الذي يأتي من دولة دائمة العضوية في مجلس الأمن، مجرد دعم رمزي، بل يضيف ثقلاً دبلوماسياً مهماً إلى قائمة الدول الكبرى التي باتت تعتبر مبادرة الحكم الذاتي “الأساس الأكثر مصداقية وواقعية وعملية لتسوية دائمة”.
فبعد الولايات المتحدة، فرنسا، وإسبانيا، يأتي الدور على بريطانيا لتؤكد على هذا التوجه، مما يعزز بشكل كبير من موقع المغرب في المحافل الدولية ويمنحه دفعة معنوية ودبلوماسية قوية.
ويشي التوافق الدولي المتزايد حول مبادرة الحكم الذاتي بأن الحلول التقليدية، التي كانت ترتكز على خيارات باتت تعتبر غير قابلة للتطبيق على أرض الواقع، بدأت تفقد بريقها.
ويضع التحول في الموقف البريطاني، ضغوطاً متزايدة على الأطراف الأخرى، وخاصة الجزائر وجبهة البوليساريو. فمع تزايد الاعترافات الدولية بمبادرة الحكم الذاتي، قد تجد هاتان الجهتان نفسيهما في موقف دبلوماسي أكثر عزلة، مما قد يدفعهما إلى إعادة تقييم استراتيجياتهما التفاوضية.
وعبر البيان المشترك الصادر عن الخارجية المغربية والحكومة البريطانية، عن رفض البلدين لاستعمال القوة في حل النزاعات، ويرى أحمد نورالدين، الخبير في العلاقات الدولية، أنها ”رسالة واضحة مباشرة للجزائر التي تدعم التيار الانفصالي في العودة إلى حمل السلاح ضد المغرب، منذ سنة 2020 تاريخ تطهير المملكة لمعبر الكركرات”.
كما أن التمسك بخيارات لم تعد تحظى بدعم دولي قوي قد يؤدي، وفق مراقبين، إلى استنزاف الجهود والموارد دون تحقيق تقدم يذكر.
كما أن الموقف البريطاني، بما له من تأثير على الرأي العام الدولي وعلى التوازنات الدبلوماسية، قد يدفع باتجاه البحث عن تسوية أكثر واقعية ومرونة.
أما على صعيد ديناميكية المفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة، فإن الدعم البريطاني لمبادرة الحكم الذاتي سيغير من طبيعة النقاشات. فبدلاً من التركيز على خيارات متعددة، ستصبح مبادرة الحكم الذاتي نقطة الارتكاز الأساسية لأي حل مستقبلي.
علاوة على الأبعاد السياسية، يحمل الموقف البريطاني الجديد أبعاداً اقتصادية أيضاً. فقد أشارت لندن إلى إمكانية دعم مشاريع اقتصادية في الصحراء في إطار التزامها بتعبئة استثمارات كبيرة في المغرب.
في السياق ذاته، أكد أحمد نورالدين، أن الموقف الجديد الذي عبرت عنه بريطانيا في البيان المشترك بينها وبين وزارة الخارجية المغربية، أمس الأحد فاتح يونيو الجاري، كان ”منتظرا ومتوقعا منذ فترة طويلة”.
وأوضح نورالدين، في تصريح لجريدة ”آشكاين” أن القرار ”جاء متأخرا نسبيا على اعتبار أن المواقف في السياسية الخارجية البريطانية دائما ما تصطف مع التوجه الأمريكي فيما يتعلق بالقضايا الدولية ، منذ الحرب العالمية الثانية”، خصوصا وأن الولايات المتحدة الأمريكية قد اعترفت، منذ دجنبر 2020، بمغربية الصحراء.
وأبرز الخبير أن هذا التأخر في دعم بريطانيا لمغربية الصحراء، قد يتعلق بـ ”حسابات جيوسسياسية وإقليمية” حالت دون التنسيق والتناسق مع المواقف الأوروبية إجمالا، في هذا الملف.
أحمد نور الدين، شدد على أن الموقف الجديد، يستجيب للمطالب التي عبر عنها البرلمان البريطاني في رسالة وقعها أزيد من 30 في مجلس العموم، في الآونة الأخيرة، ما يعكس أن ”الموقف مًؤَسس على تقدير سياسي لبريطانيا تلتقي فيه الحكومة البريطانية مع البرلمان البريطاني”.

وأضاف أن الموقف البريطاني مبني على أسس قوية وليس ”موقفا عابرا”، نظرا لأن البيان المشترك، يتضمن إعلان عن شراكة ”استراتيجية تاريخية بين البلدين”، لافتا إلى أنه الموقف محصلة لـ ”العلاقات والشراكة القوية في ميادين حساسة”، حيث يشير البيان إلى احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها وسلامتها، وهو يصب في الوحدة الترابية للمملكة.
كما تضمن البيان، وفق المتحدث، الإعلان عن الشراكة في مجال حساسة واستراتيجية مثل الدفاع، والصناعات العسكرية ومجال الاستخبارات، والأمن…، مبرزا أن أي بلد ما ”لايمكن أن يبني شراكات من هذا النوع والحجم، ويكون في نفس الوقت مخالفا لمصالحه الحساسة”، في إشارة منه للوحدة الترابية للمغرب وما تمثله من أهمية قصوى.