لماذا وإلى أين ؟

ما بعد تازمامرت.. 40 مليون سنتيم مقابل “عفا الله عما سلف” (الحلقة 28)

تفاصيل النجاة بأعجوبة من معتقل تازمامارت ماتزال مختبئة رغم القصص التي رويت على لسان الناجين، منهم ضيف حلقاتنا عبد الله أعكاو  (كان برتبة رقيب ميكانيكي متخصص في الذخيرة) الذي مازال لم ينشر بعد مذكراته على غرار جل الذين نجوا بأعجوبة، وهو  الذي كُتب له العيش بعد قضائه أكثر من 17 سنة داخل المعتقل الرهيب بتهمة محاولة الانقلاب على الملك الراحل الحسن الثاني.. في هذه الحلقات سنتذكر معه ماضيه الأليم منذ محاولات العيش وسط القبر  إلى العودة لحضن العائلة وتلمس الطريق نحو الإدماج والإنصاف..

خلفيات عديدة جعلتني انخرطت في حزب منظمة العمل الديمقراطي الشعبي، إذ حصل بيني وبين العاملين في جريدة “أنوال” تقارب، وكذلك مع مناضلي الحزب. وأيضا بحكم أن أمينه العام بنسعيد أيت يدر كان أول من أثار قضية المعتقلين السياسيين داخل البرلمان. قبل هذا كان قد زارني وفد من الحزب عن عودتي من تزمامارت، بالإضافة إلى ربطي علاقات مع مناضلين محليين من سيدي بطاش وبنسلميان.

أما فكرة ترشحي للانتخابات البلدية في يونيو 1997 فلم أكن أطرحها لأنه تم رفض طلبي بالتسجيل في لوائح التصويت من طرف السلطات المحلية بمبرر أني معتقل سابق وعليّ انتظار 5 سنوات. وأمام هذا الرفض التجأت إلى النقيب عبد الرحمان بنعمر، وكان حينها رئيسا للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، والذي مدني برسالة يفسر فيها كيف أن لي الحق في التصويت والترشح، كوني استفدت من “عفو ملكي”، ولما قدمت الرسالة إلى قائد سيدي بطاش سخر منها ومن الذي كتبها.

اقترح علي مناضلون من حزب منظمة العمل وأصدقاء ذوو نفوذ في المنطقة الترشح للانتخابات، وسألتهم عن نسبة نجاحي في ظل الفساد والريع اللذين ينخران البلدة المعروفة بقبائليتها التي تحتكر المجالس المتعاقبة حتى خلقت نوعا من السيبة وشجعت الاختلال والاختلاس في الميزانيات، وبالتالي ما الضامن أني لن أنهزم أمام راع أو سارق، فقدموا لي كل الضمانات، فقبلت الترشح. وقد أعطت قيادة حزب الاتحاد الاشتراكي أوامر بعدم تقديم أي مرشح من الحزب، ورفض مرشح حزب التقدم والاشتراكية بشكل شخصي التقدم للانتخابات، فيما بقي مرشح حزب الاستقلال في المنافسة، إلى جانب مرشحي الأحزاب المخزنية الفاسدة التي تربعت على عرش سيدي بطاش تأتي على الأخضر واليابس لعقود.

ونحن في غمرة الحملة استدعانا القائد إلى مكتبه لمناقشة سير الحملة، ولما انتهينا طلب مني البقاء ليطلب مني تغيير انتمائي الحزبي إلى أي حزب آخر على أن أكون في حال نجاحي في المجلس القروي، لكني رفضت متشبثا بقناعة الانتماء.

ذات يوم، جاءني صهري يحمل معه شيكا بقيمة 40 مليون سنتيم، أعطاه إياه مرشح ليعرضه علي مقابل “عفا الله عما سلف”، أي ألا أكشف الطريقة التي كانت تدبر بها جماعة سيدي بطاش، وقد ضمن مساندتي من طرف باقي المرشحين الذين أكد أنهم يأتمرون بأوامره وسيمهدون الطريق أمامي لرئاسة الجماعة. كانوا يعلمون أني لن أسكت عما كانت تدبر به أمور هذه البلدة، وذلك ما كنت أنوي فعله. رفضت عرض المرشح بشكل قاطع ونهرت صهري طالبا منه ألا يتدخل في هذا الأمر وإلا ستنقطع معه علاقتي. وقد كان هذا الرفض بداية لتعقد الأمور، إذ بدأ المسؤولون يضعون موانع وسدودا أمام ترشحي، وكبداية لذلك كان القائد هو الذي يمنح بطائق التصويت للمواطنين، وكان يسأل كل من تقدم عن اسم المرشح الذي ينوي منح صوته إليه، وأتذكر أن سيدة أخبرته بأنها ستصوت لصالحي فرفض منحها البطاقة لولا تدخلي بمعية لجنة الدعم التي تعمل معي في الحملة.

منحى آخر لهذا التضييق سيبدأ بعد المهرجان الخطابي الانتخابي، حيث سنسهب في الحديث عن الفساد المستشري في سيدي بطاش، وسنتطرق لنقطتين حساستين أثارتا حفيظة السلطات، الأولى تتعلق بجنرال يملك ضيعة فلاحية مسترجعة من الفرنسيين مجاورة لغابة وقد أحاطها بسياج هي والبئر التي كانت موردا للسكان. والثانية عن محمد المديوري الذي كان رئيسا للأمن الشخصي للملك الحسن الثاني، والذي كان يمتلك غابتين وحرم على المواطنين الرعي فيه وأحاطهما بسياج. بعد فرز الأصوات، أعلنت كل النتائج، إلا نتائج سيدي بطاش، وقد أظهرت فوزي بفارق كبير. وحينها كان القائد يفاوض رئيس المكتب بإعطائه صندوق الاقتراع، وأمام رفضه داهم بمعية عناصر القوات المساعدة المكتب وأخذوا معهم الصندوق إلى الغابة.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

2 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
الحسن زوهير
المعلق(ة)
9 يونيو 2019 15:01

لو كنت مكان الحسن الثاني رحمة الله عليه لحكمت عليهم بالاعدام

Meghar abdelkader
المعلق(ة)
9 يونيو 2019 01:45

Mr abdellah aakaou nous parle des elections truquer . Moi je lui demande si le coup d etat qu ils avaient decider de faire a reussit est ce qu ils auraient permis des elections meme truquer . Sous un regime melitaire. Je ne crois pas .salut

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x