لماذا وإلى أين ؟

الصفقة التي سترغم السنتيسي على مغادرة الحركة الشعبية !

اعتاد المتابع للمشهد الحزبي المغربي على أخبار “الترحال السياسي” التي تشتد مع اقتراب كل استحقاق انتخابي، ورغم محاولات محاصرة هذه الظاهرة عبر قوانين تفرض عقوبات على المنتقلين خلال الولاية التشريعية، لا تزال هذه التحركات تعلن في اللحظات الأخيرة من عمر الولاية، في مشهد بات مألوفا.

في الغالب، تكون دوافع هذه الانتقالات مرتبطة بالتزكية أو بتحسين التموقع في الخريطة الانتخابية، وغالبا ما تهم أعضاء جدد أو قيادات من الصف الثاني، لكن بين الفينة والأخرى، تفاجئنا الساحة السياسية برغبة أحد القادة البارزين في تغيير الانتماء الحزبي، وهنا تتجاوز الأسباب مجرد تزكية انتخابية لتلامس مصالح سياسية أو شخصية أعمق.

مناسبة هذا الحديث ما أثير مؤخرا بشأن رغبة إدريس السنتيسي، القيادي البارز بحزب الحركة الشعبية، في خوض غمار الانتخابات التشريعية المقبلة بلون حزب الاستقلال.

كما يُقال: “لا دخان بدون نار”. موقع “آشكاين” حاول التواصل مع المعني بالأمر، لا من أجل تأكيد أو نفي الخبر فقط، بل لفهم خلفيات هذا التلويح بورقة الرحيل، غير أن السنتيسي لم يُجب على اتصالاتنا، رغم معرفته بهوية المتصل.

وفي تصريح منسوب إليه، منشور بموقع Rue20، قال السنتيسي: “لم ألتحق بأي حزب، وما زلت في الحركة الشعبية”، وهو تصريح لا ينفي بشكل قاطع ما يُروج، بل على العكس، يعمّق الشكوك، إذ يفتح الباب أمام احتمالية الرحيل في المستقبل، فمثل هذه التصريحات، خصوصا في سنة انتخابية، لا تُطلق عبثا، خاصة من طرف رجل يزن كلماته جيدا، ويفهم قواعد اللعبة الانتخابية جيدا.

“السنتيسي عندو كلشي فالحركة الشعبية، ولا يرفض له طلب، علاش يفكر يغادرها؟”، يقول أحد العارفين بخبايا الشأن الحزبي، مضيفا: “المهم هو: ماذا سيربح وماذا سيخسر إن غادر؟ وبحساب سياسي بسيط، الخسارة أكبر من الربح، إلا إذا كان تحت الضغط أو عُرض عليه عرض مغر لا يقاوم… فهو رجل أعمال ويحسبها بالميليم”.

المصدر ذاته، المطلع على كواليس الحركة الشعبية، يرى أن “العرض الذي قد يدفع السنتيسي للتفكير بجدية في مغادرة الحزب الذي أمضى فيه أزيد من 30 سنة، هو وعد بمنصب حكومي مهم، إما له شخصيا أو لأحد أفراد أسرته، خصوصا أن نجلته بدأت تظهر في الواجهة، واسمها يُتداول في الكواليس، وتلويحه بالالتحاق بحزب الاستقلال يعزز هذا الاحتمال، خاصة أن ‘الميزان’ يُعد من الأحزاب المرشحة بقوة لتصدر المشهد السياسي وقيادة حكومة 2026”.

ويضيف: “إدريس هو عمدة عائلة السنتيسي وصمّام أمان قاعدتها الانتخابية، لديه قدرة واضحة على حصد أكثر من مقعد، ويمكن أن يكون مفتاحا من مفاتيح الفوز التي يبحث عنها الميزان”.

أما احتمال أن يكون السنتيسي تحت الضغط فسيجرنا إلى سؤال آخر: هل فعلا تفكر جهات في إضعاف قيادة محمد أوزين لحزب الحركة الشعبية؟ وهل هناك أطراف تعتبر مغادرة السنتيسي “ورقة ضغط” يمكن استثمارها في صراع الزعامة؟ كل الاحتمالات واردة، خصوصا في سياق تعرف فيه الأحزاب نوعا من الفوران الداخلي، وتعيد ترتيب صفوفها على إيقاع انتخابات 2026 التي تبدو استثنائية في كل المقاييس.

في النهاية، السنتيسي لم يغادر بعد. لكنه أيضا لم يُغلق الباب، وتركُ الباب مواربا في السياسة معناه: أن هناك شيئا يُطبخ على نار هادئة.

فهل نشهد أولى ملامح تغيير الخريطة السياسية؟ أم أن الأمر لا يعدو أن يكون جسا للنبض ورفعا لسقف التفاوض؟ الأيام المقبلة كفيلة بكشف ما إذا كانت إشاعة الرحيل مجرد بالون اختبار، أم قرارا مؤجلا إلى اللحظة المناسبة.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

1 تعليق
Inline Feedbacks
View all comments
علي
المعلق(ة)
20 سبتمبر 2025 18:46

محاولات اضعاف المعارضة بشتى الوسائل

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x