2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
كشف عز الدين ميداوي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، أن الجامعات الخاصة بالمغرب استقبلت خلال الموسم الجامعي 2024-2025 نحو 102,462 طالبًا، مسجلة نمواً قوياً بنسبة 12.5%، وهو ما يعكس الإقبال المتزايد للأسر المغربية على التعليم العالي الخاص.
وأشار الوزير، خلال عرض حول توقعات الدخول الجامعي للموسم 2025-2026 أمام لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، إلى أن العدد الإجمالي للطلبة في التعليم العالي يُتوقع أن يصل إلى 1,309,900 طالب، بنسبة نمو متوقعة 4.8%.
وأضاف أن الجامعات العمومية استقبلت هذا الموسم 1,144,801 طالبًا (87% من الإجمالي)، بزيادة قدرها 3.8%، مع استحواذ مؤسسات الولوج المفتوح على الحصة الأكبر بـ928,195 طالبًا (+2.5%)، في حين سجلت مؤسسات الولوج المحدود 216,606 طالبًا (+10.3%). وأوضح أن مؤسسات التعليم العمومي غير التابعة للجامعات سجلت 62,537 طالبًا بنمو 10.3%.
تفاعلا مع الموضوع، أوضح خالد الصمدي، كاتب الدولة السابق المكلف بالتعليم العالي والبحث العلمي، أن المقتضيات القانونية لقانون الإطار 51.17 تهدف إلى ضبط العلاقة بين التعليم العام والخاص في جميع الأسلاك التعليمية، من الابتدائي إلى التعليم العالي.
وأكد الصمدي في تصريح لجريدة “آشكاين” أنه “من الضروري إخراج الإطار التعاقدي الاستراتيجي الشامل بين الدولة والقطاع الخاص إلى حيز الوجود، لأن غيابه سيترك العلاقة بين القطاعين في حالة ارتباك دائم”.
وأشار الفاعل التربوي إلى أن “الإطار العام للتعليم لا يمكن فهمه بشكل صحيح إلا من خلال هذا الإطار التعاقدي الاستراتيجي، الذي يحدد التزامات الدولة والقطاع الخاص بشكل واضح”.
وتطرق الأستاذ الجامعي إلى قانون التعليم العالي الحالي (01.02)، موضحا أنه “يحتوي على مجموعة من المقتضيات المتعلقة بالتعليم العالي الخاص، لكنه لم يواكب التطور الكبير للقطاع خلال ربع القرن الماضي، خصوصا ظهور مؤسسات جديدة كجامعة محمد السادس، الجامعة الدولية للرباط وفاس”. وأوضح أن هذه المؤسسات “ليست خاصة بالكامل بل تتيح إمكانية التعليم الخاص مع توفير دعم ومنح دراسية للمتفوقين”.
وشرح المتحدث “أن الدولة تتحمل تكاليف حوالي 20% من الطلبة المتفوقين الذين لا يستطيعون الأداء في هذه المؤسسات، بما يشمل الرسوم الدراسية والسكن، وهو ما يفسر ارتفاع الإقبال على مؤسسات الشركة”. وأضاف أن “هذه النسبة تستهدف المتفوقين الذين يستحقون الدراسة في هذه المؤسسات، بما يضمن عدم حرمانهم من الفرص التعليمية”.
وأكد المصدر ذاته أن “هذا التوجه له إيجابيات وسلبيات، فالإيجابيات تكمن في تمكين الطلبة المتفوقين من متابعة دراستهم دون قيود مالية. فيما السلبيات تتعلق بعزوف الطلبة المتفوقين عن الجامعات العمومية، ما يؤدي إلى ترك الجامعات العمومية للفئات الأقل تفوقا والمتوسطة”.
هذا التحول حسب الصمدي “يساهم في التأثير على جودة التعليم العام كما أن هذه المؤسسات لا تتواجد في جميع المدن، ما يحد من تكافؤ الفرص جغرافيا”. مشيرا إلى أن “هذا الوضع أدى إلى تغير التوزيع الطبيعي للطلبة بين القطاع العام والخاص فالطلبة المتفوقون والمستحقون للدعم يذهبون إلى المؤسسات الشريكة مع تغطية الدولة، بينما تذهب أسر الطلبة القادرة على الأداء إلى القطاع الخاص، ويبقى التعليم العمومي غالبا للفئات المتوسطة أو الأقل مستوى”.
وذكر المصدر ذاته أن هذا التوزيع “له أثر على الزخم المعرفي داخل الجامعة العمومية، حيث يقل النقاش العلمي والإنتاج الفكري بسبب عدم تواجد النخبة المتفوقة التي توجهت إلى المؤسسات الشريكة أو الخاصة”. وأوضح أن “المؤسسات الشريكة لا تغطي جميع المدن المغربية، ما يجعل تكافؤ الفرص غير متاح بعد، ويترك الجامعات العمومية للفئات الأقل قدرة أو الأقل تفوقا”.
ورأى الوزير السابق أن هذا الوضع “يعكس أزمة نموذج الجامعة المغربية”، داعيا إلى اعتماد “نموذج موحد للجامعة المغربية يضمن التعليم الموحد والديمقراطي لجميع الطلبة، مع الحفاظ على الضوابط والقواعد لكل نوع من المؤسسات”.
وأضاف الصمدي “أن الدولة ستستمر في تحمل مسؤولية الطلبة المستحقين في المؤسسات الشريكة، مع زيادة تدريجية للنسبة المدعومة من 20% إلى 40% أو 50%، مما يمنح القطاع الخاص هامش عمله، بينما تتقلص تدريجيا التكوينات المفتوحة في الجامعات العمومية لصالح المؤسسات الشريكة والمبتكرة”.
الباحث الجامعي شدد على “أهمية الشفافية المطلقة في منح الفرص داخل المؤسسات الشريكة”، داعيا إلى “نشر اللوائح والمعايير بشكل واضح، حتى يتمكن أي طرف من تقديم الطعون القانونية إذا لزم الأمر”. وأكد أن هذا “يضمن عدالة توزيع الفرص ويعزز الثقة في آليات الدولة التعليمية”.
وأكد المتحدث على أن “الانتقادات التي تشير إلى أن الدولة تتجه نحو الخصخصة هي آراء شعبوية، وأن التحليل العلمي للمعطيات يظهر أن الدولة تتخذ خطوات مدروسة لضبط العلاقة بين الجامعات العمومية والشريكة والخاصة، وضمان استمرارية التعليم العالي وتوفير فرص عادلة لجميع الطلبة”.