لماذا وإلى أين ؟

رغيب: هكذا يمكن للحكومات أن تحصل على بيانات مستخدمي الفيسبوك (حوار)

أحمد الهيبة صمداني – آشكاين

ارتفعت مخاوف المغاربة مؤخرا من مخاطر استعمال شبكات التواصل الاجتماعي، في ظل ما تشكله هذه الوسائط من تهديد على بياناتهم الشخصية وعلاقاتهم الأسرية والاجتماعية عموما، وما قد يعترضهم من أعمال النصب والاحتيال مع “الارتفاع الكبير للجرائم الإلكترونية في المغرب”.

وصنف موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك المغرب في المرتبة الثانية عربيا، كأكثر الدول طلبا للحصول على معلومات وبيانات المستخدمين بهذه المنصة، ما أثار نقاشات واسعة حول “إمكانية استغلال هذه المنصة الحيوية للتجسس على المواطنين، وعن طبيعة بيانات هؤلاء المستخدمين التي قد تطلبها حكومات بلدانهم”.

وفي هذا الإطار، كشف أمين رغيب، المستشار في التكنولوجيات الحديثة والمؤثر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عن سبب احتلال المغرب للمرتبة الثانية عربيا ضمن الدول الأكثر طلبا لمعلومات وبيانات المستخدمين على فيسبوك، مبينا، في حوار خص به “آشكاين”، الطرق التي تعتمدها الحكومات للحصول على معلومات مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي.

وأعطى أمين رغيب، مجموعة من أمثلة الابتزاز وطرق الاحتيال الواقعية التي ينبغي على المستخدمين الاحتياط منها، مُنهيا حواره مع “آشكاين”، بعدة نصائح لحماية البيانات الشخصية لمستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي.

وفي ما يلي نص الحوار 

– ما تعليقكم على تصنيف المغرب الثاني عربيا في طلبات الحصول على معلومات المستخدمين فيسبوك؟

عندما نتحدث عن طلب البيانات، وأن المغرب احتل المرتبة الثانية عربيا في طلبات الحصول على بيانات المستخدمين، فعلينا أن نعرف أولا كيف تعمل الشرطة؟.

فمثلا نجد أن شخصا تقدم بشكاية للأمن مفادها أنه تعرض لتهديد أو ابتزاز من حساب فيسبوكي، فإن مؤسسة الشرطة تتواصل مع إدارة الفيسبوك لترسل لها البيانات الخاصة بذلك الشخص الذي يقوم بعملية الابتزاز للطرف الضعيف في هذه الحلقة.

من جهة ثانية، فإن الشرطة تطلب من فيسبوك بيانات المستخدمين في حالة أخرى، عندما يتعلق الأم بالمنشورات المزيفة، خاصة في فترة ظهور كورونا، عندما انتشرت العديد من المنشورات المزيفة، فبالتالي فلا يمكن لمؤسسة الشرطة أن تعرف هوية ناشري الأخبار الزائفة إلا عن طريق الفيسبوك.

وكلنا نعلم أن وزارة الداخلية اجتهدت بشكل كبير لمحاربة ناشري الأخبار الزائفة، وهذا ما يفسر، بطريقة ما، تساؤل البعض عن سبب احتلال المغرب للمرتبة الثانية؟

قد يتساءل المتابعون عن علاقة هذه الطلبات بالتجسس على النشطاء الحقوقيين؟، أجيبهم أن هذه الطلبات تدخل ضمن الطلبات التي توجهها مؤسسة الداخلية للحصول على بياناتهم، لكن ما يجب أن نتأكد منه هو أن هؤلاء النشطاء وأصوات المعارضة لن يكونوا بمئات الآلاف، بل إن الأمر يتعلق بشكل كبير بأولائك الذين يسيّرون صفحات مجهولة الهوية وما إلى ذلك، إذ أنهم سيكونون معدودين على رؤوس الأصابع ولا يمكن أن يتعدوا العشرات، ولا يمكن أن يكونوا سببا في أن يحتل المغرب المرتبة الثانية عربيا.

وعطفا على ما قلت، فإن السبب الذي جعل المغرب يحتل المرتبة الثانية هو ما أشرت له آنفا، المرتبطة بنشر الأخبار الزائفة، الابتزاز الإلكتروني، الجرائم التي يكون فيها الوسيط هو الفيسبوك.

هل أفهم من كلامك أن ارتفاع الجريمة الإلكترونية بالمغرب هو سبب تصنيف المغرب الثاني عربيا؟

أكيد، ولا يجب أن ندع مجالا لمرور المغالطات في فهم هذه الإحصائيات، لأن أي مستخدم عادي سيرى هذه الإحصائيات، سيقول أن الدولة تتجسس علينا؟، لكننا نحاول من خلال هذا الحوار أن نوضح أن مسألة التجسس في الحكومات له طريقة معينة، لأنه حتى إن أرادوا التجسس عليك فليس بالضرورة عن طريق فيسبوك أو جوجل.

وحتى لا يفهم كلامي بالغلط، على أن بعض الحقوقيين والنشطاء لا يمكن أن تطلب الدولة بياناتهم؛ لأن الدولة إن أرادت أن ترسل طلبا للحصول على بيانات شخص ما، فيجب أن يكون هذا الشخص كائنا مزعجا (“مبرزيط”)، ولكن مادامتَ شخصا عاديا متصلا عبر هاتفك وتظن أن الحكومة تتجسس عليك، فهذه مسألة بعيدة.

ارتفاع طلبات الحصول على بيانات المستخدمين في المغرب له علاقة وطيدة بارتفاع الجريمة الإلكترونية بالبلاد، لأنه وحسب الحالات التي تردنا، لاحظنا أن عددا كبيرا من المغاربة يتعرض للنصب والابتزاز الإلكتروني والتشهير وما شابه ذلك.

فالمغرب يشهد اليوم ارتفاعا في منسوب الجريمة الإلكترونية، وهذا راجع للأحوال الاقتصادية التي تعيشها البلاد، وأصبح الأغلبية يسعون لجني المال بأسهل طريقة، عن طريق هذه الجرائم الإلكترونية.

النقطة الثانية، هو أن الإنترنت أصبح ينتشر في الأوساط المغربية بشكل كبير، فأصبحت مجموعة من العائلات تستخدم الإنترنت، وفي غياب المواكبة للتعريف الناس بأخلاقيات العمل في الإنترنت، ما يؤدي إلى غياب الوعي ليكونوا عرضة أن يصبحوا ضحايا لهؤلاء الأشخاص.

– كيف يمكن للحكومات أن تحصل على معلومات المستخدمين ؟

طريقة الحصول على بيانات المستخدمين، يكون في إطار قانوني، إذ أننا نتكلم عن مؤسسة فيسبوك التي تعتمد شعارا عريضا مفاده: خلق مجتمع تواصلي آمن ” safe communicative community “، ومؤسسة فيسبوك لا بد لها أن تتعاون مع السلطات، لأن شعارها هو خلق منصة آمنة ” Safe plate “.

ومستخدمو الفيسبوك ليسوا بنية واحدة للتواصل ومشاركة الأفكار، بل هناك أشخاص مجرمون، وهم يستخدمون هذه المنصة ليقوموا بجرائم إلكترونية، ولكي نقدر على التعاون مع شرطة أي بلد، يلزما صفحة نتواصل من خلالها مع هذه المؤسسات، وقد أشرت لها في إحدى حلقاتي، وشرحت كيف يمكن للشرطة أن تطلب بيانات هؤلاء.

يكفي أن يقدم ضابط الشرطة المكلف لإدارة فيسبوك بياناته التعريفية الحقيقية ووثائق تثبت أن الذي يتواصل مع فيسبوك هو جهاز شرطة، ويقومون بالتعاون مع هذا القسم ليعطوهم المعلومات الكافية حول هذا الشخص الذي هو محل بحث.

وهناك تعاملات غير قانونية، والتي كان مجلس الشيوخ الأمريكي كان قد استدعى مارك زوكربرغ بسببها، وسأله عدة أسئلة عن بيانات المستخدمين؛ لأن الصفقات المشبوهة موجودة فعلا، ولكن هذا يكون غير معلن عنه ولا نعرف عنه شيئا، ولا نعلم هل المغرب يدخل ضمن هذه الدائرة؟، فقط عندما تقع فضيحة ما تظهر البلدان المتورطة في هذه العمليات المشبوهة.

فعندما تقول فيسبوك أن المغرب من بين أكثر الدول التي طلبت الحصول على بيانات المستخدمين، لا يجب أن نذهب دائما بمنطق التجسس على المغاربة لأن هذه المسألة خاطئة.

– بماذا تنصح مستخدمي الشبكة العنكبوتية لحماية بياناتهم الشخصية؟

هناك من يمتهن النصب، وهم يرتعون في مواقع التواصل الاجتماعي ويحاولون أن ينصبوا على الناس في وثائقهم الشخصية المرتبطة بأموالهم.
فبطبيعة الحال، عندما يرسل لك شخص غريب طلب صداقة، وتقبله، فقد يخبرك في رسالة خاصة على أنه رجل أعمال بقوله : “..ورثة 4 مليون دولار وقدمت إلى لندن لإجراء عملية، وتوفي لي زوجي وأن مريضة واخترتك أنت لتوزع هذه النقود على الفقراء..”، وللأسف الشديد هناك العديد من الناس يصدقون هذه الأمور، حتى عندما يطلب منهم هذا الشخص الغريب إرسال وثائقهم الشخصية.

ما يجب أن أؤكد عليه، أن أي شخص طلب منك إرسال الوثائق الشخصية، عليك أن تكون حذرا في هذه المسألة، لأنك إذا أرسلت له حسابك البنكي ليرسل لك أمولا، أو جواز سفرك، أو غيرها من بياناتك الشخصية، فهذه المسألة خطيرة جدا، لأن هؤلاء الأشخاص يستطيعون أن يفتحوا حسابات بنكية باسمك، ويقومون بتعاملات تجارية باسمك، وفي نهاية المطاف تكون أن الشخص الوحيد المتورط في هذه القضية.

فلهذا لا نعطي هذه البيانات كيفما كان نوعها، فالبيانات الحساسة لا نرسلها عبر الواتساب وغيره من التطبيقات، وفي الأصل لا يجب أن نرسل بياناتك الشخصية ذات الطابع الحساس، من قبيل ما ذكرناه، ولا يجب أن نرسلها عبر شبكات التواصل الاجتماعي، لأن هناك ثغرات واعتراض للبيانات وما إلى ذاك، ويمكن أن يتم استعمالها بطريقة غير قانونية.

إذن، فنصيحتي لمستعملي شبكات التواصل الاجتماعي أن ينتبهوا من تقنيات “Scammers”، الذين ينشطون في شبكات التواصل الاجتماعي، ويغررون الناس على أنهم ربحوا في جائزة أو نقود، أو إما أن أحدا على وشك الموت واختاره هو من بين جميع سكان الكوكب ليرسل له هذه النقود، فجميعهم يتبعون هذه القاعدة.

وبخلاصة “الطماع كايقضي عليه الكذاب”، فيستغلون طمع الناس ويسرقون بياناتهم بنفس الطريقة، إذ هناك من يوهم الناس أنه سيرسل لهم بضاعة ما، فيقول مثلا: سأرسل لك علبة كبيرة بها وسائد، ويوهمه أن بداخل هذه الوسائد يوجد ألماس، وان كل ما علي الضحية هو تأدية مستحقات الجمارك للحصول عليها”، ولسذاجة هذا الشخص يقوم فعلا بإرسال 5 أو 7 ملايين سنتيم؛ وهذه الحالة شبيهة بسيدة تواصلت معي تم النصب عليها في 7 ملايين سنتيم بنفس الطريقة؛ عمليات النصب هذه، كانت تتم عبر البريد الإلكتروني، لكنهم حاليا انتقلوا إلى شبكات التواصل الاجتماعي.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x