لماذا وإلى أين ؟

تصريحات قدحية بين حرية التعبير والمس بمصداقية المؤسسات

سليمة فراجي*

عاين الكل بالصوت والصورة بعض التصريحات العلنية التي شككت في عدد الاصابات بفيروس كورونا ، الأمر الذي يدخل في إطار نشر الأخبار الزائفة وترويجها المعاقب عليها جنائيا من جهة، وتطاولت على مؤسسة النيابة العامة كسلطة دستورية، إذ ينص الفصل 110 من الدستور أن قضاتها يلتزمون بالتعليمات الكتابية القانونية الصادرة عن السلطة التي يتبعون لها، ولا ينحنون لوزارة من الوزارات كما جاء ذلك على لسان البعض من جهة أخرى .

التشكيك في عدد الاصابات يضرب في الصميم مجهوذات الدولة ومصداقيتها وهي التي انتصرت منذ تفشي الوباء لحماية العامل البشري وحققت نتائج ايجابية بشهادة دول العالم بقيادة ملك همام وعزيمة الرجال، علما أن التشكيك في الوباء وعدد الاصابات يجعلنا نطرح أكثر من سؤال حول عنصر الثقة بين الدولة والمواطن و عدم احترام مشاعر عائلات المتوفين بسبب الوباء في المغرب ومختلف دول العالم التي فقدت أرواحا بشرية بالآلاف بسبب الوباء، ولولا الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدولة المغربية في مواجهة الوباء لكانت الخسارة البشرية فادحة كما وقع في العديد من الدول، وبدل التنويه بالمجهودات المبذولة ورفع القبعة لكل من كان في الواجهة ليل نهار من أجل السلم الصحي، يقع التشكيك والمس بمصداقية المؤسسات في ضرب صارخ لمبادئ السمو إلى أعلى المراتب فكريا وخلقيا .

كما أن عدم توقير جهاز النيابة العامة ووصفه بالانحناء للسلطة التنفيذية وتعميم وصف عدم “وجود الرجال” في صفوف قضاة النيابة العامة يجعل الأسلوب القدحي موثقا والانزلاق اللفظي ثابتا بشكل يضرب في الصميم مبادئ الرقي الفكري والبلاغة والاحترام المتبادل، وكما جاء في كلمة لرئيس النيابة العامة أن الدفاع عن استقلال القضاء هو من صميم أخلاقيات مهنة المحاماة الشريفة، حيث يجب استحضاره من طرف المحامي، سواء أثناء ممارسة مهام الدفاع أو بمناسبة الخوض في قضايا العدالة في منابر أخرى، حيث يقتضي شرف المهنة أن يتم التعبير عن الأفكار وبسط الانتقادات باحترام لمقام القضاء، الذي يعتبر المحامي – في المغرب – جزءمنه.

مهنة المحاماة رسالة نبيلة فرسانها المحامون صناع مجد الأمة لِما يحملون في صدورهم من علم وقيم والتزام وطني ومهني وأصالة عريقة، يعتبرون المثل
والمثال، لحمل الرسالة المحصنة بهم بأعلى درجات المسؤلية، وخزانا أساسيا يفيض بالعطاء والابداع لتطوير العدالة على مستوى الأمة، بإيمان ويقين أنه لاسمو لوطن، ولا نهضة لأمة إلا بقضاء عادل مستقل، وانتصار لرسالة المحاماة في الدفاع عن الحق والحرية وسيادة حكم القانون وإذا كان المحامون يعتزون أن يكون الشرف مهنة لهم، فانهم ملزمون تبعا لذلك بانتقاء الفاظهم وتحليهم بالقيم والمبادئ السامية، وإذا كان العدل بجناحيه المحلقين بالتعاون لا يتحقق إلا بالاحترام المتبادل، فإن الانتقاص أو القدح في جهاز من الأجهزة دون وجه حق من شأنه أن يجعل عشق المجد يتخلى عن حبر الأقلام ، ويجعل قدسية الرسالة تتلاشى في غياهب ظلمات التقهقر وانهيار اهمية ارساء قواعد العدالة، في اطار الاحترام المتبادل ،وضمان حقوق القضاة وحصانتهم واستقلالهم ،وارساء المبادئ الاساسية لحقوق الانسان والحريات العامة ،وتأمين حرية المحامين وحصانتهم في اداء رسالتهم وحرمة عملهم ومكاتبهم .

*برلمانية سابقة

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين و إنما تعبر عن رأي صاحبها حصرا.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

1 تعليق
Inline Feedbacks
View all comments
زكرياء
المعلق(ة)
25 يونيو 2020 00:19

صحيح أنّ مهنة المحاماة هي من أشرف وأنبل المهن ،لكن هل كل من يلبس بذلتها هو شريف ونبيل في ممارساته؟ والجواب عن هذا السؤال قد نجده عند مؤسسة النقيب والملفات المعروضة عليها!

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x