لماذا وإلى أين ؟

هكذا أسقطت سياسة القنصليات وهم الميليشيات

عرف مطلع سنة 2020، فتح عدد من الدول الإفريقية لقنصليات عامة، بالمدن الكبرى للصحراء المغربية (العيون والداخلة)، وذلك كنتيجة طبيعية لعودة المغرب لعمقه الإفريقي سنة 2017، ولازال الحبل على الجرار، بحيث أنه لن تنقضي هذه السنة حتى يزداد عدد الدول الإفريقية التي تسلك نفس النهج، وفق ما تقرره معطيات الواقع والتحركات المتتالية للديبلوماسية المغربية.
يبدو أن توالي إفتتاح القنصليات الإفريقية بالصحراء، ليس وليد الصدفة، وإنما هو إفراز لتراكم خطوات مرسومة في خطة ديبلوماسية شاملة، بحيث أن الساحة الإفريقية ظلت شوكة في خاصرة الديبلوماسية المغربية، منذ إنسحاب المغرب من المنظمة القارية، إثر قبول عضوية الكيان الوهمي “البوليساريو”، لكن عودة المغرب للإتحاد الإفريقي، وما تلاها من زيارات رسمية للعاهل المغربي شملت عدة دول، خاصة تلك المعروفة بمواقفها الداعمة للكيان الوهمي، كانت إعلان عن إختراق الديلوماسية الإقتصادية السياسية الرياضية للقارة السمراء.
إن الخطة التي إعتمدها صانعو السياسة الخارجية المغربية، مهما اختلفت معهم في تدبير الشأن الداخلي، في معالجة مشكل الصحراء، تتسم بالشمولية وجعل المصالح الإقتصادية هي المحرك الرئيسي للعلاقة مع الدول، بحيث أن فتح قنصليات عامة بمدن الصحراء يهدف إلى تسهيل دخول مواطني الدول الإفريقية وتسريع الحركة التجارية عبر معبر الكركرات.
ولعل أن تشييد أنبوب الغاز الرابط بين نيجريا وأوروبا عبر 5 دول من بينها المغرب، يدخل ضمن هذه الخطة الدبلوماسية الشاملة التي تسعى لمحاصرة “البوليساريو”، في أخر معاقلها (الإتحاد الإفريقي) التي ظلت طيلة سنوات تستغله لتمرير مغالطاتها واستهداف الوحدة الترابية خدمة لأجندة جنرالات قصر مرادية.
ولا تشمل الخطة المغربية فقط الدول الإفريقية فقط، بل إن المغرب تمكن بلغة المصالح الإقتصادية وسياسة رابح رابح، من إستدراج الإتحاد الأوروبي، إلى الإعتراف الضمني بسيادة المغرب على الأقاليم الجنوبية، بحيث أن المغرب اشترط في اتفاق الصيد البحري، أن ينحصر صيد السفن الأوروبية في المياه المقابلة للسواحل الجنوبية المغربية.
بل إن إسبانيا التي لطالما لعبت على وتر نزاع الصحراء، وإستغلاله للإبتزاز المغرب ولي دراعه، أصبحت اليوم مجبرة على القطع مع هذا الأسلوب، بحيث اضطرها قرار المغرب بترسيم حدوده البحرية الجنوبية، إلى مطالبته لفتح الحوار معاها بشأن هذه الخطوة، ما يعني أن أي اتفاق بخصوص ترسيم الحدود البحرية، ستوقعه إسبانيا وموريتانيا، سيكون إعترافا رسميا بسيادة المغرب على صحرائه، ولن يبقى من المسموح للإسبان أن يلعبوا على وتر الوحدة الترابية.
ومن جهة أخرى، فإن الخطة الديبلوماسية، لا تضمن المستوى الإقتصادي والسياسي فقط، بل حتى المستوى الرياضي، بحيث أن تنظيم كأس إفريقيا للفوتسال، بمدينة العيون، ومشاركة عدد كبير من المنتخبات الوطنية الإفريقية شكل دعامة مهمة للتحركات الدبلوماسية، بل إن الاتحاد الأفريقي لكرة القدم، عاقب كلا من جنوب إفريقيا وجزز الموريس، بسبب تعليق مشاركتهما دعما للبوليساريو، ما يدل على أن الرياضة لعبت دورا مهما في محاصرة الكيان الوهمي.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

1 تعليق
Inline Feedbacks
View all comments
عبدالاله
المعلق(ة)
3 فبراير 2020 22:12

تغيير اسلوب الهجوم هو الحل الوحيد لخلخلة تفكير المرتزقة… الدبلوماسية الموازية واللعب على جميع الاصعدة في آن واحد جديرة بإرباك قراءات الانفصاليين و صنيعتهم جنارالات قصر المرادية

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x