احترقت وطُردت ثم جُرّت إلى التحقيق.. قضية الخادمة سلمى مع الأسرة النافذة تهز القنيطرة

لم تكن تعلم الشابة سلمى، القادمة من أسرة فقيرة، أن عرض العمل الذي قادها إلى أحد منازل القنيطرة يوم 8 شتنبر 2025، سيقودها إلى واحدة من أبشع صور الإهانة والتعنيف، وفق ما كشفت عنه الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، التي وصفت ما جرى بـ”انتهاك فاضح لكل القوانين والأعراف والكرامة الإنسانية”.

في تفاصيل القضية، التحقت سلمى بمنزل أسرة تنتمي، حسب تعبير الرابطة، إلى “وسط نافذ”، للعمل كعاملة منزلية. إلا أن مقامها لم يدم أكثر من يومين، حيث تعرضت في مساء العاشر من شتنبر لـ”حادثة منزلية خطيرة” تسببت في حروق بليغة على مستوى وجهها وأجزاء متعددة من جسدها. لكن بدل إسعافها أو نقلها للمستشفى، تم طردها من المنزل وهي في وضع صحي خطير، حسب البلاغ.

ما أثار الاستغراب أكثر، هو أن سلمى وُجهت إليها لاحقا، في الليلة نفسها، تهمة سرقة، واقتيدت إلى ولاية أمن القنيطرة للاستماع إليها، رغم حالتها الصحية المتدهورة، ليُخلى سبيلها بعد ساعات طويلة، في حدود الثالثة زوالًا من اليوم التالي.

الرابطة التي تنقلت لمعاينة حالة الشابة، قالت إنها وقفت على مشهد صادم يعكس “الإهمال والمعاناة وانعدام أدنى شروط الكرامة”، مشيرة إلى أن سلمى لم تتلقّ أي علاج طبي، ولا أي دعم نفسي أو قانوني، وأن جسدها يحمل آثارًا واضحة لحروق من الدرجة الثانية، ما يطرح علامات استفهام حول ظروف “الحادثة” التي تعرضت لها.

وفي تصعيد للموقف، دعت الرابطة إلى فتح تحقيق فوري في النازلة، مؤكدة أن ما جرى يشكل خرقًا واضحًا للفصلين 22 و31 من الدستور، ولمقتضيات القانون المتعلق بالعمال المنزليين، ولالتزامات المغرب الدولية في مجال حقوق الإنسان، وخاصة الاتفاقية رقم 189 لمنظمة العمل الدولية، واتفاقية مناهضة التعذيب.

واعتبرت الهيئة الحقوقية أن ما جرى لا يمكن فصله عن “سياق أوسع من الاستغلال الذي تتعرض له العاملات المنزليات في صمت”، مطالبة بتحميل الأسرة المشغلة المسؤولية القانونية، وتوفير العلاج اللازم للضحية، ومنحها المؤازرة القضائية المجانية بالنظر لوضعها الاجتماعي.

الرابطة وجهت دعوة صريحة لكافة الهيئات الحقوقية والنقابات والجمعيات بمدينة القنيطرة، لتنظيم وقفات احتجاجية تضامنية مع سلمى، والضغط من أجل مساءلة المتورطين في هذه الواقعة، التي اعتبرتها اختبارًا حقيقيًا لمصداقية الدولة في حماية الفئات الهشة.