لماذا وإلى أين ؟

ماذا لو رفضت الداخلية استقالة العماري؟

مازال إلياس العماري يفضل ممارسة لعبته المفضلة، التمويه والتظليل، حتى وهو يغادر رقعة اللعبة السياسية.

فلحد الآن، (نشر هذا المقال) لم يؤكد العماري أو ينفي بشكل رسمي خبر تقديم استقالته من رئاسة جهة طنجة تطوان الحسيمة، رغم أن الاستقالة وضعت لدى الكتابة الخاصة لوالي نفس الجهة، حسب ما أكده مصدر مسؤول لـ”آشكاين”.

البعض فسر لجوء العماري إلى هذا الأسلوب التظليلي في تعاطيه مع موضوع استقالته المذكورة إلى كونه غير متأكد بعد من موقف السلطات منها، فقد تقبلها، وحينها يقول إنه هو من بادر بالاستقالة وترك الكرسي، لأنه غير متشبث به، وقد ترفضها ويقول إنه مازال رقما مهما داخل دهاليز الدولة العميقة إلى درجة أنها لم تستطع التخلي عنه.

لكن ماذا لو رفضت وزارة الداخلية استقالة العماري؟
وما هي الرسائل السياسية التي قد يحملها هذا الرفض، إن حدث؟

محمد الزهاري، الدكتور في القانون الإداري، يقول إن “المادة 62 من القانون التنظيمي رقم 14.111 المتعلق بالجهات تنص على أنه إذا رغب رئيس مجلس الجهة في التخلي عن مهام رئاسة المجلس وجب عليه تقديم استقالته إلى السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية، ويسري أثر هذه الاستقالة بعد انصرام أجل خمسة عشر يوما ابتداء من تاريخ التوصل بالاستقالة”.

ويوضح الزهاري في حديث لـ”آشكاين”، أن” الأمر محسوم قانونيا، فإذا تمت الاستقالة بالفعل ستصبح سارية المفعول بعد مرور 15 يوما ويستمر الرئيس في ممارسة تدبير الشأن العام الجهوي إلى حين انتخاب رئيس جديد وفق المقتضيات المنصوص عليها من المادة 11 إلى المادة 16 من القانون التنظيمي”.

ولفت إلى أنه “بالرجوع إلى مقتضيات القانون التنظيمي أشار المشرع إلى مصطلح الاستقالة وأقرنها بالاختيارية، بمعنى أن الاستقالة هي إرادة منفردة واختيارية لرئيس الجهة لهذا ليس هناك في مواد القانون ما يفيد بأن وزارة الداخلية يمكن لها أن ترفض الاستقالة إذا تأكدت طبعا، فالقانون يعني الاستجابة التلقائية لواقعة الاستقالة الاختيارية”، موضحا أن “تفاديا للبلوكاج الذي يمكن أن يصيب المجلس ويؤثر على سيره العادي وتوقف عمل أجهزته نصت المادة 64 على: “ضمانا لمبدأ استمرارية المرفق العام ، يستمر رئيس مجلس الجهة المستقيل ونوابه في تصريف الأمور الجارية إلى حين انتخاب رئيس ومكتب جديدين” .

التحليل القانوني الذي قدمه الزهاري يوضح بجلاء أن سلطات وزارة الداخلية بدورها مازالت لم تحسم في أمر استقالة العماري، غير المؤكدة رسميا، فهي لم تكشف، رسميا على الأقل، عن تلقيها لهذه الاستقالة لكي تصبح سارية المفعول بعد 15 يوما من تقديمها، وذلك لغاية في نفسها، كأن تعلن في آخر لحظة عن عدم تلقيها لها وتوجه بذلك عدد من الرسائل إلى من يهمهم الأمر.

الرسالة الأولى التي قد تفهم من رفض الداخلية لاستقالة العماري، هي أن هذا الأخير مازال مطلوبا للقيام بأدوار ما في المشهد السياسي، وأن ما يقع مناورة لمنحه أوكسجينا إضافيا لإنعاشه وإخراجه من الأزمة التي يتخبط فيها مند هزيمته انتخابيا، وأضعفته سياسيا، وبعثرت أوراق تموقعاته.

كما أن رفض الداخلية لاستقالة إلياس، قد تكون رسالة لبعض قيادات “البام”، خاصة الذين انتشوا بابتعاده عن قيادة هذا الحزب وأشهروا سيوفهم في وجه خليفته حكيم بنشماس، الذي يعد من المقربين إليه ويده التي يسير بها الحزب من بعيد. إذ قد يكون رفض استقالته ضوء أخضر من أجل عودته للحزب ولمّ شمله استعداد لدور ما، يرجح أن يكون المشاركة في حكومة، لأول مرة، يقودها التجمع الوطني للأحرار، إذا ما أفلح هذا الأخير في هزم البيجيدي واحتلال الرتبة الأولى في تشريعيات 2021.

الرسالة الأخرى غير المباشرة من وراء رفض استقالة إلياس من طرف الداخلية، إذا تم، هي أنه مازال مطلوبا لدفع ثمن أكبر، وقد يتم تحريك ملفات سيتم إخراجها في الوقت المناسب، إما من أجل توظيف هذا الأمر في امتصاص احتقان ما، أو رد الصاع صاعين لمن كانوا يدعمونه في سياق حرب الأجنحة.

الزهاري، العضو البارز بالمجلس الوطني لحزب “الاستقلال”، وعضو لجنة التحكيم والتأديب بذات الحزب سابقا، يرى أن “خبر استقالة إلياس العماري من رئاسة مجلس الجهة، فتح الباب على مصراعيه للتأويلات التي ذهبت أغلبها إلى أنها ستكون بداية نهاية مسار رجل لمع إسمه بعد تولي الملك محمد السادس للعرش خلال نهاية يوليوز 1999، يقول متحدث “آشكاين”، ويضيف “رجل كان حاضرا بقوة في المشهد الحقوقي من خلال عضويته بهيئة الانصاف والمصالحة، وقربه من المرحوم ادريس بنزكري، وصداقته المعلنة مع مقربين من الملك محمد السادس ، رجل جعل العديد من الطامحين لتولي مناصب سامية والتموقع السريع الاقتراب منه وشراء وده، بل إن مسؤولين بمؤسسات عمومية ذات النفوذ المالي كانوا يتسابقون للاستجابة لمبادراته ودعم مشروعه السياسي والإعلامي . ”

ويلفت إلى أن الرجل فقد كل مواقعه وآخرها رئاسته لحزب البام الذي يعرف الجميع كيف ولد ومن احتضنه ومن ساهم في خلق فرق برلمانية له بمجلسي البرلمان، رغم أنه لم يكن موجود خلال انتخابات مجلس النواب لـ7 شتنبر 2007. وإذا ما تأكد بالفعل خبر الاستقالة وتم تفعيل مسطرة التعويض فستكون بالفعل أمام نهاية رجل لفظه المخزن بعد استنفاذ أدواره”.

وخلاصة الأمر، سواء رفضت الداخلية استقالة العماري أو قبلتها فالمؤكد أن هذا الأمر من ورائه رسائل سيلتقطها من يهمهم الأمر، وقد تغير قواعد اللعبة السياسية والعلاقات بين المخزن وخدامه.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x