السحيمي : نسبة الراغبين في التعليم الحضوري تُكرم الأستاذ المغربي

عبد الوهاب السحسمي

عكس ما كانت تتوقعه وزارة التربية الوطنية من خلال بلاغ 22 غشت 2020، و الذي كان يعتمد التعليم عن بعد هو الأساس في التدريس في الموسم المقبل، اختارت الأغلبية الساحقة للأسر المغربية التعليم الحضوري لابناءها وبناتها.

الوزير أعطى عدة معطيات مغلوطة في خرجاته الاعلامية المتكررة منذ صدور البلاغ المهزلة ليوم 22 غشت والذي ترك للآباء والأمهات حرية اختيار التعليم المناسب لأبنائهم،  منها على سلبل المثال لا الحصر، أن نسبة الراغبين للتعليم الحضوري هي 80 %، وهو معطى مغلوط ومتعمد من الوزارة الوصية لتظليل عموم المغاربة بعد ان وجدت نفسها في ورطة حقيقية بعد ان انفضح بلاغ 22 غشت الذي تحدث عن التناوب في حين ان غالبية المغاربة فضلوا التعليم الحضوري.

فالوزير قدم معطى ان 80 % من الاسر فضلت التعليم الحضوري، صبيحة اليوم الثاني من الفترة التي منحها للآباء لملأ استمارة الرغبة واحالتها على المؤسسات التعليمية وذلك يوم الخميس 3 شتنبر 2020، والوزارة كانت قد حددت 3 أيام للقيام بهذه المهمة (ايام 2 و 3 و 4 شتنبر 2020)، مما يعني ان النسبة الحقيقية بكل تأكيد تفوق بكثير النسبة التي قدمها الوزير في تصريح المجلس الحكومي.

وكمدرسين ومدرسات وبحكم احتكاكنا اليومي داخل وخارج المؤسسات التعليمية، نؤكد أن نسبة الذين اختاروا تعليم ابناءهم حضوريا تتجاوز 95 %.

ويمكن إعطاء عدة تفسيرات لهذا الاقبال الذي فاق كل التوقعات على التعليم الحضوري عوض التعليم عن بعد، رغم الحالة الوبائية المقلقلة جدا والتي تزيدا استفحالا وخطورة يوما بعد يوم. فهذا الإقبال، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك بأن مكانة المدرس والمدرسة في المنظومة التعليمية باقية وقوية ولا يمكن ابدا الاستغناء عنها.

فرغم، الجهود التي بذلت للنيل من الاستاذ لتشويه صورته وتبخيس مكانته وتحييد دوره، عبر الاجهاز على مختلف حقوقه وسحله في الشوارع على مرأى ومسمع الرأي العام الوطني والدولي، واطلاق التصريحات المتوالية في الاعلام العمومي بكون ان رجل تعليم هو من يتحمل المسؤولية في كل الاخفاقات التي عرفها القطاع منذ عقود، لا زالت ثقة المغاربة في الاساتذة والاستاذات كبيرة جدا وما الارقام المسجلة حول مدى اقبال المغاربة عن التعليم الحضوري الا خير دليل على هذه الثقة.

من جهة أخرى، هذا التوجه للتعليم الحضوري بدل التعليم عن بعد، يعكس النتائج الكارثية لعملية التعليم عن بعد خلال الفترة السابقة، وهو يفنذ كل الادعاءات والتصريحات المظللة لوزير التربية الوطنية حول مدى نجاح هذه العملية خلال الموسم المنقضي.

فرغم أن المندوبية السامية للتخطيط وهي مؤسسة رسمية تحظى معطياتها بمصداقية، والتي أعطت نتائج دراسة اعدتها حول مدى استفادة ابناء المغاربة من التعليم عن بعد، ان اكثر من 83 % من التلاميذ لم يستفيدوا من التعليم عن بعد خلال فترة الحجر الصحي، استمر الوزير الوصي في تنطعه بحديثه عن نجاح فاق كل التوقعات وهو نجاح لا يوجد الا في ذهن ومخيلة امزازي ومستشاريه، يتأكد اليوم الفشل الذريع لهذا النوع من التعليم مع توجه عموم المغاربة لاختيار التعليم الحضوري.

هذا الخيار الذي أقبل عليه عموم المغاربة اليوم، هو بمثابة صفعة قوية جدا موجهة للتدبير العشوائي الارتجالي الذي يتم تدبير به قطاع التعليم في المغرب. فقبلا، مع صدور بلاغ 22 غشت، كان يؤكد امزازي بان التعليم عن بعد سيكون هو الاساس والتعليم الحضوري سيكون فقط تكميليا. اليوم، مع هذا الاقبال على التعليم الحضوري، يكون قد جعل المغاربة التعليم الحضوري هو الاساس والتعليم عن بعد هو التكميلي. وهذا يؤكد، بُعد وزير التربية الوطنية عن واقع المدرسة المغربية وعن واقع الاسر المغربية.