لماذا وإلى أين ؟

مبروكي: المغاربة حُرموا من حرية برمجة مستقبلهم وأصيبوا بقلق مزمن

في الوقت الذي أعرب فيه المغاربة مؤخرا على مواقع التواصل الاجتماعي تخوفهم من العودة للحجر الصحي لما له من آثار سلبية على نفسيتهم وكذا حياتهم ككل، أكد الطبيب النفسي جواد مبروكي أن العودة للحجر من عدمها ليست الوحيدة التي تشكل أزمة نفسية لدى المغاربة.

وأوضح مبروكي في تصريح لـ “آشكاين” أن الإشكال الحقيقي في اعتقاده يكمن في فقدان المغاربة ما أسماها “القدرة على برمجة المستقبل”، مبرزا أن الناس بصفة عامة لا يستطيعون، يسبب الجائحة، تحديد تواريخ معينة لقضاء مشاغلهم ومشاريعهم الشخصية كتغيير العمل أو الدراسة بالخارج أو الزواج أو الإنجاب أو الذهاب للعمرة والحج أو حتى السفر والتطبيب بالنسبة للناس الذين تغيرت مواعيد عملياتهم الجراحية مثلا.

وأضاف المتحدث “وحتى لو كانت هناك عودة للحجر الصحي في المغرب على غرار بعض الدول الأوروبية، فإن الأمر لن يكون بنفس الطريقة الأولى، وهذا ما فعلته الدول الأجنبية لم تتمكن من العودة للحجر الشامل، وإنما هناك ليونة في الأمر تماشيا مع الحالة الوبائية لكل منطقة”.

وشدد مبروكي على أن المغاربة بصفة عامة يعيشون قلقا مزمنا منذ تفشي الجائحة، إلا أن الأمر يزيد يوما على آخر على اعتبار أن الجائحة عالمية وقفت دول عظمى عاجزة أماماها، حيث أن المسؤولين الكبار الذين اعتادوا على تسيير مؤسسات دولهم بكل نجاح بدا عليهم العجز أما الفيروس والتي أظهرتها قراراتهم التي أحيانا تكون متناقضة بسبب تغير الوضعية الوبائية.

واعتبر أن العالم بأسره اليوم يعيش حالة انتظار فظيعة، وكأن الجميع ينتظر قطار قد يأتي أو لا يأتي والحال يتفاقم، مشيرا إلى أن حالة الترقب والقلق المزمن هذا أصاب العديد من المغارب بأزمات نفسية واكتئاب حاد، بغض النظر على العودة للحجر من عدمها وإنما بسبب ظروف الجائحة والخوف الذي خلفته في نفوسهم إلى جانب حرمانهم من حرية برمجة مستقبلهم.

واعتبر أن حرية برمجة المستقبل تسعد الإنسان وتعطيه آمالا كبيرة بالرغم من أن مخططاته قد لا تتحقق، لكن اليوم أصبح الناس أمام وضع صعب لم يختبروه قبلا وحرمهم من الحرية في الحلم التي تعد مسألة مهمة من ناحية التوازن النفسي للفرد، وبالتالي توقف مشاريعه الشخصية والفردية.

الأوضاع بصفة عامة، يؤكد الطبيب النفسي، أنها تتسبب في قلق مزمن والخوف وعدم الشعور بالثقة لا في الزمان ولا في المسؤولين ولا في المستقبل، مسترسلا “هذا الخوف وعدم الثقة والقلق المزمن يخلق الاكتئاب وعواقب الأخير وخيمة كالشلل في الحياة الشخصية والعائلية وربما التسبب حتى في الأمراض العضوية للأشخاص”، وفق تعبيره.

وأشار مبروكي إلى أن عددا كبيرا من المغاربة دخلوا في حالات الاكتئاب وحالات نفسية بسبب كورونا، إلى جانب أن هناك فئة كبيرة متخوفة من الحجر لأنه يقطع عنها مصدر روقها، وهنا وجب التفكير في بدائل ومساعدة هذه الفئة الأكثر تضررا.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x