لماذا وإلى أين ؟

هل أصبح زر الاعجاب على الفايسبوك جريمة؟

محسن قضاض*

من خلال هذه المقالة أود أن أعرج على مسألتين تشكلان محورين رئيسيين للموضوع الذي نحن بصدد الحديث عنه، الأولى تتعلق بالقانون الوضعي خاصة ذلك الذي يجرم كل ما يتم تداوله أو نشره أو الإشادة به عبر وسائل التواصل الاجتماعي وعلى رأسها الفايسبوك باعتباره الأكثر استعمالا على المستوى الوطني والعالمي، والمسألة الثانية تتعلق بآخر ميزات وتحديثات الفايسبوك. وقبل الخوض في عمق هذا الموضوع الذي لربما أصبح يشكل هاجسا لدى مستخدمي الموقع الأزرق، سيما ونحن نعيش في زمن النشر والمشاركة وربما أصبحنا نعيش واقعنا كله في الفايسبوك بحلوه ومره وبسلوكياته التي أحيانا تكون محمودة وأخرى متناقضة وقد تكون عنيفة في بعض الأحيان كذلك.

وقد جرم القانون المغربي نشر العمل الإجرامي والاشادة به من خلال الوسائل الالكترونية كمواقع التواصل الاجتماعي، حيث يحمل القانون الجنائي، في طياته جوابا عن عقوبة الإشادة، وخاصة في المادة 218-2 منه، حيث حدد العقوبة بالحبس من سنتين إلى ست سنوات سجنا نافذا، فضلا عن غرامة مالية تتراوح بين 10.000 و 200.000 درهم، ويفسر الإشادة بأفعال ترتبط بالخطب أو الصياح أو التهديدات في الأماكن أو الاجتماعات العمومية، أو بواسطة المكتوبات والمطبوعات المبيعة أو الموزعة أو المعروضة للبيع، وكذا الملصقات المعروضة للعموم عبر مختلف وسائل الإعلام السمعية البصرية والإلكترونية.

وبخصوص التفاعل مع ما يتم نشره عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فالفايسبوك يسمح لمستخدميه التفاعل من خلال استعمال ثلاث “ميكانيزمات” اما التعليق أو المشاركة أو الضغط على زر الاعجاب. هذا الأخير -أي زر الاعجاب- شهد تطورا منذ فبراير 2016 وأصبح مرفوقا بخمس أزرار، بعد الرسالة الشهيرة لصاحب الفايسبوك مارك زوكربيرج، والذي أكد فيها على إطلاق طرق أخرى للتعبير معللا قراره، الذي أخذ منه الوقت الكثير رفقة العاملين معه، حسب ذات الرسالة، أنه في بعض الأوقات يمكن نشر أشياء قد تكون غير سعيدة ومحزنة وبالتالي زر الاعجاب قد لا يتلائم مع المنشور، وهي إشكالية تمت معالجتها من خلال تطوير ردود أفعال أخرى عبارة عن أزرار تسمح للمستخدم بالتعبير عن “الاعجاب” أو “الحب” أو “الضحك” أو “المفاجأة” أو “الحزن” أو “الغضب” حسب نوعية وحالة وطبيعة المنشور، علما أن الاعجاب هو رد الفعل الأكثر شعبية حتى الآن.

ولسنوات عديدة، كان البديل عن زر “الاعجاب” الشهير مجرد مزحة تتكرر بين المستخدمين، حيث كانت مئات الصفحات والمجموعات تطالب بإنشاء زر “لا يعجبني”، لأن الأول -أي زر الاعجاب- لم يكن يتكيف مع بعض الوضعيات والمواقف المعينة التي تستدعي الاستعانة برد فعل آخر متناقض مع الاعجاب، وهو مطلب تم رفضه من طرف أصحاب القرار في شركة الفايسبوك العملاقة بدعوى عدم انسجام المطلب وأهداف الفايسبوك المسطرة وحتى لا يتم إدخال المنشورات في خانة اسئلة تنحصر على جواب “نعم” أول “لا”، “يعجبني” أو “لا يعجبني” وبالتالي تصبح المنشورات الفايسبوكية مثل استطلاعات الرأي “مع” أو “ضد”. بالمقابل تم إقرار الحل الأنسب بالنسبة إليهم والذي تحدثنا عنه في الفقرة السابقة حيث يمكن للمستخدم التعبير عن التعاطف أو الغضب أو حتى التعبير عن الأحاسيس الأخرى المتعلقة بكل حالة على حدة.

من خلال هذه الميزات والتحديثات الجديدة التي جاء بها الفايسبوك، خاصة في شق زر التعبير عن المشاعر والأحاسيس، هل يمكن اعتبار أن أي تفاعل بمختلف الأزرار الست التي تحدثنا عنها (“الاعجاب” أو “الحب” أو “الضحك” أو “المفاجأة” أو “الحزن” أو “الغضب”) مع أي منشور من المنشورات التي تدخل في خانة الأعمال الإجرامية والتي تشكل خطرا على النظام العام فهو يعتبر إشادة بالجريمة؟ أم أن الإشادة تقتصر فقط على التعبير بزري “الاعجاب” أو “الحب”؟ هي أسئلة وأخرى نود طرحها في زمن الرقمنة الذي أتى بحمولات ثقيلة تستوجب تحيين القوانين وملاءمتها مع الأوضاع الحالية الذي أصبحت فيها شبكات التواصل الاجتماعي مصدرا إلكترونيا لنشر ومشاركة مختلف الأخبار والمعطيات التي قد يكون عدد مهم منها فاقدا للمصداقية وربما يشكل بشكل أو بآخر خطرا على النظام العام.

* أستاذ باحث بجامعة محمد الأول بوجدة

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

1 تعليق
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
السعيد
المعلق(ة)
2 سبتمبر 2019 10:58

أتساءل : ما الفائدة من قراءة هذا المقال إذا بقيت الإجابة عن السؤال المطروح عالقة ؟ كنت أتصور أن يقودني هذا المقال إلى استنتاج استطيع معه أن أتخذ موقفا من تفاعلي مع مختلف الآراء التي تطرح على مواقع التواصل الاجتماعي ، ولكنه مع الأسف لم يات بأية قيمة مضافة باستثناء الإشارة إلى عقوبة الإشادة ، وتطور أزرار الإعجاب لدى فايسبوك.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x