2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

يوما بعد يوم، تزداد رقعة انتشار فيروس كورونا القاتل، “كوفيد19″، اتساعا، ويزداد معها تخوفات المواطنين من هذا العدو المجهول، وتساؤلاتهم حول السبل الكفيل لمحاصرته على الأقل. ضحايا كورنا ليسوا مصابين وقتلى فقط، بل هم مئات الآلاف من المرعوبين والمذعورين من هذا الوباء الذي تحول إلى جائحة حسب منظمة الصحة العالمية، الذعر والهلع يزداد بشكل كبير في بعض الدول التي لم يسبق لها أن اجتازت امتحان كارثة طبيعية أو وبائية كبرى في العصر الراهن مثل المغرب مما طرح السؤال عن كيفية تفعيل مبادرات شعبية بهذا الخصوص.
أحمد الدحماني، الاطار الدولي الذي اشتغل لستة سنوات في برنامج تدبير المخاطر والكوارث لدى قسم التنمية والتعاون السويسري التابع لسفارة سويسرا في المغرب، ما بين 2007 و2013، وأشرف على برنامج تكوين الأطقم المسعفة la gestion communautaire des risques ووضع خرائط الإنذار المبكر واستراتيجيات التدخل في المناطق المنكوبة، يرى أن المغرب ينهج خطة تجعله من البلدان الصلبة في العالم في مواجهة وتدبير المخاطر والأوبئة.
وأكد الدحماني في حوار أجرته معه “آشكاين”، أنه ” الآن الكل مسؤول من موقعه على تدبير هذا الوضع، والمسؤولية المتعلقة بالمواطنين هي أكبر من مسؤولية المؤسسات العمومية”.
نص الحوار كاملا:
أمام اجتياح كورونا، ما هو دور المواطن والجمعيات في تدبير مخاطر هذا الوباء؟
في البداية أولا يجب أن نعترف ونقر بأننا أمام جائحة كما أقرت بذلك منظمة الصحة العالمية، ويجب التوقف الفوري عن كل التشكيكات التي تقلل من أهمية الوباء. الآن الكل مسؤول من موقعه على تدبير هذا الوضع، والمسؤولية المتعلقة بالمواطنين هي أكبر من مسؤولية المؤسسات العمومية، فإذا كانت دور هذه الأخيرة يقتضي تأمين السلامة الصحية للمواطنين والمواطنات والحفاظ على السكينة العامة والامن والنظام العامين فإنه على المواطنين الالتزام بالتوجهات الصادرة عن المؤسسات العمومية أولا وتقليص نسبة الولوج لأماكن المكتظة لاقل من 90 في المائة خصوصا المتاجر الكبرى والمساجد والمقاهي وما شابه ذلك.
الأهم من هذا هو اعتبار اليوم قبل غدا أن المستشفيات ومراكز الصحة هي بؤر لانتقال وتفشي الوباء ، لهذا من الأفضل ألا يتم الذهاب إلى المستشفيات ومراكز الصحة والعيادات الطبية إلا في حالة الاستعجال القصوى، وذلك من أجل التقليل من فرضية انتقال العدوي أولا ولتخفيف الضغط على المنظومة الصحية وأطقمها ثانيا، بالإضافة إلى اعتبار كل سرير في المستشفيات هو مكان محتمل لمصاب بكورونا.
أمر أخر مهم هو أنه من المفترض في المواطنين والمواطنات تخفيف العبء على أقسام الرعاية الصحية، حتى يترك للأطقم الطبية إمكانية التركيز ومواجهة الوباء .
هل يمكن للجمعيات والمواطنين والمواطنات أن يلعبوا دورا في مواجهة هذا الوباء القاتل؟
نعم بكل تأكيد التطوع فكرة نبيلة، ومن حيت المبدأ لا يمكن إلا أن نشد على أيادي المواطنين والمواطنات الذين يعلنون رغبتهم في التطوع، لكن في المقابل التطوع في الجائحة ليس هو التطوع في الكوارث الطبيعية أو الحروب أو استقبال النازحين أو الحرائق، لأننا إزاء خطر داهم معروف لكنه غير مرئي، المتطوعين في هاته الحالات يجب أن يكونوا خاضعين لتكوين ولوجيستيك خاص وإعداد نفسي وبدني، حتى لا يصبحوا أداة للعدوى، وعبئا مضافا على السلطات المختصة، لهذا يجب تنظيم هذا التطوع وربطه إما بتقديم الدروس الافتراضية عن بعد لفائدة التلاميذ والطلاب، أو التطوع بتنظيم الممرات والطرقات دون الاقتراب من الأشخاص. وأي تطوع فيه مشاركة الناس والاختلاط معهم يرفع في المقابل مؤشرات انتقال العدوى.
ومن أول الخطوات التطوعية التي يجب القيام بها الان هي هبة جماعية للتبرع بالدم؛ لأن العديد من المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة أو تلك التي تحتاج للدم في حاجة ماسة لهذه المادة الحيوية، كما أنه في حالة وضع مناطق ومدن تحت العزلة الإجبارية فلن تكون إمكانية للتبرع، إذا؛ قبل استفحل الوباء يجب التطوع بالدم.
كذالك يمكن التطوع بتوجيه المواطنين والمواطنات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لمحاربة الاحتكار وأفكار الشعوذة أو التبليغ عن الحالات المشكوك فيها وعن حالات الاحتكار وفي حالة ما أصبح الوباء جائحة في إحدى المناطق يجب أن يفكر الناس في تنظيم أحيائهم ومعيشهم اليومي.
كيف يمكن التنسيق بين مجهودات جمعيات المجتمع المدني والأفراد والتدابير التي تتخذها الدولة لمواجهة هذا الوباء؟
كما تعلم فإنه إلى جانب مخططات وزارة الصحة؛ يوجد في كل إقليم مخطط لليقظة التي يشرف عليه الولاة والعمال وهي المخططات التي ترصد الإمكانيات البشرية واللوجستيكية و تضع توقعا لأماكن إيواء النازحين، وتعد المستشفيات الميدانية وأماكن نزول الهليكوبتر وتدابير إيواء وتنظيم السير والجولان في حالة وقوع الأزمات إلى جانب قضايا مرتبط بتدبير الكوارث والمخاطر.
من المفترض أن يتم رفع درجة اليقظة إلى مستوى مرتفع، وأكيد أنه تم رفعه، لكن الأهم هو مباشرة الاتصالات بالجمعيات لتتمكن من تدبير بعض المرافق وبعض الخدمات البعيدة عن احتمال انتشار الوباء بها مثل توفير مراكز إيواء وحضانة أطفال غير مصابين لعائلات مصابة وتدبير حالة العجزة ودوي الأمراض المزمنة وكذلك تدبير مراكز أشخاص في وضعية إعاقة ومراكز الرعاية الاجتماعية وتحويل مقرات الجمعيات ومنصاتها الالكترونية إلى مراكز لمباشرة التوجيهات للمواطنين والمواطنات وإعادة الترويج للمنشورات العمومة الصادرة في هذا المجال وتوجيه المواطنين، الذين يحملون أعراض المرض، إلى المراكز المختصة، بالوسائل الالكترونية.
ما وقع في إيطاليا ليس فقط نتيجة الوباء؛ لكن انهيار المنظومة الصحية التي بدأ عندما تعرض المئات من الأطباء والممرضين للوباء، لهذا فالأولوية القصوى الآن هي الحماية العالية للأطباء والممرضين وتمكينهم من وسائل الحماية الذاتية.
كما أنه على الدولة أن تكشف للعموم عن مخططها لمحاصرة الوباء وأن تكشف عن مناطق التشخيص والحجر والمناطق الآمنة في حالة التفشي والمعدلات والمؤشرات الضرورية التي وضعتها من أجل اعتماد العزلة الطوعية والإجبارية لبعض المناطق.
كلمة أخيرة
من خلال تجربتي المهنية كإطار دولي لمدة ستة سنوات في تدبير المخاطر لدي الثقة في قدرة وحنكة المؤسسات المغربية في نجاعة وفعالية تدخلها، كما لدي الثقة في وطنية الأطباء ومهني قطاع الصحة في قدرتهم على الصمود اتجاه الجائحة، لأن المغرب يعتبر من أقوى البلدان في العالم في مواجهة وتدبير المخاطر والأوبئة لكونه يربط الصحة العامة وتدبير الكوارث الطبيعية والأوبئة بشكل مشترك ما بين القطاعات الوصية ووزارة الداخلية والأجهزة الأمنية.