2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
كشفت عملية أمنية نفذها الحرس المدني الإسباني، ضمن عملية أمنية حملت الاسم الحركي “باركيرا”، عن وجود شبكة منظمة استطاعت توسيع أنشطتها في مجال الهجرة غير النظامية بين المغرب وسبتة المحتلة، لتشمل أساليب جديدة تتجاوز عمليات التهريب التقليدية. فبدل الاكتفاء بتهجير المهاجرين وإخفائهم قبل محاولة العبور نحو إسبانيا، تبين أنّ أفراد الشبكة انخرطوا في أي نشاط قد يدرّ أرباحاً أكبر، وفي مقدمتها “الزواج الأبيض” واستغلال طلبات اللجوء.
وبحسب مصادر إعلامية إسبانية فإن تسجيلات اعترضها جهاز الاستخبارات التابع للحرس المدني، كان أفراد الشبكة يقدمون إرشادات دقيقة للمهاجرين حول كيفية تقديم طلبات اللجوء فور دخولهم سبتة، وما يجب قوله عند توقيفهم من طرف الأمن. كما كانوا يطلبون منهم التخلص من أي وثائق مزورة ومنح الأولوية لرواية واحدة: “دخلت سباحة من الفنيدق، وكنت في البحر لساعات”. هذه التعليمات كانت جزءاً من عملية كاملة يتراوح ثمنها بين 9.000 و10.000 يورو لدخول سبتة، وتصل إلى 14.000 يورو مقابل الوصول إلى شبه الجزيرة.
التحقيق كشف أيضاً عن نشاط موازٍ يتمثل في ترتيب “زيجات مصلحية” مقابل مبالغ كبيرة، بهدف تمكين المستفيدين من الحصول على وثائق الإقامة. وتؤكد إحدى المكالمات المسربة أنّ “السوق موجود”، وأنّ أفراد الشبكة يوفرون أشخاصاً مستعدين لإبرام زيجات صورية، منها حالة محددة لامرأة دفعت حوالي 12.000 يورو مقابل إدخال شخص إلى سبتة لتزويجه، دون معرفة الثمن النهائي للزواج.
ولم تقتصر أنشطة الشبكة على البالغين فقط، بل شملت أيضاً تهريب القاصرين، سواء إلى سبتة أو إلى الضفة الأخرى من المضيق. فقد أبرز التحقيق طلبات مباشرة من عائلات لإدخال أطفال لا يتجاوزون 14 سنة مقابل مبالغ تتراوح بين 8.000 و11.000 يورو، سواء عبر قوارب الصيد أو بطرق خطيرة تشمل جرّ الأطفال وربطهم في الماء. وتم تسجيل حالات ساعدت فيها الشبكة قاصرين من مراكز الإيواء بسبتة على الوصول إلى إسبانيا.
كما أظهرت التحقيقات أنّ الشبكة كانت تدرس بدائل جديدة لمسارات التهريب، من بينها طرق نحو طريفة أو حتى جزر البليار، التي تشهد ضغطاً متزايداً على مستوى الهجرة. ورغم تمكن الحرس المدني من جمع معطيات دقيقة حول آليات عمل الشبكة، فإنهم لم يستطيعوا التقدم في تتبع شبكات التواصل التي كانت تخطط لتوسيع نفوذها تجاه الجزر الإسبانية.
هذه المعطيات تكشف حجم التعقيد الذي بات يطبع شبكات الهجرة بين المغرب وسبتة، وتنوع أساليبها بين اللجوء والزواج الأبيض وتهريب القاصرين، في ظل مبالغ خيالية تُدفع مقابل “حلم العبور” نحو الضفة الأوروبية.