لماذا وإلى أين ؟

الودغيري: أمزازي لا يستطيع أن يركِّب جملة صحيحة ومن المهازل إسناد وزارة التعليم له

قال عبد العلي الودغيري الباحث الأكاديمي والخبير في العلوم اللغوية: “من المهازل أن تُسنَد مسؤولية الإشراف على وزارة التربية والتعليم، وهي أمُّ الوزارات، لشخص لا يستطيع أن يركِّب جملة صحيحة باللغة الوطنية الرسمية، فإذا خطَبَ أو تكلَّم تعثَّر لسانُه في أبسط الكلمات التي لا تخفَى على صغار المتعلِّمين، ومضى غيرَ ملتفِتٍ للومِ اللائمين وسُخرية الساخِرين واستهزاء المُستهزِئين”.

وتابع الودغيري، في نقذه اللاذع لسعيد أمزازي، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، أن هذا الأخير “إذا طُلِب منه حديثٌ قصير للصحافة قال من غير أن يصفرُّ وجهُه أو يَحمرَّ، أو تَنزِل منه قطرةُ حياءٍ وخَجَل: إنه لا يعرف العربية. ولقد رأينا من قبلُ وزيرة في حكومة سابقة، تقول: إنها تُصابُ بالحُمّى حين تُدعى للحديث بالعربية”.

وإعتبر الأكاديمي ان ذلك “يدلُّ على أن الدولة لا تضع ضمن معايير اختيار الوزراء وكبار المسؤولين، معيارًا ضروريّا في الدول التي تحترم نفسَها وشعوبَها، وهو إتقان لغة البلاد التي ينتمون إليها والوطنِ الذي بوَّأهم المراكز العليا من المسؤولية. فما بالك إذا كان أحدُ هذه المراكز السامية هو وزارة التعليم التي يقف فيها المسؤولُ الأول بها على رأس شخصيات بلَغت شأنًا عظيمًا في العلم والمعرفة، منهم رؤساءُ جامعاتٍ وعمداء كليات ومديرو معاهد ومراكز تعليمية وبَحثية لها ذكر وصيتٌ، وعلماء كبار وأساتذة وباحثون مرموقون وطلابُ علم مجتهدون”.

واردف المتحدث أن “الدولة لا تضع في حسبانها ذلك الأثَر المُدمِّر الذي يكون وقعُه شديدًا على نفسية كل مُقبِل على تعلُّم العربية وساعٍ لتحصيلها حين يشاهد أو يسمع مهزلةً من مهازل مثل هذا المسؤول الأول على التعليم. فأول ما سيفكّر فيه ويخاطب به نفسَه وأساتذَته، هو هذا السؤال العنيف: ما الداعي لإجهاد النفس في إتقان هذه اللغة نُطقًا وكتابةً وإملاءً إذا كان المسؤول الأول عن التربية والتعليم لا يُبالي بما يرتكبه من أخطاء فاحشة يستحيي منها تلامذةُ الصفوف الأولى؟ هل أنا أحسن من وزير التعليم أو سيكون لي شأنٌ أكبر من شأن الوزير؟”

ويرى الودغيري، في تدوينة له، ان “استمرارُ الدولة وكل مسؤوليها في احتقار اللغة الوطنية الرسمية، والاستخفاف بوجودها وإعطاء الدليل تلو الدليل على أن الاجتهاد في تعلمها وإتقانها ليس ضرورة ولا شرطًا من شروط الترقّي والحصول على أرفع المناصب في الدولة، مع أننا في بلد لا يفتقر إلى الكفاأت العليا مع إتقان العربية وغيرها من اللغات”.

ويعتقد الباحث الجامعي أن “المواطن عندنا مدعوٌّ للاجتهاد في كل شيء إلا في صيانة لغته والاعتزاز بها. والمسؤولن حريصون ألف مرة على إتقان اللغة الأجنبية أكثر من حرصهم على لغة بلادهم. وإذا كان الاعتزاز باللغة الوطنية الرسمية هو أهم شرط من شروط استمرارها ونموّها والتمكين لها، فإن الاستخفاف بها والتفريط فيها، هو أكبر علامة على المخاطر الكثيرة التي تحيط بها وتجعلنا متخوِّفين على مستقبلها”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

3 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
B.med
المعلق(ة)
26 سبتمبر 2019 15:31

مساكين التلاميذ والاساتذة وكان الله في عونهم لان هذا وزيرهم.ومخبول من عينه كذالك.واذا كان رب الدار بالدف ضاربا فما على القاطنين الا الرقص.وكان لكم الله يا جيل المستقبل فالتربية بالقدوة هكذا تكون.لك الشكر الاستاذ الودغيري.

الوطن
المعلق(ة)
25 سبتمبر 2019 22:03

ليس المشكل في اللغة بل في مدى وجود الحكمة في التدبير، وهذا الأخير فاشل بالضرورة، وأما التعبير باللغة فهو شأن آخر ابان عن وضع بئيس

أحمد التوري
المعلق(ة)
25 سبتمبر 2019 21:03

إن الأستاذ عبد العالي الودغيري رجل ذو باع كبير في مجال اللغة العربية وآدابها ، زد على ذلك غيرته على البلاد و العباد مع الاخلاص في عمله الدؤوب في التدريس و البحث . في الحقيقة تقبلنا منذ زمن بعيد الفلتات و الانزلاق في أخطاء لغوية جسيمة ارتكبها مسؤولون كبار تحملوا اعلى المناصب ، و كانوا لا يكثرتون عند ارتكابهم اخطاء لغوية فادحة ، وفعلا هذا كان دافعا مباشرا لإحتقار لغة القرآن الكريم التي هي أقدم اللغات على جميع المستويات . و بالمناسبة أطلب من أستاذنا عبد العالي بأن يشرع في اصلاح المصطلحات العلمية و ترجمة بعض التعابير العلمية ، وذلك حفاظا على رونق أم اللغات ، و جزى الله ذ عبد العالي الودغيري خير الجزاء و أطال عمره و رزقه الصحة و العافية .

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

3
0
أضف تعليقكx
()
x