لماذا وإلى أين ؟

أبو حفص: الإسلام لا يَتعارض مع الحريات الفردية (حوار)

حاوره لـ”آشكاين”: محمد دنيــــــا

فَجرَّت قضية الزميلة هاجر الريسوني؛ نقاشاً مجتمعياً حول موضوع الحريات الفردية في المغرب، وقَسَّم هذا الموضوع المتداخلين فيه إلى قسمين، قسم يدافع عن الحريات الفردية في مُجملها، ويدعو الحكومة إلى إسقاط القوانين المكبلة للحريات؛ التي تدخل في إطار الحياة الخاصة للأفراد، وقِسم آخر؛ يَنظر إلى الموضوع من زاوية أنه “يتناقض مع تعاليم الدين الإسلامي؛ الذي يُعتبر الدين الرسمي للدولة”.

ومن أجل الإسهام في مُناقشة هذا الموضوع، ومحاولة فتح نقاش يمكن أن يضع المتتبعين للموقع؛ في جزء من صورة الحدث، تستضيف الجريدة الرقمية “آشكاين”؛ في فقرة ضيف السبت لهذا الأسبوع، محمد عبد الوهاب رفيقي (أبو حفص)؛ أحد المساهمين في النقاش العمومي حول الحريات الفردية، الذي تحول من “فقيه متشدد في الدين” كما وصفه البعض، إلى “داعية عصري” كما يعتبره البعض الآخر.

بدون شك؛ تابعتم النقاش المثار حول موضوع الحريات الفردية، كيف ترونه وهل خلفياته بريئة؟ 

طبعا أعتبره نقاشاً بريئاً؛ وخلفياته بريئة، لأنني أرى أن مجموعة من الشباب يتحركون بدافع البحث عن الحرية، وبدافع البحث عن رفع الوصاية من أي طرف كان على اختياراتهم الحياتية، التي لا تؤذي الآخرين ولا تَضرُّ المجتمع، أنا مع عدم أدلجة هذا النقاش؛ وعدم إدخاله في متاهات إديولوجية أو صراعات سياسية بين فصائل معينة.

وبالتالي، فأنا أعتقد أن كثيرا من الذين يُثيرون هذا النقاش؛ ويَرفعون هذه المطالب، نياتهم صادقة في هذا الباب، ولو جِئنا نتهم كل شخص أثار نقاشا حول موضوع معين؛ ولو كان موضوعاً يستحق النقاش، ونتهمه بعدم البراءة أو استخدامه من طرف جهات معينة أو خدمته لأجندات معينة، لن يستطيع أحد أن يطالب بأي حق.

وما موقفكم من الحريات الفردية؟ 

موقفي هو أن الحريات الفردية هي حريات فردية، ويجب صياغتها وحمايتها، وأن الإنسان له كامل الإختيار، وله كامل الحرية في أن يعيش كيف ما شاء، وأن يفكر كيف ما شاء، وأن يمارس ما يشاء، ما لم يكن في ذلك إذاية للغير أو تعدي على الغير، والدولة الحديثة منطقها يسير في هذا الإتجاه، وقوانين الدولة الحديثة؛ لا تتدخل إلا فيما يخص تأطير العلاقات داخل المجتمع بين المواطنين.

الدولة الحديثة لا تمارس أي وصاية أخلاقية، ولا تحاسب الناس على مَدى إلتزامهم بالدين، أو عدم إلتزامهم به، أو على مدى إلتزامهم بأخلاقيات معينة أو عدم إلتزامهم بها، إذا كان الدين قد ضمن للفرد أصل الحرية؛ وهي حرية العقيدة، وحرية الفكر، وحرية الضمير، فكيف بما عَدَاها من الحريات الفردية؟ سواء المتعلقة بالجسد أو غيرها؟ لذلك أنا شخصيا من أشد المناصرين والمدافعين عن ضرورة حماية الحريات الفردية للأفراد والأشخاص.

(مقاطعا) ألا تناقض الحريات الفردية تعاليم الدين الإسلامي؛ باعتباره “دين الدولة”؟ 

نعم، بالضَّبط هذا ما أقصده، الإسلام لا يَتعارض مع الحريات الفردية، وما يحاول البعض تصويره بأن هناك تعارض، فذلك مجرد مغالطة مقصودة من طرف هؤلاء الناس، من أجل الحفاظ على هذه القوانين، وإلا إذا كان الإسلام يكفل للإنسان حرية اختيار الإعتقاد الذي يريد، “فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ”، فكيف بما سواه من التصرفات أو العلاقات أو غير ذلك؟

شخصيا، أرى أن الإسلام هو يحمي حريات الفرد باختيار ما يشاء، ولا يوجد دين ولا اعتقاد مبني على الإكراه، فضلاً على أن الدولة ليس من حقها أن تتدخل في قضايا الحلال والحرام، وما إذا كان ما فعله الإنسان حلالاً أو حراماً، هذا بين الإنسان وبين ربه، والدولة تؤطر العلاقات بين الناس وتمنع إضرار بعضهم ببعض، وليس لها علاقة بأديانهم ولا باختياراتهم الدينية.

هل تعني أنكم مع العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج والإفطار العلني في رمضان وغير ذلك من الحريات الفردية؟ 

أنا لا أقول أنني مع العلاقات الجنسية، ولا الإفطار في رمضان، لا أقول أنني مع أو ضد، أنا أقول أن الدولة ليس موضوعها أن تتدخل في أفعال الناس، وما إن كانوا يفعلونه موافقا للدين أو مخالفا له، هل هذا مسموح به؟ هل هو حلال؟ هل هو حرام؟ هذا موضوع ثاني مختلف، ولا أريد أن أدخل في نقاشه.

لكل شخص رؤيته ولكل شخص قناعته، ولكل شخص نسبة إلتزامه بتدين معين، الناس أحرار في أن يختاروا ما يشاؤون من ذلك، ولكن أنا موضوعي حول تدخل الدولة، الدولة والقانون ليس لهم الحق في أن يتدخلوا في تحديد تصرفات الناس وما يفعلون وما لا يفعلون.

طيب؛ وكيف ترون مبادرة العفو على الزميلة الريسوني من طرف الملك؟

مبادرة العفو الملكي على هاجر الريسوني، لا شك أنها بادرة كريمة، وخبر أكثر من مفرح، وأنا شخصيا سعدت به جداً، وأعتبر أنه إنهاء وطي لهذا الملف، الذي بكل صدق لا يشرف صورة المغرب، ولا يتناسب مع مطامحه في السعي نحو تأسيس دولة ديموقراطية ودولة حديثة، أعتقد أن هذه المبادرة؛ هي كانت تصحيحاً للدخول في مسار ملف لم يكن من الأصل يجب إثارته ولا التشويش على صورة المغرب من خلاله.

في نظركم، هل يمكن أن يحمل العفو إشارات أو توجيها للنقاش الدائر حول الحريات الفردية؟

فعلا هذا العفو الملكي في هذا الوقت، الذي يَحتدُّ فيه النقاش حول الحريات الفردية، والعفو عن العقوبة التي كانت سبباً في حَبس هاجر ومن معها، هو مؤشر على أننا يجب أن ندفع بهذا النقاش إلى الأمام، حتى لا نحتاج مرة أخرى في قضية أخرى إلى عفو ملكي، ولا يكون ذلك إلا بإلغاء هذه القوانين، التي لا زالت تتدخل في حياة الناس الخاصة، وتقتحم عليهم بيوتهم الخاصة، وتقتحم عليهم أفرشتهم، أظن فعلاً أن العفو الملكي؛ هو مناسبة للدفع بمزيد من النقاش في هذا الموضوع.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

4 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
Ali
المعلق(ة)
20 أكتوبر 2019 19:51

زار حديقة الحيوان صبيحة يوم عابس ممطر … عند اقترابه من قفص القردة التي كان صراخها يملأ سمعه، أذهله تنطيط قرد صغير ومرحه الشديد على ظهر إناث القردة بكل حرية..

ابو حفص وأمثاله من أنصار تيار الاستعراء الرضائي باسم الحرية يسوقون لممارسات لا أخلاقية ولا دينية بدعوى أن الحرية الفردية أمّ التحضر والتقدم وأن لا تعارض للإسلام مع الإباحية والمثلية: الجار يضاجع زوجة الجار بالتراضي، المدير يضاجع مرؤوساته بالتراضي، والأستاذ تلميذاته بالتوافق، والتاجر زبوناته بالتوافق مثلما يصنع جحش جحا بحمارة الجيران، ويصنع القرد بإناث سربه وحتى أمه ، ويصنع خنزير الحظيرة بإناث مجموعته ومع أخته وصغيرته … لا أخلاق، لا ضمير، لا دين، لا مبادئ، لا شرف، لا إنسانية، لا قيم.. كل شيء وشذوذ مباح باسم الخرية الحيوانية القطيعية الاسطبلية..
بئس التحضر والحضارة والحداثة تلك التي تجعل من الانسان مجرد حيوان يعيش بالغريزة وللغريزة
قولبة المجتمع حسب ما يشتهيه أنصار الغلمانية محاولة يائسة لتبضيع ما لا يقبل التبضيع: الإنسان. تشييء الإنسان وتبضيعه ليلائم أبعاد أهواء قالب أبي حفص وجوقته باستمالته للسقوط في غياهيب الغريزة الحيوانية طرح مشلول ذلك أنه يقتضي لا عقل لذات الانسان للتمييز بين ما تعافه النفس الإنسانية ولا ترضاه لها سبيلاً للشرف والصفاء والنقاء… الأسد يعاف الجيفة ولا يقبلها.. بل يموت جوعاً ولا يقربها..

أستغرب أن يكون للبوم، لأبي رخص وأمثاله، صوت يصدح بمُنى نفس آلمها المكبوت والمضمور من أمراض.. والمهتوك من غايات، صوت يصدح عبر وسائل الإعلام بالمريض والشاذ من ممارسات..

يقول تعالى: في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضاً

yassine
المعلق(ة)
20 أكتوبر 2019 10:46

يقول الله سبحانه وتعالى (ضهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون صدق الله العظيم).

الصحراوي
المعلق(ة)
20 أكتوبر 2019 00:39

مامعنى الجلد والرجم الى الموت في الاسلام وعلى من يطبق ومن يطبقه اليس لمن يريد الفاحشة بالعلالي ادا ابتليتم فاستتروا

عبد الله
المعلق(ة)
19 أكتوبر 2019 21:44

يستحق لقب زيزو المغرب

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

4
0
أضف تعليقكx
()
x