لماذا وإلى أين ؟

ظروف العمل في منظمة العفو الدولية بين التمييز والترهيب

آشكاين من لندن/سعيد اشماعو

في 26 فبراير، نشرت منظمة العفو الدولية تقريرا يرصد حالة حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال افريقيا سنة 2018. وفي القسم المخصص للمغرب أورد التقرير ما سماه تراجعا في الحق في حرية التعبير والتجمع. وأدان التقرير الحكم على الصحفيين والناشطين في مجال حقوق الإنسان و المحاكمات غير العادلة وكذا احتجاز المهاجرين واستخدام “القوة غير المبررة لتفريق المظاهرات السلمية” في الأقاليم الجنوبية.

ومن بين الحالات التي تم تحديدها، تستشهد منظمة العفو الدولية بقضية بوعشرين ونشطاء حراك الريف. كما تلاحظ المنظمات غير الحكومية أن السلطات حظرت أو قيدت أنشطة العديد من الجمعيات: حل هذه الجمعيات، القيود المفروضة على المنظمات الدولية، بما في ذلك منظمة العفو الدولية، او الجمعية المغربية لحقوق الانسان.

أبعد من هذا التقرير، هناك حاجة ضرورية لمساءلة أسلوب عمل منظمة العفو الدولية. في الواقع، تلقت منظمة العفو مؤخرا العديد من الانتقادات، لاسيما فيما يتعلق بمعاملة موظفيها، الذين يشككون في مصداقيتها و استقلاليتها. فالمنظمة التي تهدف الى مراقبة و ادانة الانتهاكات الحاصلة في حقوق الانسان، يجب الا تكون في موضع انتقاد او مساءلة بخصوص حماية و حفظ حقوق موظفيها و العاملين بها.

استقلالية تحت ضغط “ثقافة الارقام”

أولا من حيث التمويل، تلقت هذه المنظمة غير الحكومية تمويلا من حكومات، في حين أنها تدعي عدم قبولها اي دعم مالي من الحكومات أو الأحزاب السياسية. ويجري الحديث هنا عن تمويل مقدم من وزارة التنمية الدولية البريطانية، والمفوضية الأوروبية، وهولندا، والولايات المتحدة الأمريكية والنرويج.

في دجنبر 2018، نشرت صحيفة le monde تحقيقا يرصد كيف تطور اسلوب اشتغال هذه المنظمة، حيث تحولت لتصبح مثلها مثل اي شركة متعددة الجنسيات مهووسة بتأثير الاتصالات، و اشار هذا التحقيق الى ان منظمة العفو تدبج تقاريرا “تصاغ في وقت قصير جدا، تكون جذابة وأقل دقة، كمنتج للتسويق يبث في الإعلام المرئي والمسموع ، والهدف في النهاية، هو استجلاب المزيد من التمويل من الجهات المانحة.”

يشير التحقيق الى ان استراتيجية منظمة العفو و في كثير من الاحيان، تخصص حيزا كبيرا للتواصل و الاعلام الخارجي، وذلك على حساب الوقت الطويل اللازم لبحث في سياقات الأزمة المعنية والحقائق المصاحبة لها.

مصداقية مهددة بظروف اشتغال لا تحترم الإنسان

في 6 فبراير 2019، صدر مقال في “الغارديان” يعرض النتائج التي توصل إليها تقرير مجموعة KonTerra حول ظروف اشتغال الموظفين في منظمة العفو، وذلك بعد أن أقدم موظفان اثنان على الانتحار سنة 2018.

يسلط التقرير الضوء على التخويف والإذلال والتمييز الذي يهدد مصداقية منظمة العفو. و كذا على المشاكل التي تعتري ثقافة العمل داخل المنظمة، وذلك استنادا الى دراسة استقصائية شملت 475 موظفا، أي ما يعادل 70٪ من قوتها العاملة.

ويصف التقرير ثقافة وأجواء العمل في المنظمة ب “المسمومة”، بالاضافة الى وجود مشاكل متعلقة بفشل الإدارة، والضغط الناتج عن عبء العمل وثقافة الاصطدام و المواجهة في مكان العمل.

يعاني موظفو منظمة العفو من التمييز العنصري و عدم المساواة بين الجنسين. وأكد المقررون أيضا وجود ادعاءات حول إساءة استعمال السلطة والتمييز والمعاملة غير العادلة.

وانتقد أيضا اساليب وممارسات غير نزيهة في مجال التوظيف، حيث وجدت حالات متعددة من المحسوبية و المحاباة في التوظيف.

ويلاحظ التقرير أيضا أن عددا كبيرا من موظفي منظمة العفو يعانون من انهيارات و صدمات عصبية، وفي نفس السياق اورد التقرير ان 39٪ من الموظفين تطورت لديها مشاكل في الصحة العقلية و البدنية نتاجا للعمل في منظمة العفو.

أيضا، يرى التقرير أنه من المهم إعطاء الموظفين الوسائل اللازمة للقيام بعملهم على نحو أفضل، بما في ذلك تطوير المهارات البحثية وإعداد التقارير لتحليل الصور ومقاطع الفيديو، لاسيما وان العمل يستند اساسا على هذه الأدوات.

وأخيرا، و وفقا لصحيفة الغارديان، قدم 7 أعضاء من المديرية العامة لكتابة منظمة العفو استقالاتهم بعد صدور استنتاجات تقرير KonTerra.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x