لماذا وإلى أين ؟

من كان منكم يشتغل “بيليكي” فليرجم الأزمي

إن الكم الهائل من التهجم، وسط القليل من الانتقاد، الذي يتعرض له النائب البرلماني عن “حزب العدالة والتنمية”، إدريس الأزمي، بعد تصريحه بأنه لن يشتغل “بيليكي”، يعبر عن أزمة حقيقية في فهم كيفية اشتغال المؤسسات الدستورية والمنتخبة، وخلط كبير بين انتقاد منظومة قوانين شرّعت التعويضات، قد تكون غير مناسبة، والمطالبة بتغييرها، من جهة والتهجم على شخص عبر عن وجهة نظر يمكن دحضها بوجهة نظر أقوى منها، من جهة ثانية. كما يظهر قدرة البعض، على تحريف وتغليف الحقد بغلاف النقد، وهو أمر بالتأكيد يخدم مصلحة من يريدون مشهدا سياسيا مضببا، ومنهجا نقديا مزيفا، ولا يخدم الاختلاف في الرأي بين أفراد المجتمع الواحد، للحفاظ على منافع ريعية تمتد في الزمان والمكان.

فهل أخطأ الأزمي عندما قال: “واش بغيتو البرلمانيين والحكومة والولاة والعمال والرؤساء والمدراء والموظفين يخدمو بيليكي ولله، وفي نهاية الشهر ميلقو ميوكلو ولادهم؟” ومن ذا الذي يشتغل بدون مقابل؟

أيها السادة والسيدات ..

منظومة تعويضات البرلمانين مشرعنة بقانون، وهو ليس بالضرورة قانون سليم. هي من مكنت البرلماني من تعويض شهري مقداره 36 ألف درهم شهريا، زائد تعويضات جزافية عن استعمال السيارات الشخصية لحاجات المصلحة، وتخفيض 50 في المائة للإقامة بالفنادق، ومجانية التنقل عبر القطارات الوطنية، وتخفيض يصل إلى 60 في المائة عن التنقل الجوي، بالإضافة إلى الاستفادة من تعويضات عن التنقل إلى خارج أرض الوطن تصل إلى 2500 درهم لليوم الواحد، بالإضافة إلى تمكين رؤساء الفرق البرلمانية ورؤساء اللجن الدائمة وأعضاء مكتب مجلس النواب من تعويضات إضافية تصل إلى 7000 درهم.

هذه المنظومة هي من مكنت رئيس مجلس النواب من راتب شهري صاف يصل 42.666 درهم، بالإضافة إلى 18 ألفا كتعويض جزافي على تمثيلية الهيئة و15 ألف درهم كتعويض عن السكن و 5000 درهم كتعويض عن التجهيز، زائد سيارة المصلحة، وسائق وطباخ، ومصاريف التزود بالماء والكهرباء وتعويضات أخرى تمكنه في المجموع من تقاضي مبلغ 80 الف درهم شهريا.

أيها السادة والسيدات ..

يستفيد الوزراء شهريا، وفقاً للظهير رقم 331-74-1، من مرتب شهري محدد في 26 ألف درهم للوزراء و20 ألف درهم لكتاب الدولة، إضافة إلى التعويض عن التمثيل بـ14 ألف درهم للوزراء و10 آلاف درهم لكتاب الدولة؛ وتعويض عن السكن مقداره 15 ألف درهم، وتعويض آخر مُحدد في 5000 درهم عن صوائر التأثيث والأواني والأدوات الزجاجية والفضية، مع تكفل الدولة بنفقات الماء والتدفئة والإنارة في سكن أعضاء الحكومة.

ويخصص ذات الظهير ثلاث سيارات للمصلحة رهن إشارة رئيس الحكومة، وسيارتان رهن إشارة كل وزير، وسيارة واحدة رهن إشارة كل كاتب دولة ونائب كاتب الدولة.

وعند انتهاء مهمتهم يتقاضون تعويضاً خاصاً يُعادل مرتب عشرة أشهر، وأترك لكم مهمة جمع المحصلة التي يجنيها الوزير خلال فترة توليه لمهامه الحكومية؟

أيها السادة والسيدات

منظومة الأجور في المغرب تخول لمجموعة من مدراء المؤسسات العمومية الحصول على رواتب وتعويضات تفوق في مجموعها 30 مليون سنتيم، مثل حالة مدير المجمع الشريف للفوسفاط الذي يتقاضى 30 مليون سنتيم، ومدير صندوق الإيداع والتدبير الذي يصل راتبه إلى 13 مليون سنتيم، ومدير الخطوط الملكية الجوية الذي يتقاضى13 مليون سنتيم، بالإضافة إلى مدير الشركة الوطنية لإذاعة والتلفزة الذي يصل راتبه على هذه المهمة فقط إلى 9 مليون سنتيم، بالإضافة إلى تعويضات عن مهام أخرى، ووالي بنك المغرب يتقاضى 20 مليون سنتيم …

أيها السادة والسيدات ..

العيب ليس في ما قاله الأزمي بخصوص العمل بمقابل، فهذه سنة الحياة منذ ظهور البشر وتوزيع العمل، ولن تجد من يشتغل بدون مقابل إلا في أعمال تطوعية اجتماعية إنسانية محدودة.

العيب كل العيب في منظومة القوانين التي تشرعن لأبشع أنواع اللاعدالة الأجرية، بحيث يصل الفارق بين الحد الأدنى للأجور (3آلاف درهم) وأعلى راتب، معلن (30 ألف درهم) عشرة أضعاف.

أيها السادة والسيدات ..

“مشي لي مقدش على الحمار يضرب البردعة”، الخلل في منظومة قوانين وجب انتقادها والضغط من أجل تغييرها. فما يتعرض له الأزمي بخصوص رفضه الاشتغال بيلكي ما هو إلى مقويات انتخابية لحزب لحزب العدالة والتنمية. فـ90% من المنتقدين والساخطين عبر وسائط التواصل الاجتماعي هم مقاطعون للعملية الانتخابية برمتها، أما الكيفية التي يدار بها هذا “الانتقاد”  تحول الأزمي إلى مظلوم. وتذكروا أن الطواف ببوحمارة على ظهر حمارة وهو في قفص جعل منه أسطورة، رغم أن حقيقته غير معلومة، وربما ارتكب جرائم لا نعرفها وكان يعاقب عليها.

أيها السادة والسيدات..

من كان منكم يشتغل بدون أجر أو يرغب في مقعد برلماني ورئيس مجلس جماعي بدون مقابل أو امتيازات أو صفقات فليرجم الأزمي، أما من كان منكم يريد العدالة الأجرية ومحاربة السياسة الريعية في التعويضات داخل المؤسسات الوطنية فعليه أن يوجه سهامه لمكمن الخلل وليس تجليات.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

7 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
ملاحظ
المعلق(ة)
17 أكتوبر 2020 11:39

لم تكن التعويضات هي سبب الهجمةالتي يتعرض لها ادريس بليكي ولكن ما أثار حفيظة الكثيرين هي انتقاده للفيسبوكيين والدعوة إلى عدم الاكتراث بما ينشرون.اليسوا جزءا من المجتمع؟ اليسواهم من اوصلوه إلى ذلك المقعد؟ مايغيظ ادريس بليكي هو وعي شريحة واسعة من المجتمع المغربي ومطالبته بالشفافية ومحاربة الريع.خلاصة القول اسي بليكي المغاربة عاقو بيكم ومايمكنش تسكتوهم بيليكي

عزيز
المعلق(ة)
16 أكتوبر 2020 23:15

المرجو من صاحب المقال ان ينور الجميع بالسؤال التالي كم يجمع الموسيو بيليكي من تعويض من خلال ،،،اكيد الاجر والتعويضات لن تنزل عن 10 ملايين في الشهر ،،،وكذالك ما هي انجازاته ?

مريمرين
المعلق(ة)
16 أكتوبر 2020 22:16

هذه ليست أول مرة يصرخ فيها المواطن بالقطع مع سياسة الريع لأن الريع فساد (فساد مقنن) . البرلماني الذي لا ينقل ألام وأمال المواطن تحت قبة البرلمان كما تعهد أثناء حملته الانتخابية هل يهديه ناخبوه الورود ؟ بطبيعة الحال سينتقدونه و بحرقة . القوانين ليست كتابا منزلا حتى لا نطالب بتغييرها. البرلماني أو الوزير ليس موظفا حتى يكون له تقاعد . بخلاف الولاة و العمال فلهم رقم التأجير ، فلا يجب الخلط.
للبرلماني كما للوزير الحق في التعويضات و لكن في حدود المعقول ، حتى لا تنهك الخزينة. هل نقول بأن الأحزاب لا تقوم بمهمتها على الوجه الأكمل؟ هي التي تصنع لنا السياسيين الذين يعرضون أنفسهم على المواطن مسلحين ب”برامجهم” و “تعهداتهم” في التسيير و محاربة الفساد ، و بعدها ينكثون بوعودهم . ألأن البرلمان و الحكومة يضمنان الأجور و التقاعد و التعويضات والامتيازات، تقف الأحزاب الممثلة في البرلمان مكتوفة الأيدي بحجة أن القوانين هي التي شرعت هذا الريع . فبالله عليك هل من المعقول أن يصرف للوزير ما يسمى ” تعويض نهاية الخدمة” ؟ ناهيك عن التقاعد . أليس هذا هدرا للمال العام و تعطيلا للتنمية ؟؟

ما شاء الله
المعلق(ة)
16 أكتوبر 2020 21:29

مقال رائع وكلام اصاب الهدف .فلا فض فوك ولا انقطع قلمك

هيثم
المعلق(ة)
16 أكتوبر 2020 21:13

فقط هناك عيب فيما يتعلق باستعمال الشعارات الدينية للوصول إلى المناصب والتهافت على التعويضات السمينة.
فهمتيني ولا… لا

مهتم
المعلق(ة)
16 أكتوبر 2020 18:42

العيب كل العيب في من يسمون أنفسهم صحافيين لكن في الواقع ما هم ادوات في يد الفساد و المفسدين
المقال مجانب الصواب تماما و اتمنى ان لا يحذف تعليقي و ساوضح خطأ الفادح الذي ارتكبه الصحفي
ان ثار المغاربة ام الفايسبوكيين او المدونين ليس على تعويضات البرلمانيين خلال ممارسة المهمة و التي يمكن أن تدخل مكان الراتب الشهري و لكن ثاروا بسبب تقاعد ريعي كيف لبرلماني ساهم مدة خمسة سنوات ان يحصل على تقاعد بعد انقضاء مهمته مباشرة بينما المواطن العادي يساهم سنوات و في الاخير يحصل على تقاعد لا يكفي حتى لمصاريف التطبيب

غيورعلى وطنه بدون مقابل.
المعلق(ة)
16 أكتوبر 2020 17:38

واسي محمد…وا ياايها السيدات والسادة..نحن لا نطالب احدا ولم نزاوك في احدا ان يشتغل بفابور..نحن لا نناقش التعويضات بل ننقاش التقاعد..من حق البرلماني ان يعوض عن تنقلاته سواء داخل الوطن او خارجه .ونريد ان يكون البرلماني او اي منتخب في غنى عن مد يده سواء للغير او للمال العام.ولكننا نرى ان الاغلبية الساحقة من المنتخبين يغتنون في ظرف وجيز بين فترة نتخابية واخرى بعد ان كانوا ربنا خلقتنا..نرى ان البرلمانيين يقاتلون من اجل الابقاء على الريع بينما نراهم في نفس الوقت لا يتحمسون للدفاع عن المال العام “الا غتناء الغير المشروع”والدي وضع في شانه مقترح قانون مند مدة طويلة ولم يبادروا الى تفعيله او المصادقة عليه لانه يمس اغلبهم.ونر ى ان اغلبهم لا يصرحون بممتلكاتهم كما ينص على دلك القانون.الم ينادي الملك بربط المسؤولية بالمحاسبة .فلمادا نرى وجوها اختلس المال العام حسب مجلس جطو ولم نراهم اما القضاء(مبديع وشدا وغيرهما كمثال)..

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

7
0
أضف تعليقكx
()
x