2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

اعتبر المحلل السياسي ورئيس المركز الأطلسي للدراسات الاستراتيجية والتحليل الامني، عبدالرحيم المنار اسليمي، أن دعم المملكة المتحدة لمخطط الحكم الذاتي كحل للنزاع المفتعل حول الصحراء، بمثابة “حدث تاريخي، ويعد اعترافا بالسيادة المغربية على الصحراء”.
وأوضح اسليمي، في تصريح لـ”آشكاين”، أن “الأمر يتعلق بحدث تاريخي يدخل معه ملف الصحراء المغربية الحلقة الاخيرة من مرحلة الحسم”، مشيرا إلى أن “المملكة المتحدة ليست دولة عادية، لذلك فتأييدها لمقترح الحكم الذاتي الذي يعد اعترافا بالسيادة المغربية في الصحراء المغربية”.
ويرى المحلل السياسي أن هذا الموقف “يعد حدثا كبيرا يُقوي الديناميكية التي يعيشها ملف الصحراء، وستكون له بصماته الكبرى في القرار القادم لمجلس الأمن في أكتوبر المقبل”، منبها إلى أن “كل قراءة لموقف المملكة المتحدة المُعلن عنه من طرف وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي يجب أن تستحضر أمامها عدة معطيات”.

أولى المعطيات الواجب استحضاره في هذا الموقف، حسب اسليمي أن “الموقف البريطاني ناتج عن تراكمات تأسيسية استمرت لمدة طويلة، بدأت بإشارات من قرار محكمة الاستئناف بلندن في ماي 2023 التي رفضت دعوى جمعيات مساندة للبوليساريو ضد اتفاق الشراكة البريطاني المغربي، ليأتي بعده بيان للخارجية البريطانية، يُعلن تمسكه بالشراكة مع المغرب في كل التراب المغربي”,
ويُضاف إلى ذلك، يسترسل المتحدث “أوراق سياسات أعدتها مراكز بريطانية في سنة 2024، منها الورقة التي قُدمت إلى صانع القرار البريطاني من طرف مركز شمال إفريقيا والشرق الاوسط بجامعة كمبريدج، وهي ورقة استشرافية دعت الى الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء المغربية، وأن هذا الاعتراف من شأنه إعادة رسم خارطة الشراكة الجيواستراتيجية بين لندن والرباط ، كما لوحظ ايضا أن الفترة السابقة على حدث الاعتراف البريطاني وتمسكه بمقترح الحكم الذاتي خرجت فيها تصريحات كثيرة لسياسيين ودبلوماسيين وبرلمانيين بريطانيين، دعت كلها الحكومة البريطانية إلى الاعتراف بمغربية الصحراء، لذلك فالقرار البريطاني ناتج عن تراكمات طويلة في ملف الصحراء المغربية انتهت بإعلان بريطاني في الرباط “.
وشدد على أن “التصريح البريطاني يعد اعترافا بالسيادة المغربية على الصحراء المغربية، لأن تأييد الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية يعد اعترافا مباشرا، كما أن الإشارة إلى استثمارات بريطانية في الأقاليم المغربية الجنوبية يُد تطعيما وتأييدا مباشرا لهذا الاعتراف” .
وأبرز أن هذا الموقف “حدث كبير يأتي بعد اعتراف فرنسا وأمريكا، وبذلك يُصبح للمغرب تأييدا لثلاث قوى صاحبة حق الفيتو في مجلس الأمن، مع ملاحظة أن تغييرات إيجابية قادة من دولتين كبيرتين هما روسيا والصين” .
ولفت الانتباه إلى “الوزن الكبير لبريطانيا، لكونها من أصدقاء ملف الصحراء، وهي اليوم قطب في العلاقات الدولية منذ خروجها من الاتحاد الاوروبي، قطب يضم في مجموعة الكومنولث بـ 56 دولة، كلها ستكون وراء بريطانيا في هذا القرار” .
وتابع أنه “من زاوية التوازنات الدولية، فبريطانيا تُحدث تغييرا كبيرا في ملف الصحراء المغربية بعد التغيير الذي أحدثه الإعتراف الأمريكي، فبريطانيا ظلت في تاريخها دائما ترسم توازنات جديدة في النظام الدولي” .
ومن زاوية نظر أخرى لموقف بريطانيا، اعتبر اسليمي أن “الأمر يتعلق بقرار مؤيد للمغرب من بريطانيا المملكة العريقة التي تشترك مع المغرب في العديد من القواسم المشتركة، المرتبطة بالتاريخ والامتدادات الامبراطورية والاستقرار السياسي الطويل ومسألة الدولة الأمة” .
وأشار إلى أن “وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي الذي حمل تصريح التأييد البريطاني للحكم الذاتي والسيادة المغربية ينتمي لحزب العمال البريطاني، ذو النزعة اليسارية، وهذا تحول أخر يجب الانتباه إليه” .
وخلص المتحدث إلى أن “الحدث كبير في ملف الصحراء، والأمر يتعلق بإنجاز جديد للدبلوماسية الملكية، والمؤشرات تبين الأن بوضوح أننا في الحلقة الأخيرة من مرحلة الحسم، فالسنة الجارية كما جاء في تصريح وزير الخارجية البريطاني تُقدم فرصا كبيرة لحل ملف نزاع الصحراء” .
يأتي هذا بعدما اعتبرت المملكة المتحدة “مقترح الحكم الذاتي، المقدم من قبل المغرب في 2007، بمثابة الأساس الأكثر مصداقية وقابلية للتطبيق وبراغماتية من أجل تسوية دائمة للنزاع” الإقليمي حول الصحراء المغربية، و “ستواصل العمل على الصعيد الثنائي، لاسيما في المجال الاقتصادي، وكذلك على الصعيدين الإقليمي والدولي، وفقا لهذا الموقف، من أجل دعم تسوية النزاع”.
وتم التعبير عن هذا الموقف في بيان مشترك وقعه، الأحد بالرباط، وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية والكومنولث والتنمية، ديفيد لامي، ووزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة.