لماذا وإلى أين ؟

بن زاكور: وسائط التواصل الاجتماعي بسطت من هول وبشاعة الجرائم لدى المغاربة (حوار)

أثارت الجرائم التي هزت المغاربة في الأسبوعين الماضيين الكثير من التساؤلات والنقاش حول بشاعتها، والأساليب الجديدة التي طورت مستوى الجريمة بشكل لم يعهد بها المغاربة من قبل. فرغم كل الجهود القانونية والردعية التي سخرتها الدولة للقضاء على الجريمة بمختلف أنواعها، إلا أن المغاربة مازالوا يصطدمون بحوادث بشعة تلو الأخرى، آخرها جريمة قتل واغتصاب طفل وسيدة بمكناس والرباط، فجرتا نقاشا حقيقيا حول الجريمة ومنظومة القيم في المغرب.

ولمنقاشة هذا الموضوع ومحاور أخرى، ربطت “آشكاين” الاتصال بالمحلل والباحث في علم الاجتماع النفسي الدكتور محسن بنزاكور، وأجرت معه الحوار التالي:

ما هي قراءتك للحيثيات الاجتماعية والنفسية للتغيير المهول الذي طرأ على أنواع الجرائم في المغرب في ظل ما عشناه في الأسبوعين الماضيين؟

عندما نتحدث عن أنواع الجريمة التي تشهد ارتفاعا في المغرب، فنقصد ثلاث مستويات: أولا الجرائم ضد الأصول، التي لم تكن في المغرب وتشهد ارتفاعا مهولا، وظاهرة الاغتصاب التي أصبحت تمارس مع العنف المؤدي للقتل، وجرائم اعتراض السبيل التي يستعمل فيها السلاح الأبيض، هذه الأنواع تتدخل فيها مجموعة من العوامل، وهنا يجب أن نوضح أنه لا يجب أن نضحك على الناس وننسب بشاعة هذه الجرائم إلى مرضى نفسانيين لأن نسبة ضئيلة منهم فقط من يرتبط بهذه الجرائم…

250X300 Ministre taransition mobile

 ما هي البروفايلات الحقيقية لهؤلاء “المجرمين” إذا أردنا فهم طبيعتهم؟

عادة هم أناس تكوينهم المعرفي بسييط جدا أو منعدم، ويغيب فيهم إدراك الآخر وقيمته. يعني لا يعطي أية أهمية لوجود الآخر والمجتمع، ويصبح مركز وجودهم هو الذات، وهنا تبدأ الاختلالات على مستوى الشخصية منها الأنانية المرضية، والتماس ما نسميه بالمبررات للسلوك الإجرامي  من قبيل: ” أنا محروم .. علاش تلبس هي مزيان.. علاش تخرج عريانة .. علاش هداك لاباس عليه” وغيرها من المبررات الواهية، لكن في حقيقتها لا يعرف كيف يتعامل مع الجنس الآخر ولا يضبط ميولاته وغير قادر على الزواج وتحمل المسؤولية، وله عقد جنسية كثيرة، كلها عوامل تساهم في المرور إلى الفعل الإجرامي. أما بخصوص نوع المجرمين اللذين يقومون بهذه الأعمال فهم في الغالب من مدمني المخدرات، أو تغيب لديهم حياة اجتماعية مستقرة، ولا يعانون من البطالة وهنا يجب التوضيح فليس كل شخص عاطل عن العمل مجرم هي فقط مؤشرات، وبالتالي فهو يعطي لنفسه الحق في الاعتداء على الآخر بكل الوسائل المتاحة في ظل غياب للقيم لأن هذه الأخيرة تعني الإيمان بالتعايش..

بعض المهتمين والمتتبعين لهذا النقاش يرجعون تطور أسلوب الجريمة إلى ثورة وسائط التواصل الاجتماعي، في نظرك هل ساهمت هذه الأخيرة في التطبيع مع هذا النوع من الجرائم، أم ساهمت في التهويل منها؟

كل ما يجب قوله هو أنه لا يمكن أن نفسر ظاهرة الإجرام بعامل واحد خصوصا مواقع التواصل الاجتماعي، فالبعد الاجتماعي مهم أيضا خصوصا غياب الأمن في بعض المناطق. وهنا يجب أن يتحمل الجميع مسؤولية في هذا الأمر، لأن غالبية المجرمين يتحينون فرصة غياب الأمن للقيام بمغامراتهم، إضافة إلى انتشار المخدرات والعوامل الأخرى. أما وسائط التواصل فلم تهول من الجرائم بل العكس بسطت ونقصت من هول وبشاعة الجرائم، وأصبحت مستساغة لدى المغاربة، بمعنى أن الجريمة التي كنا نخاف منها ونسمع عنها فقط، أصبحت هي الخبز اليومي والكل يشاهدها، وبالتالي نفسيا لم تعد تؤثر فينا، بل أخطر من هذ أصبحت تشكل رغبة للمرور إلى الفعل لدى بعض المجرمين، وأصبح يرى كيف تنفذ الجريمة بسبب  التوثيق الذي تقدمه هذه الوسائط، وبالتالي يستلهمها وتصبح وسائط التواصل الاجتماعي عاملا مساعدا للمرور إلى الفعل الإجرامي.

 

600X300 Ministre taransition mobile

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

1 تعليق
Inline Feedbacks
View all comments
أحمد التوري
المعلق(ة)
19 يوليو 2019 19:12

يمكن في بعض الأحيان الربط بين الجريمة و المخدرات ، إلا أن المخدرات تنقسم إلى ثلاثة ، فهناك الحشيش المستخرج من القنب الهندي او الكيف ، و مستعملوا هذا الصنف من المخدرات ليسوا بالعنيفين ، الخمر كمخدر ، يمكن أن يدفع بمتناوله إلى ما لا تحمد عقباه ، أما الثالث و هو شيخ المخدرات و كبيرهم ، فإنه متعاطيه يصبح في حالة من اللاوعي يمكن أن تؤدي إلى ارتكاب أبشع الجرائم ، وفي بعض الأحيان لا تستثنى العائلة ، و لكن مشكل الجريمة في الأساس يبقى متعلقا بسوء التربية ، هناك أزواج يلدون و لا يربون ، بمعنى أن للشارع مسؤولية التربية . إننا نرى و نشاهد أطفالا صغارا يتجولون و يلعبون ليلا في أوقات متأخرة ، لا حسيب و لا رقيب ، كما أن الطفل الصغير يعتاد على رؤية ابن الجيران بسيفه يسب و يشتم الناس و بيده سيف ، فتلك الجماعة من الصبيان تتتلمذ على الصعاليك من كبار الحي ، وهناك عامل آخر هو بعد الأطفال عن قيامهم بواجباتهم من حفظ الدروس و إنجاز الواجبات مما يؤدي الى ضعف كبير في المستوى ، و بالتالي الرسوب في المدرسة و النجاح في الزنقة . إن الآباء والأمهات مسؤولون على ما يقع ، انهم هم من يلد و لم يقوموا بواجبهم التربوي تجاه أبناءهم .

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x